ألقى إعلاميون
مصريون موالون لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي باللائمة عليه فيما حدث في زيارته إلى العاصمة البريطانية لندن، من أزمة كبيرة إلى جانب خسارة السياحة المصرية، وسوء معاملة إنجليزية بلغت حد الإهانة، بعد الموقف البريطاني الذي اختار زيارته موعدا لإعلان أن
الطائرة الروسية سقطت بواسطة عمل تخريبي فوق سيناء.
واتهم هؤلاء الإعلاميون والكتاب الصحفيون السيسي بأنه اختار توقيتا غير مناسب لكي يقوم بزيارته، معتبرين أن الطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء البريطاني مع موضوع الطائرة تفتقر إلى اللياقة والدبلوماسية، واصفين إياها بالغطرسة، و"قلة الأدب"، وفق تعبيرهم.
في هذا التقرير ترصد صحيفة "
عربي21" ردود أفعال عدد من الإعلاميين والكتاب الموالين للسيسي على زيارته إلى لندن، وما أعربوا عنه من غضب شديد تجاه ما تعرض له السيسي في العاصمة البريطانية، من استفزاز، وإحراج، ومعاملة فظة وعدوانية، وفق تعبيرهم، ما جعل أحدهم يتمنى لو أن السيسي قطع زيارته تلك، وعاد إلى مصر.
"الأزمة كبيرة لكن مصر أكبر"
بهذا العنوان لمقاله في جريدة المقال، الأحد، شدد الإعلامي إبراهيم عيسى على أن الغرور وفهلوة الإعلام ونفاق "حب مصر"، كل ذلك لن ينفع مصر الآن.
وأضاف قائلا: "يشعر أغلبنا عن حق، إلا اللي ما عندوش دم، أن معاملة فظة وعدوانية تلقتها مصر من الحكومة البريطانية خلال زيارة السيسي لندن".
وأضاف بقوله: "كان يمكن إخبار المسؤولين الإنجليز السيسي بالنية الرسمية لترحيل السياح الإنجليز قبل أن يصل العاصمة البريطانية، وكان يمكن ساعتها أن يؤجل الزيارة، أو ألا يفاجئه رئيس الوزراء الإنجليزي بالقرار، وهو في قلب مبنى حكومته".
وتابع قائلا: "عن نفسي كنت أعتقد بأن الرد الواجب ساعتها هو قطع الزيارة الرسمية، والعودة إلى مصر، لكن عموما الأزمة كبيرة، وتتضخم".
وقال إن "الإعلام البريطاني لا يحب السيسي، ودعونا نكون صرحاء، فإن نسبة التحدي التي أقدم السيسي عليها بزيارته
بريطانيا وسط هذا العداء الإعلامي والحقوقي كانت عالية"، بحسب قوله.
وتابع بأن "السيسي فضح ما لم نكن نعرفه، وما زلنا لا نستسيغه، أن الأمن البريطاني كان شريكا في عمليات متابعة الإجراءات في المطارات المصرية، وهو نبأ يكشف أن الحكم في مصر ليس شفافا مع شعبه، وأنه مكتوب علينا أن نعرف الحقائق من خارج البلاد أو في أزمات كاشفة ما هو مخف ومختف"، وفق وصفه.
حصاد زيارة السيسي.. خسارة سياحية وغضب رئاسي
هذا ما قاله أحمد رمضان الديباوي في جريدة "المقال"، السبت، مضيفا: "في ظني أن زيارة السيسي لبريطانيا جاءت وغضب مسبق يعتمل بداخله من تصريحات
كاميرون ووزير خارجيته، وهو ما أبانت عنه ملامحه في مؤتمرهما الصحفي المشترك، لذلك كان أهم حصاد الزيارة: خسارة السياحة، وغضب الرئاسة"، على حد قوله.
وأضاف أن "المشكلة أيضا هنا في قطاع السياحة الذي تدهور منذ خمس سنوات، فعانى القطاع من تدهور متتال تمثل في انخفاض الإشغالات السياحية، وخلو القرى والفنادق والمنتجعات الشاطئية من السائحين، ما حدا بكثير منها إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمالة، ولسوف يزداد الوضع تفاقما إن أثبتت نتائج التحقيقات أن إسقاط الطائرة بفعل عمل إرهابي، ما يعني أن احتياطات الأمن في المطارات المصرية تعاني خللا ما، يضرب بسمعة مصر في مقتل، إزاء الرأي العام الدولي".
