أعتقد أن عنوان المقال هو أخر ما ستصل إليه الأوضاع في تركيا بعد 45 يوما، وأن دهاء أردوغان الذي خانه حينما أعلن عن تحويل تركيا إلى دولة رئاسية، هو نفس الدهاء الذي سيجعله يؤجل حلمه، واللعب من جديد للحصول على الأغلبية المطلقة التي فقدها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
الحقيقة أن أردوغان يملك مقومات الزعيم طبقا للثقافة العربية والتركية نعم، ولكن أن تقوده تلك الزعامة إلى أن تنصب نفسه دكتاتورا فهذا ما استشعره الشعب التركي في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، فبالنسبة لي وبالنسبة لكثير إن الدول البرلمانية هي الدول القريبة جدا من الديمقراطية نظرا إلى تلاشي الدول الرئاسية في العالم، وقصرها على دول الشرق التي يسميها الغرب دول العالم الثالث، وقليل منها ما يدور في هامش الديموقراطية إقترابا، بينما أن يعود الأتراك إلى ذاكرتهم القريبة ليتذكروا أتاتورك، ليجدوا انحرافا عن الديمقراطية سريعا باسم دولة رئاسيه يطمح إليها أردوغان بهذا الشكل!!! لقد أفقد هذا النهج أردوغان وحزب العدالة والتنمية أغلبيته المطلقة، ولقد كنت أرى أن يعد الحزب وأردوغان خليفة له لإستكمال المسيرة التي بدأها منذ قرابة العقدين، وكنت أرى في ذلك الخليفة عبد الله غول رغم أنه أقل بكثير من أردوغان، ولكنه نسج اسما خلال فترة توليه وزارة الخارجية و ما قبلها .
ولن أستفيض فيما سبق أكثر من هذا، ولكن سأتطرق إلى ما ستؤول إليه النتائج كما أتوقع، فدهاء أردوغان سيعود مجردا الآن، ليس لإعلاء نفسه ولكن لإنقاذ حزبه، وقد بدأ بالفعل في تحسين خطابه العدائي، والظهور بمظهر رئيس كل الأتراك، وبدأ بداية من إعلانه نتائج الانتخابات في سياسة جديدة ذكية، فكلماته في تصريح واحد تحمل كلام مسؤول متفائل يحمل مباركات وأمنيات وحس وطني على لم الشمل، وإنه لا يهمه مع من يعمل، ولكن المهم العمل واستمراره، وفي نصفه الآخر يحمل مطالبات بتعجيل إنشاء الحكومة، وهو يعلم أن 45 يوما غير كافية لتشكيل حكومة في ظل تلك النسب الفائزة، وهو ما سيجعله يدخل إلى معترك الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، ولن تزيد نسبة حزب العدالة والتنمية في تلك الإعادة بل ستقل نسبة المشاركون كعادة كل التيارات التي لا تحمل عقيدة، ولا تحمل قوة إكمال المعركة بمعنى أن عدد المشاركين في الانتخابات كانت في مرحلتها الأولى 53 مليون صوت ونسبة المصوتين لحزب العدالة والتنمية 41,6% بواقع 19 مليون صوت، أما في مرحلة الانتخابات المبكرة فسيقل عدد من سيشارك في الانتخابات التركية البرلمانية، وقد يصل إلى 45 مليون من إجمالي من لهم حق التصويت، ولن تقل بأي حال من الأحوال نسبة المصوتين لحزب العدالة والتنمية ليمثل عدد المصوتين السابق نسبة الأغلبية المطلقة، وتصبح تلك النسبة في العادة تضمن لأردوغان الأغلبية المطلقة لتصبح الأغلبية المطلقة لا بيد أردوغان، ولكن بضعف الأخر، ناهيكم عن بعض المناورات السياسية الأخرى مثل محاولة تشتيت النسب الأخرى أو محاولة الدفع بأحزاب جديدة لتستحوذ على الكتل الأخرى التي نجحت في الانتخابات الأولى، ويصبح كل هذا كالعدم إذا ما نزل حزب العدالة والتنمية من برجه العاجي وشارك أي من الأحزاب الأخرى ليشكل حكومة ائتلافية برئاسة عبد الله غول.