كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية التابعة لحزب الله، في تقرير لها، تفاصيل عن "غرفة عمليات بغداد" الرباعية ضد "الإرهاب"، التي ضمت إيران وروسيا والنظام السوري والعراق، في مركز لتبادل المعلومات.
وقالت، دون ذكر مصدر لمعلوماتها، إن التنظيم الهيكلي لهذا التحالف بات واضحا متجاوزا الشق الاستخباري، موضحة أن المهمات التي قد يناط بها مركز التنسيق، ستصبح أكثر تعقيدا وأهمية من الشق الاستخباري، مع الوقت، ليشمل جوانب أخرى من القتال في وجه تنظيم الدولة، ومنها الهجومي.
وبحسب الصحيفة، فإن خطى التعاون بين إيران وروسيا والعراق والنظام السوري، تتسارع وتتوسع، وطفت إلى السطح، من خلال ما سُمي "مركز التنسيق المعلوماتي" الذي أُعلن تشكيله في بغداد.
وكان ذلك المؤشر الأول على تعزيز الحضور الروسي العسكري الميداني في سوريا دعما لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ضمن إطار ما بات يُعرف بتحالف "4+1"، الذي يشمل الدول الأربع، بالإضافة إلى حزب الله، حيث يكون الأمر عمليا غير مقتصر على الساحة السورية، بل يشمل العراق أيضا، أو بالأحرى المنطقة كلها، حيث تنتشر المجموعات المسلحة، وفي مقدمتها تنظيم الدولة.
وأوضحت الصحيفة أن عمل مركز المعلومات هذا حرصت جهات عدة، من بينها رئاسة الحكومة العراقية، على جعله مقتصرا على الجانب الاستخباري، حيث يعنى بجمع المعلومات عن المجموعات المسلحة التي توصف بالإرهاب، وبنيتها التنظيمية، وهيكليتها، وعتادها وتسليحها، وانتشارها الجغرافي، وطرق الإمداد اللوجستي الخاصة بها، ومصادر هذا الإمداد، وما إلى ذلك من معطيات تساعد على وضع الخطط وتحديد الآليات والطرق ونوع الأسلحة التي يجب استخدامها في استهدافها.
لكن الصحيفة ذهبت إلى أن الأمر يبدو "أكثر تعقيدا مما أُعلن"، حيث إن المعلومات الواردة من بغداد تفيد بأن هذه الغرفة ستتولى من بين مهماتها، "توفير المساعدة الميدانية المباشرة خلال حصول العمليات والمواجهات".
وأوضحت أن ذلك يفيد بأن دورها يتجاوز "تقديم التقارير الاستخبارية اليومية". بل أكثر من ذلك، حيث تشير طبيعة هذه الغرفة، وطريقة تركيبها، والحرص على إبقائها بمنأى عن أي اختراق أمريكي، مباشرة أو بالواسطة.
وأشارت إلى أن هذا التحالف يتخوف "بحكم الأدلة التي تتزايد يوما بعد يوم من تورط واشنطن في صناعة هذه المجموعات المسلحة ورعايتها، وتوظيفها لغاياتها الخاصة".
تشكيل غرف العمليات
في السياق ذاته، لفتت صحيفة الأخبار إلى أن العمل على تشكيل هذه الغرفة بدأ للتوّ، مع وصول ستة خبراء من روسيا، ومثلهم من إيران، على أن يتبعهم ستة من زملائهم في النظام السوري إلى بغداد، حيث تجري الاجتماعات على قدم وساق للانتهاء من التفاصيل النهائية في أسرع وقت.
وحتى اللحظة، جرى الاتفاق على معظم النقاط المرتبطة بهذه الخطوة، في مقدمها أن مقرّ غرفة التنسيق سيكون في وزارة الدفاع العراقية، على أن يقيم أعضاؤها (ستة من كل دولة) في المنطقة الخضراء، بحسب الصحيفة.
وعن طبيعة الأعضاء، اتُفق على أن يكونوا ضباطا من الحرس الثوري الإيراني، وآخرون من الجيش العراقي النظامي ومن قوات "الحشد الشعبي"، فضلا عن الضباط المنتمين إلى جيش لنظام السوري والروسي.
وتابعت بأنه اتُّفق على أن يرأس المركز الملحق العسكري في السفارة الإيرانية في بغداد، العقيد مصطفى مراديان.
