نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا من إعداد مدير مكتب الصحيفة في القدس ويليام بوث والكاتبة فرانسيس ستيد، قالا فيه إن سكان
كيبوتس شار هامكيم في شمال
إسرائيل فرحون، لأن المرشح الديمقراطي المنافس لهيلاري كلينتون للحصول على ترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة الأمريكية
بيرني ساندرز زار الكيبوتس الصغير.
ويستدرك التقرير بأن كبار السن في الكيبوتس اعترفوا بأنهم لا يتذكرون ساندرز، خاصة أن الأمر كان قبل سنوات طويلة، أما السيناتور من فيرمونت فإنه ملتزم بالصمت، مشيرا إلى أنه إلى الآن لم يؤكد أرشيف الكيبوتس أن ساندرز كان متطوعا فيه، بحسب رئيس الكيبوتس يائير ميروم، الذي أجرى معه التلفزيون والراديو عدة مقابلات بعد انتشار الأخبار بأن ساندرز عاش في الكيبوتس.
وينقل الكاتبان عن ألبرت إيلي (79 عاما) قوله إنه كان هناك شخص اسمه برنارد، وكان يستخدم اللفظ الفرنسي لاسمه، لكنه ليس متأكدا إن كان هو نفسه بيرني المشهور في أمريكا.
وتذكر الصحيفة أن إيلي وصل إلى الكيبوتس عام 1957 على سفينة قادمة من مصر، وقال إن الأسماء في السجلات الماضية ليست كاملة، وكان المتطوعون يأتون من أوروبا وأمريكا للكيبوتسات، ويذهبون بترتيب وتنسيق من حركات الشباب اليهودية.
ويورد التقرير نقلا عن إيلي قوله إنهم كانوا يقطفون الأجاص، وكانوا ينامون في الكابينات، ويتناولون طعام الإفطار في الحقول، ويقومون بالعمل اليدوي، وعاشوا الاشتراكية في الحلم والحقيقة.
ويشير الكاتبان إلى أن الصحافيين قاموا في الأسابيع الأخيرة بالبحث عن الكيبوتس المجهول الذي زاره ساندرز، وكانت هناك تساؤلات كثيرة؛ هل كان الكيبوتس بالقرب من البحر؟ هل كان فيه متطوعون من الأرجنتين؟ هل كان ماركسيا أم عماليا؟ ورفض العاملون في حملة ساندرز مرة تلو أخرى –لأسباب لا يمكن فهمها– أن يفصحوا عن اسم الكيبوتس الذي زاره ساندرز.
وبحسب التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، فإن الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان قام بعد ذلك بإعادة نشر مقال كتبه عام 1990، بعنوان "الاشتراكي الأول"، حول حملة ساندرز الأولى لدخول مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث أخبر ميلمان بأنه قضى وقتا عام 1963 في شار همامكيم ضيفا على "الحرس الشباب"، وهي حركة شبابية صهيونية.
وتستدرك الصحيفة بأن أخاه لاري ساندرز قال في مقابلة هاتفية إنه عندما سمع اسم شار هامكيم فإنه "لم يذكرني بشيء"، وشدد على أن الأمر كان قبل أكثر من 50 عاما، لكنه كان متأكدا من شيء واحد، وهو أن الزيارة كانت بعد عام 1963، ويضيف لاري أن بيرني ساندرز تزوج من زوجته الأولى ديبرا شيلنغ من بالتيمور بعد تخرجه من جامعة شيكاغو في أيلول/ سبتمبر 1964، وكانت زيارتهما لإسرائيل "جزءا من شهر العسل".
ويبين الكاتبان أن العروسين زارا إنجلترا ذلك الخريف، ونزلا في لندن، حيث قام بيرني ساندرز "الذي كان اشتراكيا في تلك الفترة ويتعلم الكثير"، بمتابعة
الانتخابات البريطانية التي فاز فيها حزب العمال في تشرين الأول/ أكتوبر، كما يذكر لاري اهتمام أخيه بالخدمات الصحية المجانية في بريطانيا.
ويورد التقرير نقلا عن لاري ساندرز، وهو أكبر من أخيه بسبع سنوات تقريبا، ويعيش في إنجلترا منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، وهو عضو الآن في حزب الخضر، وكان عضوا سابقا في مجلس بلدي، قوله إن أخاه "كان مفكرا سياسيا منذ ذلك الوقت".
ويضيف لاري للصحيفة أن أخاه وزوجته أكملا رحلتهما من إنجلترا إلى إسرائيل، وربما توقفا في طريقهما في بلدان أخرى، وهو يقدر بأنهما وصلا إسرائيل في أواخر عام 1964، أو أوائل 1965، حيث قضيا حوالي ثلاثة أشهر في كيبوتس.
ويتابع لاري ساندرز، الذي قضى وقتا في كيبوتس آخر في إسرائيل، بأن تلك الفترة كانت فترة تكوينية بالنسبة لبيرني، مشيرا إلى أن بيرني التقى وتحدث مع متطوعين آخرين، عدد منهم من الأرجنتين، كانوا يناقشون إمكانية تطبيق نظام مشابه على مستوى أوسع في أمريكا الجنوبية، ويقول: "إن بيرني كان يفكر من خلال تلك النقاشات ليس فقط بالحاجات اليومية، بل بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية، كان يفكر في الحياة اليومية، ويفكر أيضا في الصورة الأكبر، وكان ذلك مهما بالنسبة له"، بحسب الصحيفة.
ويلفت الكاتبان إلى أن لاري ساندرز لا ينظر إلى زيارته هو وأخيه إلى الكيبوتسات على أنها تصرفات صهيونية، ومع أن التطوع في الكيبوتسات أصبح أمرا أكثر شعبية بعد حرب 1967، لكنه كان عاديا أيضا حتى قبل ذلك، وقال: "معظمهم كانوا لا يخططون للبقاء، فمن هذه الناحية فهم ليسوا صهاينة"، وأضاف أن الكيبوتس كان "مكانا سهلا" للزيارة بالنسبة للشباب المسافرين للخارج لعدة أشهر وليس معهم مال.
واتصلت "واشنطن بوست" بزوجة بيرني ساندرز السابقة يوم الأحد، وتحدثت معها بشكل مقتضب، حيث قالت ديبرا شيلنغ: "لقد تم نشر القصة"، لكنها ترددت عندما طلبنا التأكيد بأن اسم الكيبوتس هو شار هامكيم، وقالت: "لا أدري، لا أستطيع التفكير".
ويفيد التقرير بأن سكان الكيبوتس، الذي يعني اسمه بوابة الأودية، لا يحاولون الادعاء بأن بيرني ساندرز واحد منهم، وفي الوقت الذي يشعرون فيه بأن حركة الكيبوتسات أدت دورا مهما في إقامة إسرائيل، يقول عدد منهم إنه ليس من المهم تحديد أي كيبوتس زاره ساندرز في الستينيات، إنما المهم أنه زار كيبوتسا.
وينوه الكاتبان إلى أنه تمت إقامة كيبوتس شار هامكيم عام 1935 من اليهود المهاجرين من رومانيا ويوغوسلافيا، وكان مرتبطا بحزب "مابام"، وهو حزب يساري عمالي مؤيد للاتحاد السوفييتي، لكنه ليس ماركسيا، ويعيش في الكيبوتس، الذي يزرع القمح والفواكه والمعروف بإنتاجه للسخانات الشمسية، حوالي 700 شخص.
وتنقل الصحيفة عن أماليا ألفا، التي وصلت إلى الكيبوتس عام 1971، قولها: "كان الأمر مختلفا في تلك الأيام الماضية، كانت اشتراكية حقيقية، كنا نشترك في كل شيء"، مشيرة إلى أنه كان هناك وقود ولكن لا أحد يملكه، وكانت السيارات والتراكتورات ملكا لمجتمع الكيبوتس، وكان السكن يوزع بحسب الحاجة وبحسب السن، وكانت رعاية الأطفال تقوم بها القرية.
ويقول يوكي زوك، وهو نحات ولد عام 1946 في الكيبوتس: "الآن وعندما أنظر لتلك الأيام وكيف عشنا، أجدها مضحكة، فكانت رعاية الأطفال في بيت للأطفال، لا أريد العودة لتلك الأيام، ولكني أنظر إليها باحترام".
وتقول ألفا للصحيفة إن أعضاء الكيبوتس كانوا يهودا وصهاينة، ولكنهم علمانيون، احتفلوا بالأعياد على طريقتهم الخاصة، ولم يكن هناك حاخامات ولا صلوات تقليدية "تخلصنا من الدين ولم نكن نهتم إن اعتقد الناس أم لم يعتقدوا". ويقول ديفيد سيفان (80 عاما)، الذي كان يعمل في الستينيات في الحقول: "كنا شبابا، وكنا نحب العمل والحياة"، لكنه لا يذكر شخصا باسم بيرني ساندرز.
وتختم "واشنطن بوست" تقريره بالإشارة إلى أن إيلي، الذي لا يذكر ساندرز أيضا، يقول إن سكان الكيبوتس سعيدون بما يسمعون عن هذا الأجنبي المشهور. ويضيف: "سأكون سعيدا إن انتخبوه رئيسا، ليس لأنه زار هذا المكان، ولكن للأفكار التي يحملها".