سياسة عربية

مفاوضات الأسرى: هل تقود إلى صفقة سياسية بين حماس وإسرائيل؟

فيلم أنتجته حماس عن أسر شاليط ـ أرشيفية
في ظل حديث مصادر إعلامية عبرية، عن دور تقوم به المخابرات الألمانية "بجس نبض" مواقف حركة حماس، في محاولة منها للتوسط في قضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة في قطاع غزة؛ يرى محللون سياسيون فلسطينيون أن هناك صفقة ستتم  لكن ما يميزها أنها ستكون ممزوجة ببعد سياسي.

وقال المحلل السياسي أيمن يوسف، في تصريح لـ"عربي21"، إن "أي صفقة قادمة لتبادل الأسرى سيوازيها صفقة سياسية تتمثل بهدنة لـ15 عاما وتسهيل إعادة الإعمار، وذلك برعاية قطرية تركية".

فيما قال الصحفي عاطف أبو الرب، أن "الصفقة ستتم، لكن يبقى التوقيت، فأمر ذلك غير واضح، فإسرائيل من جهتها، ورغم أهمية استعادة أسراها أو جثث جنودها، إلا أنها شرعت قانونا بعد صفقة شاليط قيدت فيه الحكومة في تنفيذ اتفاقيات تبادل أسرى".

وتابع أبو الرب، في تصريح لـ"عربي21"، حركة "حماس من طرفها ستتشدد بمطالبها، وستسعى للحصول على ضمانات دولية تحافظ من خلالها على إنجازاتها، خاصة بعد أن اعتقلت إسرائيل معظم محرري صفقة شاليط، لذا أرى أن توقيت أي تبادل يبقى مرهونا بعوامل كثيرة، ولن يكون قريبا".

بدوره قال المحلل السياسي خالد معالي، إن "الصفقة حاصلة كتحصيل حاصل، وستتم بأسرع من صفقة شاليط، ولكن الاحتلال يتلاعب بالأعصاب، ويشن حربا نفسية على المقاومة بغزة".

وسجل خالد معالي، في تصريح لـ"عربي21"، "لكنه سينصاع لمطالب المقاومة في المحصلة النهائية كون المقاومة لديها أوراق ضغط حقيقية، والاحتلال أجرى سابقا صفقات عدة ولن تكون هذه الصفقة استثناء".

وبرر معالي سرعة إبرام الصفقة إلى "أن الاحتلال بحاجة لاستقرار داخلي بعد أن اجبر على كشف ما لدى المقاومة من أسرى، ولو جزء منه، ونتنياهو هو من أجرى الصفقة السابقة وليس غيره، والأوضاع الداخلية في دولة الاحتلال خاصة مع غضب الفلاشا لا تسمح بالمماطلة".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كلف ضابط الاحتياط في جيش الاحتلال، ليؤور لوتين، بإدارة ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن مصادر لم تحددها قولها، إن نتنياهو كلف لوتين بترؤس طاقم مختص بالتعامل مع "مسألة وجود إسرائيليين في غزة".

ويشير هذا إلى احتمال انطلاق مفاوضات مع حركة حماس، لاستعادة المفقودين، حيث جرت العادة في إسرائيل على تكليف شخصيات في مثل هذه الملفات حال بدء المفاوضات من أجل استرجاعهم.

هدنة طويلة الأمد

أوضح المحلل السياسي أيمن يوسف، أن "هناك نظرة أعمق وشاملة وتركيز على البعد السياسي، بما في ذلك من هدنة ورفع للحصار، خاصة أن هناك مساع إقليمية يمكن لحماس الاستفادة منها كالمساعي التركية والقطرية والرضا السعودي، وفق تعبيره، لكنه استبعد موافقة إسرائيل على إنشاء ميناء أو مطار في غزة".   

ويعتقد عاطف أبو الرب، أن إسرائيل من خلال ما تقوم به تسعى لتحقيق اتفاق هدنة، ويمكن أن يكون مفتاح الصفقة توقيع اتفاق هدنة طويلة الأمد، مقابل تسهيلات تقدم لحماس من بينها المعابر والميناء، وهذا مرتبط في ظل ما يتم تسريبه عن اتصالات تتم من خلال وسطاء أوروبيين.
واتفق خالد معالي مع ما قاله يوسف وأبو الرب، وقال "من المرجح أن تتزامن صفقة تبادل الأسرى مع صفقة سياسية وهدنة طويلة الأمد حماس بحاجة لها نتيجة لشدة الحصار، والاحتلال أيضا بحاجة لها كون المخاطر تتعاظم من حوله نتيجة الحروب الداخلية العربية المتقلبة الأحوال والظروف".

