مقالات مختارة

من يسمع صرخات الأقصى..؟؟

1300x600
أرجو ألا تكون هذه الدعوة-كالعادة- صرخة في واد ، فالقدس التي يبدو أن إسرائيل قد استكملت مخططات تهويدها ، لا تقع تحت سيطرة حماس حتى يعتذر البعض عن عدم رفع الحصار عنها أو مساندة أهلها المعرضين للطرد والتهجير ، كما أنها مدينة لا تخص الفلسطينيين وحدهم ، (اتفاقية أوسلو لم تتطرق لإشراف السلطة عليها) وإنما تخص العرب ، المسلمين والمسيحيين معا ، وبالتالي فان الدفاع عنها ، ومواجهة ما يتعرض له سكانها الفلسطينيون من ظلم وتهجير ، يحتاج إلى وقفة عربية ، سمّها وقفة عز ، أو وقفة مناصرة: لا فرق ، فالمهم أن نحافظ على هويتها ، ونمنع المحتل من تدميرها وتغيير معالمها وإلحاقها بكيانه الغاصب. 

منذ سنوات طويلة ، بدأت إسرائيل بوضع خطة لتهويد القدس عبر اربع حلقات ، الأولى: عزل مدينة القدس عن محيطها ، وعزل المقدسيين العرب عن مؤسساتهم المدنية والإدارية والوطنية وعن أي نشاط يحافظ على ترابطهم ، والثانية: تشريع عمليات الطرد وتنفيذها بمختلف الوسائل ، والمحطة الثالثة جلب المستوطنين اليهود وإحلالهم محل المقدسيين العرب مسلمين ونصارى ، والرابعة تقسيمها زمانيا ثم مكانيا ، وقد انتهت هذه المخططات إلى نتائج مذهلة ومفزعة لا يمكن حصرها هنا ، ولكن تكفي الإشارة إلى أن إسرائيل سحبت منذ عام 1967 إلى عام 2007 نحو تسعة آلاف هوية إقامة من المقدسيين.

وفي عام 2007 فقط ، أصدرت إسرائيل رخصة لبناء أول كنيس يهودي في منطقة الحي الإسلامي ، وافتتح في أيلول من العام نفسه على بعد 97 مترا من قبة الصخرة ، ومنحت السلطات المحتلة جمعية عطيران كوهانيم التي تشرف على التوسع الاستيطاني بالقدس تراخيص ببناء 300 وحدة سكنية في حي راس العامود ، و300 وحدة في أبو ديس ،و 150 وحدة قبل جبل المكبر ، 440و في حي آرمون هانا تسيف جنوبي القدس ، وعلى صعيد الحفريات استمرت إسرائيل في العمل لإزالة التلة الترابية المحاذية لباب المغاربة ، وواصلت حفر الأنفاق لكشف الحائط الغربي للأقصى وتعريضه للانهيار .

وفي عام م2007 فقط تم هدم نحو 100 منزل للفلسطينيين بالقدس. هذا بالطبع ، غيض من فيض الإحصائيات التي وصلتنا عن الإجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس ، وتهجير سكانها العرب، آخرها قرار تهجير آلاف المقدسيين وهدم منازلهم ثم ما حدث من مواجهات داخل ساحات الأقصى انتهكت فيها حرمات المقدسيين والمقدسيات، لكن من المؤسف أن معظم الحكومات العربية والإسلامية ما تزال صامتة عن الرد على ما يحدث أو - أن شئت الدقة - عاجزة عن مواجهته ، الأمر الذي اغرى الصهاينة على الاستمرار فيه ، وعدم الالتفات إلى صرخات إخواننا المقدسيين الذين يواجهون بإرادتهم - فقط - مقررات الاحتلال وجرافاته ومستوطنيه. 

الشيخ عكرمة صبري ، أشار في تعليقه على القرارات الإسرائيلية إلى أن الاحتلال وضع مخططا يقضي بزيادة عدد اليهود في مدينة القدس الكبرى حتى يصل عام 2020 إلى مليون نسمة ، وحينها سيكون العرب أقلية يمكن إبعادها وتهجيرها نهائيا. يشار هنا إلى أن القدس - وهي اكبر مدينة في إسرائيل - قد بلغ عدد سكانها حسب إحصائيات 2003 حوالي 690 الف نسمة منهم %33 من اليهود ، و67% من العرب ، وحسب الخطة الإسرائيلية ستكون نسبة سكانها في م2020 (نحو مليون نسمة) %60 من اليهود و40% من العرب. 

ما العمل؟ اعرف أن الإجابة تحتاج إلى كثير من التفاصيل ، لكن لا بد أن تنهض حكوماتنا العربية والإسلامية ، ومؤسساتنا المدنية إلى فعل كل ما تستطيعه لمواجهة هذه الممارسات المفزعة ، والا فإننا سنفاجأ وهل سنفاجأ حقا؟، قريبا باكتمال سيناريوهات تهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وعندها لا ينفع الندم ، ولا المفاوضات ولا الاستسلام للأمر الواقع.. لأنه ببساطة لا يمكن لمسلم أو مسيحي أو مؤمن أن يقبل بذلك.. أو أن يرضى بأن يتحول مسرى الرسول عليه السلام والمكان الذي اجتمع فيه الأنبياء إلى مدينة يهودية للكنس والمستوطنين والحاخامات. 



(نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية)
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع