حقوق وحريات

منظمة حقوقية تندد بإفلات مرتكبي مجزرة رابعة من العقاب

مطالبات بمحاكمة قادة الانقلاب والمسؤولين عن مجزرة ميداني رابعة والنهضة - عربي21
تناولت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، الجمعة، في تقرير لها وصل "عربي21" نسخة منه، بعنوان "مجزرة رابعة ...الإفلات من العقاب"، جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها النظام المصري في ميدان رابعة والنهضة وميادين أخرى في 14آب/ أغسطس 2013، وسلط التقرير الضوء على مسؤولية المجتمع الدولي الذي فشل بمنع الجريمة، ومرة أخرى بعد وقوعها، فلم يقم بما يلزم للتحقيق في الأحداث، وتقديم المسؤولين عنها للمحاسبة.

وأوضح التقرير أنه هذه المذبحة ما كانت لتحدث دون ضوء أخضر من المجتمع الدولي، فقد أخذ صناع القرار في العالم علما بأن النظام في مصر مستعد لأن يذهب لأبعد مدى في سفك الدماء، فكانت مذبحتا الحرس الجمهوري والمنصة أولى اختبارات النظام للمجتمع الدولي، وعندما وجد هؤلاء لا ينوون على شيء سوى الشجب والاستنكار، بدأ يعد العدة لفض اعتصامي رابعة والنهضة، فصدر قرار النائب العام والحكومة المصرية بتاريخ 31 تموز/ يوليو2013 بفض الاعتصامين.

وبحسب التقرير، كان هناك فرصة أمام المؤثرين في القرار المصري لمنع مجزرة محتملة، إلا أن أحدا لم يتحرك، وبقيت تصريحات المسؤولين في العالم تدور حول ضبط النفس، ونقل السلطة، وإجراء انتخابات، ونسي هؤلاء حق الناس في الحياة، وتركوه نهبا لنظام دموي.

وأشار إلى أنه في أكبر عملية تحريض إعلامية لم يشهد تاريخ المهنة مثيلا لها، قامت وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومكتوبة بشيطنة المعارضين الذين تظاهروا في مختلف ميادين وشوارع مصر، واتهمتهم بكل أنواع الإرهاب بحيازة أسلحة، وحتى تصنيع أسلحة كيميائية. 

وقالت إن "برامج التوك شو" استضافت محللين وعسكريين وخبراء أمنيين ليسدوا نصيحتهم للأجهزة الأمنية بضرورة القضاء على المتظاهرين، ولا ضير من سفك الدماء.

وبعد أيام من التمهيد الإعلامي والسياسي وبث خطاب الكراهية، أصدر النائب العام المصري  قراره بفض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، وغيرها من الميادين المصرية، لتقوم أجهزة الأمن المصرية الشرطة والجيش وباستخدام الأسلحة الثقيلة والقناصة، للفتك بالمعتصمين السلميين في الميادين كافة، ليسقط مئات الضحايا بين قتيل وجريح.
 
وأضاف تقرير المنظمة الحقوقية، أن محاولات الضحايا كافة أو أسرهم  للحصول على فرصة لملاحقة مرتكبي هذه الجريمة لم تفلح، فالنيابة العامة ومنذ اللحظات الأولى تحولت لأداة قمعية جديدة مثل الشرطة والجيش، يستخدمها النظام للبطش بالمعارضين، وإصدار آلاف القرارات باعتقالهم، واستمرار حبسهم دون أي مبرر قانوني، وفي المقابل توفير الحماية الكاملة لأفراد الأمن وقيادته التي تورطت في تلك المجازر.
 
وبيّن التقرير أنه جرى بعد المذبحة تشكيل لجنتين محليتين للتحقيق في الأحداث، واحدة شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان ـ مؤسسة شبه حكومية ـ والأخرى شكلت بقرار رئاسي للتحقيق في الأحداث، وتبين بعد صدور تقاريراللجنتين أنهما لم تشكلا إلا لغسل جرائم النظام لإسكات المطالبات المحلية والدولية لملاحقة المسؤولين عنها، وبالتالي تعزيز الإفلات الكامل من العقاب حيث انتهى كلا التقريرين إلى تحميل المعتصمين مسؤولية الجرائم التي وقعت. بينما اقتصرت انتهاكات الشرطة على أخطاء إدارية وإجرائية.

وقالت المنظمة إنه بعد مرور عامين على أكبر جريمة قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث، لم تقم أي جهة محلية أو دولية بالتحقيق الجاد بما حدث ولا يلام في هذا النظام المصري، لأنه هو من ارتكب الجريمة، إنما يلام المجتمع الدولي الذي يملك من الآليات ما يمكنه من التحقيق ومحاسبة المسؤولين.

وأشارت أنه طوال سنتين فشلت الأمم المتحدة باتخاذ أي إجراء للتحقيق في هذه الجريمة، وتقلصت المطالبات الدولية بفتح تحقيق في تلك الأحداث، وعادت العلاقات تباعا مع النظام المصري على الرغم من استمراراه في المسار الدموي.

الأخطر من ذلك، حسب التقرير، فإن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وخلال المراجعة الدورية الشاملة للملف المصري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، أحال الملف للجنة ترويكا (لجنة ثلاثية) مع توصيات هزيلة من الدول الأعضاء ،لجنة الترويكا مكونة في أغلبها من دول معروفة بدعمها للنظام المصري ومشهود لها بالقمع، بل إن إحدى هذه الدول وإلى وقت قريب من تاريخ المراجعة شهدت انقلابا عسكريا وهي بوركينو فاسو، لتكون النتيجة الطبيعية المصادقة على الملف المصري بتاريخ 20 آذار/ مارس 2015 .
 
وأضافت في التقرير أن الجريمة التي ارتكبتها قوات الجيش والأمن بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة التي راح ضحيتها المئات، وغيرها من أحداث القتل الجماعي والاعتداء بالقوة المميتة على تجمعات سليمة، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، تمت في إطار خطة شاملة ومنهجية للقضاء على جماعة معينة، بسبب انتمائها الفكري، وهي بهذا المعنى ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وفق المنظمة.
 
واتهم التقرير قوات من الجيش والشرطة بتنفيذ هذه الجرائم، بناء على أوامر مباشرة صادرة لهم من القادة السياسين والعسكريين والأمنين وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع وقتها، والرئيس الحالي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، وورئيس الوزراء حازم الببلاوي وأعضاء حكومتة مصدري قرار فض الاعتصامات، والرئيس المؤقت عدلي منصور ومجلس الدفاع والأمن القومي الذي أشرف على تنفيذ تلك الجرائم. 

إلى جانب هذه الأسماء قالت المنظمة إن مجموعة أخرى متهمة بالاشتراك في ارتكاب تلك الجرائم، ومنهم النائب العام السابق هشام بركات بإصداره تفويضا غير قانوني لقوات الأمن للقيام بفض الاعتصامات كافة دون تحقيق جاد ومحايد، كما أدى رجال أعمال مالكين لقنوات إعلامية وصحفيون وكتاب ومثقفون دورا كبيرا في التحريض على ارتكاب أعمال القتل، ما يجعل هؤلاء شركاء فيما حدث.
 
وختمت المنظمة تقريرها بالقول: "ظاهرة الإفلات التام من العقاب في مصر، توجب على المجتمع الدولي وأمين عام الأمم المتحدة تشكيل لجنة تقصي حقائق كاملة الصلاحيات؛ للكشف عن الجرائم التي ارتكبت عقب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وتقديم المسؤولين عنها للعدالة".