المعلومات ذاتها التي حصلت عليها الصحيفة، تؤكد أنه جرى تقسيم العمل بين مختلف الأطراف المعنية، على أن تتولى روسيا توفير الأجهزة التقنية والبرامج الفنية الخاصة، من أجل تطوير العمل الاستخباري، على أن يشمل إقامة بنك معلومات بشأن العدو (تنظيم الدولة، وكل المجموعات المسلحة الأخرى المناوئة للأسد)، وأيضا الأصدقاء، وكذلك جيوش الدول المجاورة المعنية، كذلك سيجري إعداد خرائط عسكرية لكل مناطق المواجهات.
وتتصدر مهمات هذه الغرفة تقديم تقارير استخبارية يومية، وتوفير المساعدة الميدانية المباشرة، خلال حصول العمليات والمواجهات. فضلا عن تحديد حاجات القوى الفاعلة على الأرض من جيش ومجموعات من أجل توفيرها، خصوصا تلك المتعلقة بأسلحة هجومية وصواريخ ومدفعية ومضاد للدروع.
عراقيل من الجانب العراقي
وأشارت الصحيفة التابعة لحزب الله، في سياق تشكيل هذه الغرفة، إلى أن من اللافت انعكاس الانقسامات العراقية عليها، ومحاولات البعض وضع العراقيل في وجهها، بل محاولة اختراقها لغايات لا يمكن استبعاد العامل الأمني منها، خصوصا البعد الأمريكي فيه، وفق ما أوردته.
والحديث في هذه النقطة ركز على رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي يتصدر جبهة المدافعين عن التحالف مع الولايات المتحدة، وضرورة إشراكها في كل جهد لمحاربة تنظيم الدولة.
ووفقا لمعلومات الصحيفة الواردة من بغداد، فإنها أفادت بأن العبادي فتح معركة لقصر نشاط تلك الغرفة على الجانب الاستخباري، ومنعها من القيام بأي نشاط عملياتي على الأرض. وحينما أخفق في مسعاه، فَتَح معركة أخرى عنوانها أن من حقه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة في العراق تسمية ممثلي الجيش العراقي في "غرفة التنسيق"، في خطوة تعطيه نافذة للاطلاع على جميع مداولاتها ونشاطاتها.
وأفادت الصحيفة بأن هذه الخطوة نظرت إليها الأطراف الأخرى على أنها مدفوعة أمريكيا، في محاولة من واشنطن فرض ممثل لها داخل هذه الغرفة، وإن كان بشكل مستتر.
فقد نفى المكتب الإعلامي للعبادي، الأربعاء، أن تكون العراق وافقت على تشكيل خلية التنسيق العسكري في التحالف الرباعي، في بيان له نقلته شبكة "رووداو" الكردية، حيث أورد أن "الحكومة العراقية تؤكد أن إنشاء خلية في بغداد مع
روسيا وسوريا وإيران هو فقط لتبادل المعلومات حول تنظيم الدولة، من أجل مساعدة القوات العراقية لهزيمة المنظمة الإرهابية، وحماية الشعب العراقي".
حيث أصدر مكتب
العبادي نفيا بـ"موافقة العراق على تشكيل خلية التنسيق العسكري مع الدول المذكورة، وأي ادعاء على العكس هو كاذب".
وبحسب صحيفة "الأخبار"، فإن هذا ما دفع الروس والإيرانيين إلى عقد اجتماعات خاصة فيما بينهم، أتت أولى ثمارها اجتماعات منفردة بين الروس و"الحشد الشعبي"، إضافة إلى الاتصالات التي يجريها الروس مع "وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران كما قوات "الحشد الشعبي" تظهران معاناة مستمرة نتيجة العمل مع العبادي، الذي يحرص على إشراك قوات التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة في كل عملية عسكرية كبرى تُخاض ضد "المجموعات الإرهابية".
وترى الصحيفة أن هذا الحرص أدى في أكثر من مناسبة إلى وقف مليشيات "الحشد" لهجماتها احتجاجا، لكن هذه الحالة تفاقمت في المدة الأخيرة، مع إصرار العبادي على ألا يكون للحشد أي نشاط غرب العراق، خاصة في محافظتي الأنبار ونينوى، حيث يبدو واضحا أنه يريد أن يترك هذه المنطقة لتحالف مجموعة من عشائر الغرب مع القوات الأمريكية التي تتولى عملية الإسناد.