ملفات وتقارير

ما هي الرسائل والدلالات وراء نشر "نزهة" شاليط في غزة؟

نشرت كتائب القسام صورا لشاليط وهو يمارس حياته الطبيعية - عربي21
نحو أربعة أعوام مرت على خروج الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط من سجنه بغزة، لكن الحكاية على ما يبدو لم تنته فصولها بعد، حيث يبدأ فصل جديد بكشف "كتائب القسام" بعضا من حياة شاليط خلال رحلة أسره.

وكشفت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، الأحد، عن "وحدة الظل"، وهي الوحدة المكلفة بتأمين الجنود الإسرائيليين الأسرى. وعرضت الكتائب فيلما عن الوحدة نشر على موقعها، وتضمن صورا جديدة للجندي جلعاد شاليط في أثناء نزهة على شاطئ البحر، ومشاهد أخرى في أثناء تناوله الطعام مع عناصر الوحدة، كما كشف الفيلم أسماء عدد من عناصر الوحدة وقادتها، ممن لم يعودوا على قيد الحياة الآن.

سياسة أمنية جديدة

ورأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر، أن توالي كشف "كتائب القسام" لبعض من أسرارها العسكرية في أثناء أسر الجندي شاليط، "سياسة أمنية جديدة بعيدة عن السياسية التقليدية التي تقتضي التعتيم"، موضحا أنها "تستهدف المجتمع الإسرائيلي والرأي العام لديه برسائل عديدة؛ ليشكل ضغطا على حكومته لإحداث اختراق في صفقة تبادل جديدة تنتهي بتحرير الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى القسام".

وبيّن أبو عامر، في حديث لـ"عربي21"، أن إظهار شاليط من خلال شريط مصور، وكأنه "يعيش حياة طبيعية، من شأنه أن يؤلب عائلات الجنود الأسرى على الحكومة الإسرائيلية"، مؤكدا أن "هذا ما لا يريده الاحتلال، خاصة وأن الصور تمنح عائلات الجنود الأسرى أوراقا إضافية للضغط باتجاه إحراز صفقة تبادل أخرى"، وفق تقديره.

اقرأ أيضا: "القسام" تكشف "وحدة الظل" وتبث صورا جديدة لشاليط (فيديو)

وحول دلالات كشف القسام عن "وحدة الظل" العسكرية الجديدة لديه، قال أبو عامر إنها تأتي في إطار محاولة القسام لإبراز نفسه كـ"جيش نظامي، وليس مجموعات عسكرية كما جرت العادة، إضافة إلى ترسيخ صورته أمام المجتمع الفلسطيني كقوة عسكرية تقف على رأس الحربة في مواجهة الاحتلال، وإلى جانبها الأجنحة العسكرية الأخرى"، كما قال.

التكتيك المناسب

من جانبه، أكد الخبير في الشأن السياسي، عبد الستار قاسم، أن ما كشفته "كتائب القسام" عن "وحدة الظل" الجديدة، "تعكس قدرة كبيرة للمقاومة، وتدريبا صارما وقاسيا لهؤلاء الشباب"، موضحا أن المقاومة "تجاوزت فهلوية المراحل السابقة"، وفق قوله.

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "المقاومة أصبحت تنتهج منهجا علميا دقيقا وسليما في إعداد الوحدات المقاتلة"، مؤكدا أن هذا النهج في البناء "يبشر بخير في القدرة على مواجهة العدو الإسرائيلي".

وقال الخبير في الشأن السياسي: "إذا امتلكت المقاومة التكتيك المناسب، من الممكن أن تتفوق على أسلحة العدو المتطورة"، معبرا عن اعتقاده بأن "القدرة التكتيكية للفلسطينيين خلال ثلاث حروب في غزة؛ تفوقت على الآلة العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يدعونا إلى المزيد من التدريب والتنظيم والحرص على التسليح ما أمكن"، وفق تعبيره.

وأوضح قاسم أن تعمد "كتائب القسام" إظهار الجندي شاليط وهو يمارس حياته الطبيعية في أسره، "تظهر أخلاق المقاومة السامية والحسنة مقابل الوجه القبيح للاحتلال"، لكنه رأى في المقابل أن "القسام"، كان ينبغي عليها "ألا تنشر أسماء من شاركوا في احتجاز شاليط حتى لو كانوا شهداء؛ لأنه قد يتسبب بمخاطر أمنية تدفع ثمنها المقاومة"، مشددا على وجوب التعامل "بمعايير أمنية صارمة وشديدة".

إقرأ أيضا: كتائب القسام: هؤلاء شاركوا بشكل مباشر في احتجاز شاليط

أخلاق وثوابت 


وعلى صعيد قراءة التأثيرات النفسية لهذه الصور على عائلات الجنود الأسرى، والمجتمع الإسرائيلي بشكل عام، يرى الخبير النفسي والاجتماعي، درداح الشاعر، أن لها "دلالة واضحة على أخلاقيات جنود كتائب القسام في التعامل مع من يقعوا تحت أيديهم في الأسر".

وقال في حديثه لـ"عربي21": "هي رسالة طمأنة لعائلات الجنود الإسرائيليين الأسرى وعائلاتهم، بأن القسام يتعامل معهم بإنسانية على خلاف ما يروجه الاحتلال من أكاذيب واهية"، بحسب تعبيره.

وأشار الشاعر إلى أن المشاهد "تثبت التزام مقاتلي القسام ووفاءهم بالثوابت الوطنية، من خلال العمل الجاد على تحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى"، موضحا أن "حياة الجندي الأسير كانت الثمن الأغلى الذي دفعه الاحتلال مقابل تحرير الأسرى الفلسطينيين".

وكان محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، قد سمح، بنشر بعض التفاصيل عن عملية احتجاز الجندي الإسرائيلي شاليط.

وأسر شاليط في عملية عسكرية مشتركة مع جيش الإسلام وألوية الناصر صلاح الدين في حزيران/ يونيو عام 2006، ونجحت كتائب القسام في احتجازه مدة خمسة أعوام، حيث أفرجت عنه بموجب صفقة "وفاء الأحرار" لتبادل الأسرى، برعاية مصرية في تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر عام 2011، التي خرج بموجبها 1027 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال.