صحافة دولية

اقتراح ترامب "لتطهير" غزة يذهل كل الأطراف ويربك دبلوماسية الشرق الأوسط

مقترح ترامب قوبل برفض عربي واسع- جيتي
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للصحفيين مايكل غوردون وألكسندر وارد، تناول مقترح ترامب تهجير سكان غزة.

وقال التقرير، إن اقتراح الرئيس ترامب، مساء السبت، بإخلاء الفلسطينيين من غزة المدمرة، كان بمثابة قطيعة حادة مع سلفه، كما أدخل مبادرة جديدة مثيرة للجدل في خططه الدبلوماسية في الشرق الأوسط.

وأضاف ترامب، أن إعادة توطين الفلسطينيين من غزة "قد تكون مؤقتة أو طويلة الأمد".

ويشير التقرير إلى أن تصريح ترامب قد يشكل تحولا دراماتيكيا في السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين، في ظل رؤساء من كلا الحزبين، ولم يشر أي رئيس أمريكي مؤخرا إلى رحيل الفلسطينيين "طويل الأمد" من غزة، التي اعتبرها معظم رؤساء الولايات المتحدة جزءا من الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف.

وقال ترامب، "إنها حرفيا موقع هدم الآن. لذا، أود أن أشارك مع بعض الدول العربية، وأبني مساكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم ربما العيش في سلام بدلا من ذلك".

واقترح مسؤولون من إدارة ترامب أن الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين يمكن أن يقدموا ضمانات بأن الفلسطينيين سيُسمح لهم في نهاية المطاف بالعودة، ورسموا ضمانا بدا مصمما لجعل الفكرة أكثر قبولا سياسيا للدول العربية.

ولم يوضح المسؤولون بعد المعايير الدقيقة للاقتراح، بما في ذلك كيفية نقل أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، وما إذا كانوا قد يحققون في النهاية تطلعاتهم لحكم أراضيهم بالكامل.

وقال ترامب: "أنت تتحدث عن مليون ونصف شخص، ونحن فقط نقوم بتطهير هذا الشيء بالكامل، كما تعلمون على مر القرون كان هناك العديد من الصراعات. ولا أعرف، يجب أن يحدث شيء ما".

وتم رفض الفكرة على الفور من قبل الأردن، الذي حثه ترامب على قبول اللاجئين من غزة مؤقتا أو على المدى الطويل. كما رفضتها السلطة الفلسطينية، التي تحكم معظم الفلسطينيين في الضفة الغربية، وحماس.

وقالت حماس في بيان: "ندعو الإدارة الأميركية إلى وقف مثل هذه المقترحات التي تتماشى مع الخطط الإسرائيلية وتتعارض مع حقوق وإرادة شعبنا".

لكنها لاقت ترحيبا من السياسي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي دعا إلى "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من القطاع ودعم الاستيطان الإسرائيلي هناك.

لم يقدم ترامب خريطة طريق واضحة لتأمين السلام في غزة إذا كان من الممكن تمديد وقف إطلاق النار هناك إلى ما بعد المرحلة الأولى التي تبلغ مدتها 42 يوما في حين يسعى إلى تحفيز العلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين إسرائيل والسعودية.

وذكر التقرير، أن "غزوة ترامب بصنع السلام في الشرق الأوسط تأتي في لحظة حرجة حيث يبدو وقف إطلاق النار الإسرائيلي مع حماس في غزة ومع حزب الله في جنوب لبنان هشا بشكل متزايد وكان المبعوث الخاص ستيف ويتكوف يخطط للعودة إلى المنطقة".

وقال جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "إنها خدعة افتتاحية مثيرة للاهتمام، لكن من الصعب أن نتخيل أنها ستحظى بقدر كبير من الجاذبية كفكرة".


وأضاف، "من المؤكد أن هذا من شأنه أن يثير قلقا عميقا في مصر والأردن، وبين حلفائهما من دول الخليج العربية، وبين الحكومات الأوروبية التي لديها مصلحة في الاستقرار في مصر والأردن بالإضافة إلى مشاعرها تجاه حقوق الفلسطينيين".

وأشار معدو التقرير، إلى أن الحرب الوحشية في غزة التي اندلعت بسبب هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قدمت لواشنطن مشكلة ملحة في السياسة الخارجية، وهي المشكلة التي اقترح ترامب أنها قد تكون خارج نطاق مسؤولية الولايات المتحدة لإنهائها.

وأقر ترامب الأسبوع الماضي بأنه "غير واثق" من إمكانية استمرار وقف إطلاق النار. وقال للصحفيين: "إنها ليست حربنا، إنها حربهم".

ولكنه سارع إلى تبنّي الفضل في إبرام وقف إطلاق النار الأولي في غزة، والذي يدعو إلى تبادل 33 رهينة تحتجزهم حماس مقابل حوالي 1900 سجين فلسطيني. حتى أن المسؤولين السابقين في إدارة بايدن يقولون إن ترامب وويتكوف كانا حيويين لإنجاز الصفقة التي طال انتظارها.

ولكن التفاوض على نهاية دائمة للصراع في غزة يمثل تحديا أكثر صعوبة لترامب وفريقه.

خلال أيامه الأخيرة كوزير خارجية بايدن، قدم أنتوني بلينكن الحجج لصالح خطة ما بعد الحرب التي من شأنها إنهاء الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة وإنشاء هيكل حكم جديد بقيادة السلطة الفلسطينية، والتي ستخضع للإصلاحات والتي ستمتد سيطرتها أيضا إلى ما هو أبعد من الضفة الغربية. ستساعد قوة أمنية عربية في السيطرة على غزة بنصيحة من الأميركيين، الذين لن يضعوا جنودا على الأرض.

ووفق التقرير، فإن "من شأن ذلك أن يمهد الطريق لإعادة إعمار غزة على نطاق واسع وبدء عملية التطبيع النهائي للعلاقات الإسرائيلية السعودية. قال بلينكن في ظهور له في وقت سابق من هذا الشهر في المجلس الأطلسي: "إن الحاجة إلى إنهاء الحرب في غزة وإيجاد طريق موثوق به إلى الدولة الفلسطينية أمر أكثر إلحاحا بالنسبة للرياض"، لتعزيز هذا التطبيع".

وبين التقرير، أن اقتراح ترامب بأن يغادر الفلسطينيون قطاع غزة حتى يمكن إعادة بنائه من شأنه أن يقلب هذه العملية الدبلوماسية المخطط لها بعناية في حين يترك الأمر غير واضح فيما إذا كان بإمكانهم بناء دولة خاصة بهم.

وقال الرئيس إنه أبلغ الملك عبد الله الثاني ملك الأردن في مكالمة هاتفية، السبت، أنه يريد أن تستقبل دولة الملك الفلسطينيين. وقال إنه يتوقع تقديم طلب مماثل للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مكالمة هاتفية قادمة.

وعندما سئلوا عن خطة ترامب، قال مسؤولون في الإدارة يوم الأحد إنهم ينظرون إلى غزة على أنها أرض قاحلة مليئة بالأنقاض والذخائر غير المنفجرة، والتي سيتم تسهيل إعادة إعمارها إلى حد كبير برحيل سكانها.

وقال مسؤول كبير في إدارة ترامب: "لا يمكنك أن تطلب من الناس البقاء في مكان غير صالح للسكن لأسباب سياسية"، وأضاف أن الفلسطينيين قد يحصلون على ضمانات بأنهم قد يعودون في نهاية المطاف بعد مفاوضات مع الشركاء الإقليميين.

قال غوردون سوندلاند، الذي كان سفير ترامب لدى الاتحاد الأوروبي خلال فترة ولايته الأولى، في مقابلة إنه رأى خططا لتحديث البنية التحتية في المنطقة أثناء المفاوضات بشأن اتفاقيات إبراهيم، وهي مجموعة الاتفاقيات التي قامت بموجبها الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأضاف في مقابلة أنه طالما كانت هناك "ضمانات قوية" لضمان عودة الفلسطينيين إلى ديارهم في غزة، فإن اقتراح ترامب كان "فكرة رائعة".

وقال السناتور ليندسي غراهام (جمهوري، ساوث كارولينا) في برنامج "حالة الاتحاد" على شبكة سي إن إن: "فكرة أن جميع الفلسطينيين سيغادرون ويذهبون إلى مكان آخر، لا أرى أن هذا عملي جدا".


وبين التقرير، "لقد رفضت مصر والأردن الفكرة منذ فترة طويلة بسبب أمنهما والعبء الاقتصادي الذي يتوقعانه في استقبال العديد من الفلسطينيين في غزة. وهناك مخاوف أخرى تتلخص في اتهامهم بالتشجيع على ضم إسرائيل للقطاع إذا منعت إسرائيل الفلسطينيين من العودة".

وقال فرانك لوينشتاين، المفاوض الإسرائيلي الفلسطيني السابق في وزارة الخارجية: "إن تشجيع 'الهجرة الطوعية' للمدنيين من غزة كان منذ فترة طويلة حلما يراود المتطرفين الأكثر تطرفا في إسرائيل".

ومن بينهم بن غفير، الذي استقال من منصبه كوزير للأمن القومي الإسرائيلي؛ بسبب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وأشاد بخطة ترامب وحث نتنياهو على دعمها. 

ويقول مسؤولون سابقون إن قرار اليمين المتطرف في إسرائيل بتبني اقتراح ترامب جعل كسب الدعم العربي للمبادرة أكثر صعوبة.

وقال مسؤول أمريكي كبير سابق: "إن فكرة قبول مصر والأردن لعدد كبير من الفلسطينيين في غزة غير واردة. كانت هذه خطوطا حمراء لكلا البلدين قبل أزمة غزة، ولا تزال خطوطا حمراء أكثر حدة الآن".