كتاب عربي 21

بين اتفاق نووي أو حرب مفتوحة.. أيام حاسمة تحدد مستقبل المنطقة

1300x600
تتداول الأوساط السياسية اللبنانية معطيات متباينة حول التطورات التي قد تشهدها المنطقة العربية والإسلامية في المرحلة المقبلة، فبعض هذه الأوساط تؤكد أن الاتفاق النووي الإيراني-الأمريكي– الدولي سيوقع قريبا، وأن كل الترتيبات ستنجز، ما سيدخل المنطقة في مرحلة جديدة ستغير كل الأوضاع.

وفي المقابل، فإن أوساطا أخرى تعتبر أن توقيع الاتفاق لا يزال محفوفا بالمخاطر، وأن هناك عقبات عديدة ستحول دون توقيع هذا الاتفاق، خصوصا بسبب الضغوط الإسرائيلية وبعض الدول العربية، وأنه إذا لم يتم التوقيع على الاتفاق فإن المنطقة ستدخل في موجة جديدة من الصراعات على كل الجبهات.

وبموازاة هذه المعطيات المتباينة، فإن بعض الأوساط السياسية اللبنانية تتحدث عن أن خيار تقسيم الدول العربية أصبح يتقدم، وأن ما يجري في بعض هذه الدول كالعراق وسوريا واليمن وليبيا سيؤدي لتقسيم هذه الدول إلى دويلات متعددة، ما سينعكس سلبا على دول أخرى كمصر والسعودية، وأن التطورات العسكرية والأمنية والتغييرات الديمغرافية الحاصلة في بعض المناطق ستمهد لتقسيم هذه الدول، وسيفتح الباب أمام قيام دول جديدة على أسس مذهبية وطائفية وعرقية.

وتتخوف هذه الأوساط أن يكون الهدف من تقسيم المنطقة على أساس مذهبي وطائفي تبرير قيام الدولة اليهودية، وتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وإنهاء قوى المقاومة بعد إدخالها في صراعات المنطقة.

وبغض النظر عن صحة كل هذه التوقعات، وأي الاحتمالات ستتحقق، فإنه من الواضح أن الأيام المقبلة تحمل الكثير من التطورات والمتغيرات، وأن الأحداث الأمنية والعسكرية التي تجري في بعض الدول هي جزء من التمهيد للمرحلة المقبلة.

وتقول بعض الأوساط السياسية اللبنانية أنه إذا حصل الاتفاق النووي الإيراني – الدولي – الأمريكي فإنه سيمهد لخريطة سياسية في المنطقة، وأن هذا الاتفاق لن يقتصر فقط على الجانب النووي، بل سيشمل لاحقا كل الملفات الأساسية، وخصوصا الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، ودور إيران الإقليمي، وأن هناك مصالح متبادلة بين الأمريكيين والإيرانيين لتوقيع هذا الاتفاق، وأن الطرفين يسعيان بشكل حثيث لتذليل العقبات والاعتراضات من أجل التوصل إلى حل شامل، وإن كان خيار عدم التوقيع على الاتفاق سيظل قائما حتى اللحظة الأخيرة من المهلة المحددة.

وتتابع هذه الأوساط أنه في حال عدم حصول التوقيع، فهذا يعني أن الصراعات ستشتد، وأن الدول العربية ستكون ساحة المواجهة، وأن كل الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية ستدخل في هذه الصراعات، ما سيؤدي إلى تحويل العالم العربي إلى شعلة نار ستحرق الأخضر واليابس، ولن يكون هناك أفق واضح لهذا الصراع، وكيفية تمدده وانتشاره، وأن خيار التقسيم المذهبي والطائفي سيكون إحدى نتائج هذه الحرب المسعورة.

إذن، نحن أمام مرحلة صعبة تشبه إلى حد ما ما جرى بعد الحرب العالمية الأولى من تطورات من إعلان اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وانتهاء السلطنة العثمانية وإنهاء الخلافة العثمانية في 3 آذار/ مارس، 1924 وصولا لإقامة الكيان الصهيوني، وما جرى بعد ذلك من تطورات في العالم العربي والإسلامي، ولا زلنا إلى اليوم ندفع ثمن هذه الأحداث.

ولكن بغض النظر عما تخطط له الدول الكبرى والإقليمية لمصير المنطقة والاحتمالات المتوقعة، سواء تم الاتفاق النووي، أو اتجهنا نحو المزيد من الصراعات والحروب، فالمهم أن يحدد العرب والمسلمون موقعهم على هذه الخريطة، وما هو المشروع الذي يسعون عليه، وستكون القوى والحركات الإسلامية والقومية واليسارية في العالم العربي معنية قبل غيرها بتحديد موقفها واستراتيجيتها من هذه التطورات، فبدلا أن نكون لاعبين في خدمة الآخرين، علينا البحث عن مستقبل أمتنا، وتحديد خياراتنا المستقبلية، قبل أن ننجرف جميعا إلى المزيد من الصراعات والحروب التي ستخدم أعداءنا، وخصوصا الأمريكان والصهاينة.