نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول إمكانية سحب صفة
الدولة على
تنظيم الدولة، حيث يرى غيوم لاغان، الباحث الفرنسي في الجماعات المتطرفة، أن هذا التنظيم يستجيب لكل المعايير
القانونية للاعتراف به كدولة.
وقالت الصحيفة؛ في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تنظيم الدولة ربما يكون مستجيبا للمعايير القانونية التي تكسبه صفة الدولة، فقد أنشئ هذا التنظيم سنة 2006، وأطلق على نفسه "الدولة الإسلامية في العراق"، وفي عام 2013، أصبح يُطلق عليه "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وكثيرا ما يستخدم المعارضون لهذا التنظيم اختصار التسمية "داعش" لأنهم لا يريدون الاعتراف به كدولة وللتأكيد على طبيعته كجماعة إرهابية.
وإن ثبتت وحشية هذا التنظيم، إلا أن السؤال الذي يُطرح هو هل يستجيب تنظيم الدولة للمعايير القانونية للاعتراف به كدولة قائمة الذات؟ وبحسب الصحيفة فإنه بموجب القانون
الدولي، ولقيام دولة ما يجب الاستجابة لثلاثة شروط تراكمية تمت الإشارة إليها سنة 1933، في اتفاقية مونتيفيديو لحقوق الدول وواجباتها. أما الشرط الأول هو وجود السكان.
إذ أنه في عام 1975، أكدت محكمة العدل الدولية بأنه يمكن الاستناد على وجود القبائل في الصحراء الغربية منذ القرن التاسع عشر للموافقة على مطالبة، هذا الإقليم باستقلاله باعتبار أن هذه الأراضي لم تكن مجهولة ومن دون سكان. وتنظيم الدولة يستوفي هذا الشرط، حيث قامت سياسة التطهير العرقي والديني التي انتهجها هذا التنظيم، إلى تأسيس مكوّن مجتمعي عربي وسني.
وأضافت الصحيفة أن الشرط الثاني لوجود دولة يتمثل في وجود الأراضي، ويمتد تنظيم الدولة بين العراق وسوريا، حتى أن حدود سايكس بيكو المرسومة في نهاية الحرب العالمية الأولى لم تعد موجودة.
ومع ذلك، فإن هذه الأراضي غير ثابتة وتتغير حسب المعارك، كما أن تنظيم الدولة لا يمارس السيادة الكاملة عليها، وهذا الشرط تم التطرق إليه في النزاع حول جزيرة "بالماس" بين الولايات المتحدة وهولندا عام 1928. كما رفضت الأمم المتحدة، ولفترة طويلة الاعتراف بفلسطين بسبب عدم الاستجابة لهذا الشرط، وهو عدم وجود حدود ثابتة مع إسرائيل.
كما أوضحت الصحيفة أن الشرط الثالث يتمثل في وجود حكومة. وتنظيم الدولة الذي وضع على رأسه خليفة، مع دفعه لرواتب موظفي الخدمة المدنية، ومع تأمينه لبعض الخدمات العامة الأساسية، يمكنه الإيفاء بهذا المعيار.
ومع ذلك لا يعتبر هذا الشرط ضروري وفقا للمبدأ الذي وضعه الوزير المكسيكي "استرادا" في عام 1930 باعتبار أن وجود حكومة غير ضروري، ويعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة. وأضافت "لوفيغارو" أن الشرط الأخير؛ هو الحصول على اعتراف الدول الأخرى.
ويبقى تنظيم الدولة إلى حد هذا التاريخ غير معترف به، من قبل أي دولة أخرى. إلا أن هذا العنصر الرابع، الذي تم التطرق إليه في أواخر القرن التاسع عشر من قبل الألماني جورج جيلينيك، لم يعد له أهمية كبرى؛ فخلال فترة استقلال دول الجنوب من القوى الاستعمارية، مثل الإعلان الذاتي لتأسيس الدولة حقيقة موضوعية لا تتوقف على اعتراف الآخرين.
كما تساءلت الصحيفة عن وجود معايير، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فمنذ رفض وزير الخارجية الأمريكي ستيمسون الإعتراف بدولة مانشوكو، التي أسسها اليابانيون في ثلاثينات القرن العشرين، أصبح القانون الدولي يدين تأسيس الدولة بالقوة المسلحة، كما يقضي باحترام المعاهدات التي تحمي حقوق الإنسان. وأوردت الصحيفة أنه في الممارسة العملية تسود الواقعية. وقد ظهرت في القرن العشرين العديد من الدول الشمولية التي تم الاعتراف بها. وهكذا، بعد الثورة الدموية لسنة 1917، أنشأ الحزب البلشفي دولة جديدة على أراضي روسيا.
وقتل البلاشفة القيصر وعائلته والآلاف من المعارضين. ومع ذلك فإن الاتحاد السوفياتي، الذي لقي معارضة في البداية من قبل الغرب، تم الاعتراف به أخيرا في عام 1920. وفي الختام قالت الصحيفة؛إن لم تتمكن لغة السلاح من تسوية القضية في الأشهر والسنوات القادمة، وإزالة تنظيم الدولة من خارطة الشرق الأوسط، سيصبح التعامل مع هذا التنظيم، الذي يعمل على إرساء دعائم الدولة، أمرا معقدا جدا.