صحافة دولية

تقرير دولي: نظام السيسي يستخدم الاغتصاب كأداة للقمع

أطلقت السلطات بعد الانقلاب يد عناصر الشرطة للاعتداء على المواطنين - أرشيفية
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا وثق فيه استخدام النظام المصري العنف الجنسي بشكل ممنهج لإسكات معارضيه.

وجاء في التقرير الذي جاء تحت عنوان: "الاغتصاب كأداة لإسكات المعارضين: انتشار العنف الجنسي من قبل الشرطة في مصر تحت حكم السيسي"، أنه بعد مرور أربع سنوات على الثورة المصرية التي نادت بالحرية والعدل والكرامة يقبع الشعب المصري تحت حكم أسوأ من نظام مبارك الذي ثاروا ضده في كانون الثاني/ يناير 2011، حيث أن عدد المعتقلين السياسيين حاليا يزيد عن 40 ألفا، وهذا هو الوجه الآخر لمصر، بخلاف ما يسعى النطام لترويجه من مشروعات مثل تفريعة قناة السويس والمؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، بحسب التقرير.

ونقل الموقع تقريرا للائتلاف العالمي لحقوق الإنسان (FIDH) يكشف "الاستخدام الممنهج للعنف الجنسي من قبل الأجهزة الأمنية في مصر"، حيث يلقي الضوء على الفظائع التي ترتكب في حق المواطنين المصريين ليس فقط في أماكن الاحتجاز، ولكن أيضا في الشارع على مرأى ومسمع الجميع. ويؤكد التقرير أن "جميع المعتقلين هم ضحايا للعنف الجنسي".

ومن خلال شهادات نقلها التقرير لضحايا العنف الجنسي، يتضح مدى بشاعة هذه الممارسات والحصانة التي يتمتع بها مرتكبيها، على حد قول التقرير.

فعلى سبيل المثال، تقول إحدى الضحايا، رفضت نشر اسمها، إنها تعرضت للاغتصاب داخل عربة شرطة أمام جامعة الأزهر. وتقول: "رأيت رجل الشرطة الذي لامس صدر إحدى الفتيات، وقلت له "إذا كنت تريد اعتقالها فاعتقلها، ولكنك ليس لك الحق في لمسها على هذا النحو". فرد عليها الضابط قائلا بالعامية المصرية: "انتي فاكرة نفسك راجل؟"، ثم جروها ونقلوها إلى سيارة شرطة، وقاموا بضربها حتى لم تستطع الوقوف وسقط عنها غطاء الرأس، ثم اعتدوا عليها جنسيا". وطلب منهم أحد الضباط أن يتوقفوا، ولكنهم استمروا في اعتدائهم.

وقال لها أحدهم: "سوف أريكي ماذا تعني كلمة رجل". وضحكوا جميعا. وأضافت الضحية: "قام أحدهم بخلع بنطاله، وجلس فوق صدري، ووضع عضوه الذكري في فمي أكثر من مرة... شعرت بالشلل التام وبدأت في التقيؤ، ثم نام فوقي، حينها قلت له إنه ليس لديه الحق في القيام بهذا، ولكنه قام بضربي على رجلي وفتحهما بعنف ثم اغتصبني، وقام بشتمي أثناء ممارسة فعله".

ويستشهد تقرير الائتلاف العالمي لحقوق الإنسان بحالات أخرى مثل حالتين لرجلين تم اغتصابهما في قسم شرطة في وسط القاهرة، بعد مظاهرة معارضه لحكم العسكر.

وقال أحدهما إنه تعرض للاعتداء الجنسي أثناء الاستجواب، حيث "طلب الضابط من زميله أن يضع إصبعه في مؤخرتي، وبالفعل قام بهذا أكثر من مرة".

وهناك شهادات أخرى من أقارب المعتقلين الذين رووا ما حدث لذويهم، مثل إجبارهم على ممارسة الجنس سويا، والصعق الكهربائي في الأعضاء التناسلية، والاغتصاب المتكرر، والاذلال.

ويشير التقرير للحصانة التي يتمتع بها الضباط، خاصة بعد وصول السيسي إلى سدة الحكم.

ونقل الموقع عن أحد القائمين على التقرير الحقوقي؛ أن حالات الاغتصاب شهدت ازديادا ملحوظا في عهد السيسي. وهذا بسبب ارتفاع عدد المعتقلين في هذه الفترة كذلك.

وترجع هذه الزيادة في معدلات الاغتصاب إلى الحرية التي يتمتع بها العاملون في الأجهزة الأمنية، حيث يتغاضى النظام عن الانتهاكات التي يرتكبونها، بل ويشجعهم على ذلك، كما يقول التقرير.

وفي حوار مع الموقع، قالت طبيبة متخصصه في العناية بضحايا العنف الجنسي؛ إن النظام المصري أشبه بالبلطجية الذين يريدون الانتقام من ثورة يناير؛ لأنها قامت خصيصا من أجل اإسقاط جهاز الداخلية: "هم يريدون أن يذكروا الناس بمن هو المسيطر على السلطة الآن".