السيسي ذهب إلى لندن دون استعداد
من جانبه، اتهم هشام المياني، في جريدة المقال أيضا، السيسي بأنه "ذهب لمباحثات لندن دون استعداد كاف للتعامل مع جميع الاحتمالات، مكتفيا فقط بنظرية النفي المصري لأي شيء، مستدركا بقوله: "لكن مع وجود معلومات منمقة ومفندة قدمها له رئيس وزراء بريطانيا فإن نظرية النفي المصري لم تفلح، واكتفي السيسي بتأكيد أن مصر مستعدة لفعل أي شيء يرضي بريطانيا، ويطمئنها على مواطنيها، لعدم ضرب السياحة المصرية، جراء إجلاء البريطانيين من مصر".
وأضاف المياني أن "هذا ما بدت عليه الصورة جراء الاضطراب الذي ظهرت عليه جميع الجهات المصرية، مقابل ثبات وتحديد ووحدة في الرواية من جانب الجهات البريطانية والأمريكية".
وقال: "نتعلم من ذلك أنه لا بد من احتراف إدارة الأزمات، وتوحيد الرواية، وتقديم معلومات، وليس فقط الاكتفاء بالنفي المطلق غير المدعوم بشيء منطقي، بل إن النفي يصبح مضحكا حينما نؤكد في الوقت ذاته أننا سنعزز إجراءات الأمن، بينما ننفي في الوقت نفسه أنه تم اختراق هذا الأمن".
"المعتمد البريطاني دافيد كاميرون"
وتحت هذا العنوان، انتقد محمود خليل في جريدة "الوطن" "الطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء البريطاني مع موضوع الطائرة الروسية المنكوبة، خلال زيارة السيسي لبريطانيا"، قائلا إنها تفتقر إلى اللياقة، "وتمنح من تابعها إحساسا بأن كاميرون استعار من الذاكرة الاستعمارية قميص المعتمد البريطاني أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر"، وفق قوله.
وأضاف خليل قائلا: "بمجرد وصول السيسي إلى لندن، تعمد فيليب هاموند، وزير الخارجية، الخروج إلى وسائل الإعلام ليعلن أن لدى الحكومة البريطانية معلومات استخباراتية تشير إلى أن انفجارا وقع داخل الطائرة الروسية أدى إلى سقوطها، وبعده خرج دافيد كاميرون ليردد الكلام ذاته، ويعلن وقف الرحلات إلى سيناء، وإجلاء السياح البريطانيين من مصر عن طريق قبرص".
وتابع ساخرا: "المعتمد البريطاني دافيد كاميرون تعمد ترديد هذه المعلومات في وجود السيسي، برغم أنه كان من الممكن أن يعلن عنها، وعن قرار بلاده تعليق الطيران فوق سيناء بعد سقوط الطائرة مباشرة، كما فعلت دول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا وفرنسا، لكن المعتمد تعمد أن يؤجل إعلان معلوماته وقراراته إلى حين وصول السيسي".
"قلة أدب إنجليزي"
وفي جريدة "الوطن" أيضا، اتهمت الإعلامية لميس جابر، الإنجليز بالغطرسة، والصلف، والتعالي.
وقالت تحت العنوان السابق: "الشيء المستفز غاية الاستفزاز أن تصدر التصريحات قبيل وصول السيسي بساعات قليلة، وأيضا في أثناء وجوده في لندن، وقبل مقابلة الخواجة كاميرون، وهنا تحولت الغطرسة والعنصرية إلى قلة أدب إنجليزية، وبما أن كل حاجة إنجليزية هي أحسن حاجة في الدنيا، إذن قلة أدبهم فاقت كل أصناف قلة الأدب الموجودة في أسواق الغرب"، وفق تعبيرها.
لا تستبق التحقيقات يا كاميرون
من جهته، قال محمد زكي الشيمي، تحت هذا العنوان، في جريدة المقال: "زيارة الرئيس السيسي إلى لندن بدت مبشرة للغاية، لكنها تحولت إلى نتائج أخرى، بسبب أزمة التعامل البريطاني الغريب في أزمة الطائرة الروسية، وهو الموضوع الذي غطى على الزيارة، واستحوذ على الاهتمام كله".
وأضاف الشيمي قائلا: "من الواضح أن السياحة ستلقى ضربة جديدة، وأن هذه الضربة ستستغرق وقتا حتى تزول".
وتساءل بقوله: "هل كان حظ السيسي سيئا عندما تزامنت رحلته إلى بريطانيا مع قرار بريطاني مفاجئ، وموجة عالية من التصريحات والمواقف؟ أم أنها كانت مصيدة مدبرة لعمل مشكلة كبرى لمصر؟".
