قال مسؤول سعودي، فضل عدم ذكر اسمه، الثلاثاء: "إن اتفاق
إيران النووي مع القوى الدولية سيجعل الشرق الأوسط جزءا أكثر خطورة في العالم لو صاحبته تنازلات كثيرة في إشارة للقلق العميق الذي تشعر به دول الخليج العربية حيال الاتفاق".
ويخشى السعوديون والحلفاء الخليجيون أن يؤدي الاتفاق، الذي سينهي عزلة إيران ويحرر اقتصادها من قبضة العقوبات، لمنح طهران قوة إضافية، لدعم خصومهم في الشرق الأوسط.
وبعد عشر ساعات من الإعلان عن الاتفاق في فيينا، لم يصدر عن السلطات
السعودية إلا رد فعل علني مقتضب، لكن المسؤولين داخل الغرف المغلقة عبروا عن خشيتهم من تأثير محتمل في منطقة تشهد منذ فترة طويلة تنافسا بين السعودية السنية وإيران الشيعية على النفوذ.
ورغم الاعتراف بأن الاتفاق الموقع في فيينا سيعني "يوما سعيدا" للشرق الأوسط لو منع إيران من امتلاك ترسانة نووية، فإن المسؤول السعودي قال عبر إحدى شبكات التواصل الاجتماعي إنه يخشى أن يسمح بدلا من ذلك لإيران "بنشر الفوضى في المنطقة."
وقال إننا عرفنا من خلال جيرتنا لإيران في آخر 40 عاما أن النوايا الطيبة جعلتنا نحصد المر.
ورغم الترحيب العلني الفاتر بالمفاوضات، إلا أن المسؤولين السعوديين أكدوا في السر أنه لا يمكن الوثوق بإيران.
وترى السعودية في دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد، وللمجموعات الشيعية في العراق، ولحزب الله اللبناني، وللحوثيين في اليمن، دليلا على سعيها للهيمنة على الشرق الأوسط، وتمكين نفسها وحلفائها الشيعة.
وفي تعليقها على
الاتفاق النووي مساء الثلاثاء، أكد بيان مقتضب نشر في وسائل الإعلام على أهمية وجود آلية تفتيش صارمة مع آلية لإعادة فرض العقوبات.
لكن صحفيين وعلماء الدين ومحللين اندفعوا أكثر في التعبير عن تلك المخاوف التي تمضي جنبا إلى جنب مع الشعور بأن الولايات المتحدة -أهم حلفاء السعودية- قسمت الآن ولاءاتها، بعدما ساعدت إيران على الخروج من العزلة.
وقال محمد المحيا مقدم النشرات الإخبارية في القناة الأولى بالتلفزيون الرسمي السعودي بحسابه عبر موقع تويتر: "إيران أوجدت الفوضى في الوطن العربي، وستسعى لأكثر منها بعد الاتفاق.. يجب على دول الخليج إعدام الثقة بأمريكا، والتوجه للروس والصين."
قبل أشهر قليلة، أرسل السعوديون طائرات مقاتلة لقصف قوات الحوثيين الشيعة الذين استولوا على السلطة في اليمن جارتهم الجنوبية، والذين تقول الرياض إن إيران تدعمهم، وهو شيء تنفيه طهران.
وقال عبد العزيز الصقر رئيس مركز أبحاث الخليج -ومقره جدة- إن السعودية لن تشعر باندفاع للحرب بصورة غير مباشرة مهما بلغ نفوذ إيران.
وقال أيضا في حسابه على تويتر إنه لو كانت إيران عازمة على توسيع نفوذها واستخدام الطائفية سبيلا لتحقيق ذلك.. حينها أعتقد أنهم سيدفعون السعودية لخوض حرب بالوكالة.
ولم تبلغ الرياض واشنطن بتدخلها في اليمن إلا قبل ساعات من حدوثه، في إشارة إلى أنها لم تعد تنظر للولايات المتحدة ضامنة لأمنها، ولاستعدادها لتنفيذ سياسة خارجية خاصة بها.
وكتب صالح الراجحي مدير مركز الدراسات الأمريكي في معهد الدراسات الدبلوماسية بالرياض على تويتر يقول: "استسلم الشيطان الأكبر، ومعه الأوربيون، لإيران وهم صاغرون، فقد أثبتت إيران الإرهابية أنها على حق وهم على باطل."
وأضاف مازحا أنه لم يتبق إلا أن تزور الولايات المتحدة قبر الزعيم الأعلى الإيراني الراحل آية الله الخميني "للتبرك."
وعقد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري سلسلة اجتماعات لطمأنة الدول الخليجية أثناء المساعي للتوصل للاتفاق، وكان آخر الاجتماعات في كامب ديفيد في أيار/ مايو الماضي.
ولا يشعر عرب الخليج بأن في هذه التطمينات ما يكفي، خاصة السنة الذين يرون الرد الدولي غير ملائم على الحروب في العراق وسوريا واليمن؛ حيث يشكل السنة أغلبية من مئات الآلاف الذين تعرضوا للغزو أو شردوا من منازلهم.
وهنأت الإمارات والكويت إيران على الاتفاق النووي، لكنهما وراء الستار لا تزالان تشعران بالقلق. أما سلطنة عمان -التي توسطت في محادثات عام 2013 أدت في النهاية لهذا الاتفاق- فوصفته بأنه "نصر تاريخي للطرفين."