تخوفات من تعزيز الانقسام

في ظل هذه المعطيات، عبر أيمن يوسف، عن تخوفه من صفقات سياسية تؤثر على إقامة دولة فلسطينية وتكرس الانقسام، فالاحتلال برأيه "يستخدم الباب الدوار، ويعتمد على استراتيجية التفكيك، مستغلا معاناة الفلسطينيين والحصار والخلافات الداخلية".

أما خالد معالي، فيرى أن الانقسام لن يتعزز بصفقة كهذه، لأن "الأسرى هم عنوان ضغط قوي لإنهاء الانقسام أو لتقريب الملفات المختلف عليها، وكذلك ستكون عنصر ضغط قوي من قبل الشارع لإنهاء الانقسام ما لم يتم العرض لضغوط خارجية أقوى من عناصر الضغط الداخلي".

ونفى خالد معالي، أن تكون أي صفقة سياسية مع غزة ستعزز الانقسام أو تهمش السلطة، وقال: "هذا الطرح في حال كانت الصفقة لا تؤكد على وحدة الحال بين الضفة وغزة، والمقاومة لن تنخدع ولن تقبل ذلك"، والصفقة السياسية لن تكون إلا في صالح القضية، وبالنسبة لتهميش السلطة؛ غير وراد فقد كانت موجودة قبل عام في المفاوضات مع الاحتلال لوقف حرب غزة".

الوسطاء

لعبت أطراف عدة دور الوسيط في صفقة شاليط، منها مصر وألمانيا، لكن يبدو أن هناك بعض التغيرات في الوسطاء خلال هذه المفاوضات.
  يرى يوسف أنه "من الممكن أن يكون هناك دور ألماني في موضوع الأسرى، بينما الدور في الصفقة السياسية سيكون لقطر وتركيا، وكل ذلك تحت مظلة أمريكية، وحمل رسالة إلى إيران أن هناك أطرافا أخرى تلعب دورك".

أما أبو الرب، فأوضح أن "هذه المرة سيكون الوسيط الرئيس بين حماس وإسرائيل أوروبيا، مع مراعاة إرضاء مصر وإشراكها لتحقيق مكاسب لصالح حماس، خاصة أن مصر ضامن لصفقة شاليط، لكن لن تكون مصر هذه المرة الضامن الرئيس في أي اتفاق، وفق تعبير أبو الرب".

وحول دور تركيا وقطر في أي صفقة قادمة، قال أبو الرب: "إن لم يكونا وسيطين وكفيلين للاتفاق فهما المرجعية لحماس بكل تفاصيل الاتفاق إن حصل، كما أن إسرائيل ستحاول الاستفادة من المال القطري والطموح التركي للعب دور في المنطقة، فيما السلطة الفلسطينية حتى الآن لا تعلم ما يدور، سوى من خلال تسريبات تتم بين الحين والآخر، فحماس ليست بوارد إشراك السلطة في أي اتفاق، وإسرائيل لن تفكر باتفاق جماعي، وستعمل على الانفراد بحماس بما يعزز الهوة بين فصائل منظمة التحرير وحماس".

نتائج الصفقة إن تمت

وفي حال تمت صفقة ما بين حماس وإسرائيل، فـ"على حماس حينها التزامات عدة تجاه الحفاظ على الهدنة إن تم الاتفاق عليها، وربما يقودها ذلك إلى صراعات مع جماعات مسلحة، وذلك في حال تمت صفقة سياسية" برأي يوسف.

أما معالي فقال: "في حال إتمام الصفقة بشكل تام فإن أولى الانعكاسات ستكون تقوية جبهة المقاومة ومدها بدعم كبير ونفس هي بحاجة له، وتأثيرها على الاحتلال سيكون أيضا مدويا وتزداد الأصوات الناقدة لنتنياهو".