وتابع قالا: "هل إذا صدقنا توافر هذه المعلومات، ألم يكن من الأفضل، ولو من باب اللياقة أن يتم إعلانها قبل زيارة الرئيس أو بعدها، وليس في أثنائها؟".
وأضاف أن "الكلام عن تورطهم في الإضرار بالطائرة، أو أنهم يخططون لمؤامرة دولية.. إلخ، يضر أكثر مما ينفع، لا يضرهم هم، بل يضرنا أكثر، لأنه يشيع مناخا من عدم الثقة في الأجانب ينعكس على طريقة التعامل مع السياح الذين نحرص نحن عليهم أشد الحرص في مثل هذه الظروف، بخلاف أنه يشيع روحا من الاستسهال والاتكالية عند مواجهة المشكلات باعتبار كل الأزمات هي نتاج مؤامرات"، وفق رأيه.
"مسألة كبرياء"
وتحت هذا العنوان قال عبد الله السناوي: "من قواعد الاحترام إذا ما طرأ جديد يستدعي تغييرا على جدول الأعمال وأولوياته إخطار الطرف الآخر، لا مباغتته خارج قاعة المباحثات بمواقف أقل ما توصف به أنها خروج خشن على أصول الضيافة"، وفق قوله.
ومتفقا معه، تساءل رئيس تحرير "الشروق"، عماد الدين حسين: "هل من اللياقة بين الدول أن تفعل بريطانيا ذلك (تصريحاتها حول الطائرة) أثناء زيارة السيسي إلى لندن بمثل هذه الجلافة؟".
وتابع تساؤلاته: "ألم يكن هناك حلول وسط تضمن سلامة السائحين تماما، وفي الوقت ذاته لا توجه ضربة قاتلة إلى السياحة المصرية التي تعاني مصاعب جمة، بل وللاستقرار الأمني نفسه؟".
"إحراج الرئيس"
رأى سليمان جودة، في جريدة "المصري اليوم"، وتحت هذا العنوان، أن "الخارجية البريطانية قررت، في أثناء وجود الرئيس، تعليق رحلات طيرانها إلى شرم.. وكانت أصول اللياقة تقول بأن قرارا كهذا لا يليق أن يصدر في أثناء وجود رئيسنا هناك"، على حد قوله.
تعتيمنا الإعلامي دعوة للعالم لترويج نظرياته عن الطائرة
وأدان الكاتب الصحفي إيهاب تركي "الاستمرار (المصري) في سياسة التعتيم، والصمت بحجة انتظار نتائج التحقيقات".
وقال إن "نظرية التجاهل الإعلامي هدفها نسيان المشكلة، ونظرية نسيان المشكلة يعني أنه لا توجد مشكلة، أو هكذا تظن الحكومة، وضع معهم نظريات ترويج الإعلام، واتهامه بالمبالغة في المشكلة، وإثارة الرأي العام، وكل هذه النظريات تدفعنا دفعا إلى الوراء".
وتابع بأن "غياب الشفافية مضر جدا بالصحة السياسية، والتجاهل الإعلامي المحلي لكارثة دولية مثل سقوط الطائرة الروسية، لن يزيد العالم إلا ريبة وشكا في سبب سقوط الطائرة، وحتى بافتراض أن الطائرة سقطت نتيجة عمل إرهابي علينا مواجهة أخطائنا، ومراجعة أمن المطارات".
وتساءل تركي: "كيف نتوقع سير حركة السياحة بصورة عادية بعد حادث مثل هذا؟ كيف نجعل الإعلام الغربي ينقل رسائل طمأنة الشركات السياحة الأجنبية والحكومات الغربية، ونحن لا نقول شيئا؟".
ما الملفات التي يحملها الرئيس في لندن؟
أخيرا، كتب طارق أبو السعد، في جريدة "المقال" أيضا، قائلا: "السيسي يسافر إلى بريطانيا لمباحثات مع رئيس الوزراء البريطاني في وقت عصيب تمر به البلاد داخليا وخارجيا".
وأضاف أنه "يسافر في وقت حرج تمر به المنطقة العربية بأحداث تؤثر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على الدولة المصرية حكومة وشعبا، يزور بريطانيا بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني برغم وجود حكم قضائي ضده بإلقاء القبض عليه وآخرين على خلفية اتهامهم بما يسمى جريمة فض رابعة".
وقال: "أما لماذا ذهب وكيف تم تقنين الدخول والخروج دون أن تعترضه السلطات أو أن توجه تهمة خرق القانون لديفيد كاميرون، فهذا يأتي بعد ما قدمت الحكومة البريطانية حصانة خاصة للسيسي ومرافقيه مدة وجودهم في الأراضي البريطانية"، وفق قوله.