بورتريه

العامري.. قائد "المليشيا" وبندقية طهران بالعراق (بورتريه)

هادي العامري - بورتريه
مقرب مع كبار قاده فيلق القدس، وبشكل خاص من قاسم سليماني قائد "الفيلق"، وكذلك العميد إيرج مسجدي والعميد أحمد فروزنده من قادة "مقر رمضان" وغيرهم من القادة العسكريين الإيرانيين، ويتلقى أوامره مباشرة من الجنرال سليماني. 

عندما كان يعمل في الحرس الثوري الإيراني كان رقم حسابه المصرفي 3014 ورمزه في سجل المرتبات 3829597 وكان يتسلم راتبا يعادل راتب عميد في الحرس الثوري الإيراني، وكان له حضور دائم في جبهات القتال المختلفة كضابط في فيلق الحرس يقاتل في صفوفه ضد القوات العراقية، ونشرت له عدة مشاهد متلفزة وهو يصف الجيش العراقي بـ"العدو والمنافقين"، ويتكلم عن تفاصيل المعارك ضد الجيش العراقي حينها.

لعب دورا مهما في تسليط هيمنة الحرس الثوري الايراني وفيلق القدس على الأجهزة الأمنية والعسكرية والإدارية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي.

هادي فرحان عبدالله العامري الملقب بـ"أبي حسن العامري"، قائد "منظمة بدر" وقائد "كتائب الحشد الشعبي" المساندة للجيش العراقي في حربه ضد "تنظيم الدولة".

ولد في قرية الجيزاني التابعة لقضاء الخالص بمحافظة ديالى عام 1954 لأسرة وافدة على القرية التي يسكنها جمع من فلاحي البو عامر، والموظف السابق في مديرية تربية الرصافة ببغداد، والمساند لحزب "البعث" الحاكم حتى عام 1980.

زوجته إيرانية وأبناؤه يعيشون في إيران، ويقع بيته في بلدة "مفتح" في طهران حيث يسكن قادة فيلق القدس. حاصل على البكالوريوس في الإحصاء من جامعة بغداد عام 1976.

بقيت عضويته البعثية البسيطة ووظيفته الإدارية المتواضعة في الحكومة العراقية تلاحقانه وتشككان في ولائه الجديد إلى أن أثبت العكس، عندما انخرط في حرس الخميني كمقاتل شرس ضد الجيش العراقي.

وبدأ مشواره معارضا لحكومة الرئيس صدام حسين مطلع الثمانينيات، وعلى إثر إعدام المفكر محمد باقر الصدر غادر العراق إلى سوريا، وهناك اتصل بـ"المجلس الإسلامي الأعلى" بقيادة محمد باقر الحكيم ثم سافر إلى إيران. 

وأصبح في عام 1982 من مسؤولي "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" في العراق المقيمين في طهران. 

وأثناء الحرب الإيرانية العراقية (1980- 1988) كان من قادة أفواج المشاة لـ"الحرس الثوري الإيراني"، ومسؤولا عن قسم الاستخبارات ثم مسؤول عن عمليات "بدر". ويقول كتاب عراقيون إنه كان فارس تعذيب الأسرى العراقيين الأول في السجون الإيرانية.

وفي عام 1991، كلفه باقر الحكيم مهمة قيادة العمليات داخل الأراضي العراقية، فتولى مسؤولية الحركات المسلحة داخل العراق إضافة الى مسؤولية عمليات بدر.

وفي عام 1997، عين رئيسا لهيئة أركان منظمة بدر، وبعد تنحي أبو علي البصري أصبح العامري مساعدا لأبي مهدي المهندس قائد منظمة بدر، وما لبث أن أزاح المهندس في عام 2002 وتسلم قيادة فيلق بدر بدلا منه. 

وفي تلك الفترة حصل أيضا على دورة كلية القيادة والأركان المسماة بـ"دافوس" من جامعة الأمام الحسين في طهران. 

وبقي في إيران حتى عام 2003، ليقود عمليات فيلق بدر في جنوب العراق ومنطقة الأهوار. 

بعد سقوط العراق بيد الاحتلال الأمريكي، دخل العامري في العملية السياسية فترشح لانتخابات البرلمان العراقي، وفاز مع ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بـ22 مقعدا مع  كتلة بدر النيابية.

وبعد الاحتلال، استمر العامري في عمله تحت إمرة فيلق القدس، حيث يزور إيران باستمرار لتقديم تقارير وتلقي التوجيهات والإيعازات الجديدة ويلتقي مع سليماني ومسجدي وفروزنده. 

أسس في عامي 2005 و2006 جهازا باسم "الجهاز المركزي" في وزارة الداخلية العراقية حيث كانت مهمته القتل والتصفية الجسديه لمعارضي الهيمنة الإيرانية في العراق.

في عام 2006 وبأمر من فيلق القدس، نظم شبكات عمليات اغتيال ضد القوات الأمريكية وذلك بتجنيد القادة القدامى في "قوات بدر"، وكانت هذه الشبكات تعمل ضد القوات الأمريكية باستخدام العبوات الناسفة والقناصين ومختلف الصواريخ.

وكان المرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي قلقا من التطورات التي تشهدها المنطقة والأفق المنظور لسقوط النظام السوري وانهيار جبهته الإقليمية، فاستدعى أتباع إيران من العراقيين للحضور في مؤتمر تحت شعار "المجمع العالمي لأهل البيت" و"دورة الصحوة الإسلامية" في مدينة مشهد في أيلول/ سبتمبر عام 2011 . وكان هدف خامنئي من إقامة هذه الدورات الحيلولة دون انهيار جبهته في العراق وسلطته في العراق في حال تفاقم التطورات في المنطقة.