ويشير الموقع إلى أن هذه الاعتداءات ليست بالشيء الجديد، فقد كانت تمارس تحت حكم حسني مبارك والمجلس العسكري. وقد شهدت منظمة العفو الدولية على هذه الانتهاكات.

ويقول أحد العاملين في منظمة العفو الدولية إن الأجهزة الأمنية تستخدم القوة لفرض السيطرة ولمعاقبة أي شخص يجرؤ على معارضة النظام. ولهذا هم يستخدمون العنف الجنسي.

ويبقى السؤال الآن عما إذا كانت هذه الانتهاكات ترتكب بناء على تعليمات من المسؤولين، أم أنها مجرد انتهاكات فردية يصعب توقيفها؟

وتقول منظمة (FIDH) إن السلطات المصرية مسؤولة عن تلك الانتهاكات، سواء بسبب تجاهلها لها أو إنكارها لما يحدث.

وتقول المنظمة أنه لم يحدث أي تغيير منذ خطاب السيسي في حزيران/ يونيو 2014، والذي دعا فيه إلى "إصلاح أخلاقي" في المجتمع المصري، بعد حوادث التحرش والاغتصاب في ميدان التحرير، كما أن إنشاء وحدة متخصصه لحماية المرأة من التحرش لم تغير شيئا في الواقع المصري.

فحتى الآن لم تتم إدانة سوى شخص مدني واحد فقط بتهمة العنف الجنسي، ودافع المجلس القومي للمرأة عن جهاز الشرطة، حيث قالت رئيسة المجلس ميرفت التلاوي إنه من "المستحيل" أن يرتكب جهاز الشرطة مثل هذه الاعتداءات، مشككة بذلك في شهادة إحدى الضحايا من النساء اللاتي تعرضن لاعتداءات من قبل الشرطة.

وتقول المنظمة إنه بالرغم من عدم توفر دليل على أن الاعتداءات تتم بناء على أوامر من قيادات في الداخلية، إلا أن الشكل الممنهج لتلك الاعتداءات يدل على كونها جزءا من إستراتيجيه سياسية.

وهذا ما تؤكده المنظمات الحقوقية المصرية كذلك، حيث يقول باحث في منظمة حقوقية إن رجال الشرطة ربما لا يتم تدريبهم على ممارسة أفعال مثل الاغتصاب، ولكن هناك موافقه ضمنية عليها.

الاغتصاب السياسي

ويضيف الموقع أن هناك نوعا آخر من الاغتصاب تتبناه السلطات المصرية، مثل كشوف العذرية التي تتم خارج أي نطاق قانوني، وتستهدف النساء المعارضات، وتهدف إلى إذلالهن وتدمير معنوياتهن. والفئات المستهدفة في هذا النوع غالبا ما تكون من الإخوان المسلمين أو التيارات المعارضة أو الطلبة أو المثليين.

ويقول شهود عيان إن السلطات تستخدم العنف الجنسي ضد أقارب المعتقلين أثناء الزيارات، ما يجعل المعتقلين يرفضون زيارات من ذويهم كي لا يتعرضوا لمضايقات. فعلى سبيل المثال، قال ناشط حقوقي للموقع إن أحد أقارب معتقل إخواني اشتكى مما تعرض له من اعتداء جنسي كلما زار والده في السجن، "هم يضعون أيديهم على أي مكان يستطيعون الوصول إليه"، على حد قوله. وعندما اعترض قيل له إن ضابط الشرطه المعتدي "يقوم بواجب حمايته، وبالتالي فمن حقه الحصول على بعض المتعه في مقابل ذلك".

أما محامي المعتقلين فلم يسلموا من الاعتداء الجنسي كذلك، حيث روت محامية في حوار للموقع أنها تتعرض للشتائم والتحرش الجنسي عندما تزور موكليها في السجون، كما قالت محامية أخرى مشهورة بعملها مع ضحايا الاعتداءات الجسدية؛ أنها تعرضت للاغتصاب على يد مجموعة من الجنود.

وفي البداية ظن البعض أن الاخوان هم فقط من يتعرض لتلك الاعتداءات، ولكنها أصبحت تمارس ضد المصريين من كافة الأطياف، مثل الطلبة والمحامين وذوي الاحتياجات الخاصة والمثليين والملحدين، وكل شخص معارض.

ويقول أحد الضحايا: "تلك الأفعال تهدف إلى إسكات الناس، وهي بالفعل تنجح في ذلك". ويقول آخر: "إذا كانت الدولة التي من المفترض أن تكون مسؤولة عن حماية المواطنين هي التي ترتكب انتهاكات، مثل التعذيب والاغتصاب، فهذا يعني أن المواطن لم يعد محميا. لا يشعر المواطنين هنا بالأمان".

الإذلال الصامت

وتدين المنظمات الحقوقية ما يتعرض له ضحايا العنف الجنسي من إشكالية اجتماعية، وهي صعوبة الإفصاح عما تعرضوا له، لكي لا يتم النظر إليهم بشكل دوني، حيث أن المجتمع ينظر لهؤلاء الضحايا على أنهم ذوي سمعة سيئة، مثل المثليين والنساء المناديات بالحرية. وهذا الطابع المحافظ للمجتمع المصري يتم استغلاله لابتزاز الضحايا، كما يقول الموقع.