قضايا وآراء

تسفيه السفيه

1300x600
جلست إلى نفسي أفكر في التعامل النفسي لتمرد والأذرع الإعلامية للسيسي وغيرها مع الرئيس محمد مرسي قبل الانقلاب خلال فترة تمرد، حتى أقف على مواطن اغتيال الدكتور مرسي معنويا، فوجدتهم استخدموا كلمه (الإستبن) ورغم أنها كلمة مصرية دارجة و لكنها كانت ثقيلة على الأذن نظرا لبيئة تربيتنا الاجتماعية ونظرا لأننا كنا نتعامل بلياقة المنافس وآليات التنافس السياسي الديموقراطي المتعارف عليها، وكنا نعتبرها إهانة وهي بالفعل كذلك وهناك كلمات أخرى مثل (قاتل - سفاح - دكتاتور - فاشي) وهي كلمات سياسيه كنا نرد عليها في اللقاءات السياسية والإعلامية بالحجة فنجحدها نهائيا بكل ثبات، وأتذكر لقائي مع أحمد دومه على شاشة صدى البلد مع إعلامية الفلول رولا خرسا الذي انسحبت فيه الأستاذة ليلى سامي عضو مجلس الشورى أنذاك وأكملته وحدي مدافعا عن الرئيس محمد مرسي والإخوان.

والحقيقة أن لا أحد نال من عرض الدكتور مرسي أو شرفه و لم يسبه أحد بالأب و الأم أو إطلاق أي لفظ خارج عليه في الإعلام لأنه كان إنسانا محترما، ورغم ذلك سقط الدكتور محمد مرسي وحكمه بعد عام، و هذا يؤكد أن المنهج الذي سار عليه الفلول كان مدروسا ومفهوما بل و مجربا، أما ما مر به السيسي لم يمر به جحا نفسه في نوادره، فلقد أطلقت عليه كلمات وألفاظ لم تطلق من أطفال الشوارع على بعضهم وانسقنا جميعا وراء البعض الذي كنا نحسبه على خير ثم علمنا بعد ذلك أنهم مدفوعون من السيسي نفسه في صفوفنا حتى يسفهوا القضية وحينما زعموا أنهم ينالوا منه معنويا كانوا ينالوا من قيمة قضيتنا أيضا، يا سادة لقد سب السيسي بعبارات بذيئة كثيرة فهل جعله هذا يرحل؟ لم يجعله يرحل بل بدأ عامه الثالث العرفي و عامه الثاني الرسمي لحكم مصر، و لا زال يبيع الوطن قطعة قطعة، بل تجاوز بيع مصر إلى أنه ذهب بعيدا ليبيع الوطن العربي فتصدق على إسرائيل بالقدس بعد أن كانت عاصمة فلسطين وجعل القدس الشرقية هي العاصمة ثم تمادى إلى أنه تصدق بسوريا لبشار الأسد برغم رفض السعودية وقطر وتركيا، وبَعِد خطوة عن اليمن التي كاد يطبع رسميا مع الحوثيين ضد المملكة لأن إقترابه من هذا الملف هو نهاية شهر العسل مع المملكة العربية السعودية رسميا فقرر السيسي قبض الثمن والبعد عنه حتى لا تحترق أنامله.

وبعد 28 شهرا من الانقلاب بات واضحا أن سياستنا ضد الانقلاب، ويساعدنا السيسي نفسه فيها، هي الإستنزاف الاقتصادي لنظام مبارك الذي بدأه طنطاوي حينما بدد الإحتياطي النقدي من 35 مليار إلى مبلغ 18 مليار وقد توقف هذا النزيف فعليا في عهد الدكتور مرسي إلى أن عاد هذا الإستنزاف منذ انقلاب 3 يوليو، لنرى الجنيه ينتحر أمام الدولار، ونرى السياحة تنهار نظرا لشعار الحرب على الإرهاب التي هي سبوبة أي دكتاتور لقيادة أي دولة عربية، إضافة إلى هروب الاستثمارات نظرا لتأميم ممتلكات رجال أعمال الإخوان والتيار الإسلامي وجمعياتهم واتخاذ تدابير اقتصادية ترسخ الإفساد والاحتكار، وأيضا العامل الأهم عدم عودة الأمن للشارع نظرا للتفجيرات التي يصطنعها النظام من ناحيه وولاية سيناء وغيرها من ناحيه أخرى، والسبب الرئيسي لغياب تلك الاستثمارات هي السيسي نفسه الذي منح الجيش سلطوية و هيمنه غير مسبوقة للجيش على الاقتصاد مما أدى إلى هروب المستثمر ورأس المال.

ولذلك اعتقد أن الملف الأوضح الذي نجحنا فيه كثورة وسياسة برغم تطوره البطيء هو الملف الاقتصادي و يجب أن نركز و نجعل نقطة التلاقي بين المعارضين للانقلاب العسكري هذا الملف الاقتصادي و يجب أن نزيد من مساحة التوعية للمواطن ويجب أن نترك تسفيه السيسي للثوار والشعب وأبعدوا السياسيين السافرين فهؤلاء يسفهوا قضيتنا قبل أن يسفهوا السيسي.