العامري شارك في هذه الاجتماعات، ومنذ أن أصبح وزيرا للنقل، فإنه وضع جل الإمكانيات في هذه الوزارة في خدمة عائلته ومنظمة بدر وفيلق القدس.. كما أنه وزع المناصب الخاصة لهذه الوزارة والمطارات العراقية وإمكانياتها في مجال النقل بين أعضاء "بدر". 

ووضع كل إمكانياتها في مجال المواصلات في خدمة  فيلق القدس بشكل كامل، بحيث يتم نقل عناصر المليشيات الخاصة للمشاركة في الدورات التدريبية في إيران ومن ثم نقلهم إلى سوريا.. فضلا عن وضع المطارات العراقية في خدمة فيلق القدس حيث يتم نقل حمولات السلاح عن طريق العراق إلى سوريا تحت غطاء الخدمات الجوية. 

ولعب دورا هاما في توفير الأجهزة التي حظرت على إيران بسبب العقوبات الدولية عبر تهريبها من الدول الأخرى إلى العراق ومن ثم إلى إيران، وأصبح العراق بفضله أول مصدر لتأمين قطع غيار للخطوط الجوية الإيرانية وبأموال عراقية.

وعمل على توفير التسهيلات في تهريب النفط الإيراني للالتفاف على العقوبات باستخدام صهاريج الوزارة لنقل النفط والمشتقات النفطية من العراق إلى إيران، وبالعكس عبر معابر حدودية في محافظة البصرة. 

وبعد سقوط الموصل وانهيار جيش المالكي، قام بحملة تعبئة واسعة لتجنيد المتطوعين بجانب "ملشيات بدر" تطبيقا للتوجيهات الصادرة عن فيلق القدس الذي خطط لتشكيل مؤسسة باسم "قوات الحرس العراقي".

وعقب الهزائم المتلاحقة التي منيت بها قوات المالكي في محافظة الأنبار في مواجهة ثوار العشائر، وضع خط تشكيل "قوات الحرس العراقي" ولكن بقوام محدود في جدول أعمال فيلق القدس.

وأوعز سليماني له بتجنيد أعداد كبيرة من المليشيات في محافظة ديالى ونقلهم إلى منطقة الإبراهيمية في كربلاء لدخول دورة خاصة فتحها فيلق القدس لهم.

وبعد إعادة التنظيم استدعى جميع قادة بدر القدامى الذين خدموا لسنوات طويلة كعميل في فيلق القدس ووزعهم وكلفهم في أفواج بمهمات قتالية. وفي هذا الإطار تم تكليف أبو مهدي المهندس قائد منظمة بدر السابق ومن القادة المقربين من سليماني، ليعمل رئيسا لأركان سليماني في العراق.

وعين خامنئي، هادي العامري نائبا لقاسم سليماني والمسؤول العام للشؤون العسكرية في محافظة ديالى، على أن تكون جميع القوات سواء من "العصائب" أم "بدر" أم "كتائب حزب الله" أم "القوات العسكرية"، تحت إمرته. 

في أواسط تموز/ يوليو عام 2014 ارتكب عناصر منظمة بدر جريمة غير إنسانية بقيادة العامري واختطفوا أعدادا كبيرة من الشباب السنة في منطقة العظيم والخالص وبعقوبة ثم قتلوهم، وعلقوا جثث الضحايا على أعمدة الإنارة والجسور في الخالص وبعقوبة تحت عنوان عناصر تنظيم الدولة.

وبوجود رئيس وزراء مثل حيدر العبادي المنزوي في المنطقة الخضراء والضعيف والمعزول، يصبح هادي العامري صاحب الأمر والنهي والطرد والتهجير.

يتصرف وكأنه هو رئيس الحكومة والقائد العام للجيش، بل إنه يضيف إلى نفسه منصبا سياسيا وعسكريا آخر مثل قائد "الحشد الشعبي"، رغم أن بيانا حكوميا صدر في نهاية ولاية نوري المالكي عيّن بموجبه مستشار الأمن الوطني فالح الفياض رئيسا لـ"هيئة الحشد"، ولكن جميع المعطيات الميدانية تؤكد أن الفياض مسمى دون صلاحيات.

يصول ويجول على السنة العرب في محافظتي ديالى وصلاح الدين، ويمارس أشنع الانتهاكات والجرائم الدموية ضدهم.

يقود عملية منظمة لتهجير 300 ألف نسمة من سكان قضاء المقدادية وتوطين إيرانيين بدلا عنهم، وسط أنباء تؤكد أن أكثر من مئة ألف إيراني كانوا جزءا من مليون زائر تخلفوا عن العودة إلى بلادهم، ويقال إن القنصلية الإيرانية في كربلاء طلبت منهم ذلك بقصد إسكانهم في المقدادية وسامرّاء بعد الانتهاء من عمليات تشريد السكان الأصليين للقضاءيْن.

يعتبر زعيم مليشيا شكلت في إيران، لم تكن تتعدى مهمتها الحشد المعنوي للعراقيين الهاربين من الخدمة العسكرية في زمن صدام حسين، وجمع التبرعات والمساعدات.

إمكانياته متواضعة وتوليه مناصب مهمة في الحكومة العراقية، وحتى منصب وزير النقل والمواصلات كان بدعم مباشر من المالكي.

يفتقر إلى الوعي السياسي والكاريزما، ولا يمتلك مقومات التحول إلى رجل دولة حقيقي، فبقي يمارس دور رجل "المليشيات" ومتلقي تعليمات طهران، وهذا ما يفسر إصراره على الظهور في الفضائيات والإعلام بالزي العسكر وسط المدن والأحياء السنية التي يستبيح كل شيء فيها بمباركة إيرانية وأمريكية وعراقية.