باتت أوضاع أكثر مليون لاجئ سوري في
لبنان مهددة أكثر من أي وقت مضى في ظل تصريحات أطلقها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أكد فيها استعداد حكومته للتعاون مع النظام السوري لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم.
وقال الوزير درباس في حديث لإذاعة صوت لبنان إن "لبنان جاهز ليتعاون مع
سوريا لإعادة النازحين إلى سوريا، ونحن نروج لإمكانية عودة النازحين إلى مناطق سيطرة النظام بتسهيل لبناني وتنسيق مع الجهات الدولية والدولة السورية، ونحن سنؤمن مراكز استقبال مؤقتة ووسائل نقل مريحة".
خطر ديموغرافي
واعتبر الوزير أن هذه القضية الإنسانية (النازحين) باتت تشكل خطرا على الديمغرافية اللبنانية، في إشارة إلى إحصائيات تقول إن
اللاجئين السوريين أصبحوا يشكلون ربع السكان في لبنان وينتشرون في نحو 1700 منطقة.
كما حمل الوزير على تأثيرات اللجوء السوري في بلاده، حيث قال إن البنى التحتية في لبنان "استهلكت خلال سنتين ما كان يفترض استهلاكه خلال خمسة عشر عاما، وهو كبّد لبنان خسائر بقيمة 20 مليون دولار".
وأوضح درباس أن كلفة نقل السوريين إلى ما سماها "المناطق الآمنة في سوريا هي أقلّ من نقلهم إلى دول العالم الثالث، وهو أمر لا بد من تنفيذه برعاية سورية"، مضيفا أنه "ليس واردا اليوم التغيير في السياسة اللبنانية، والابتعاد عن سياسة النأي بالنفس التي أقرتها حكومة نجيب ميقاتي".
قيود شعبية ورسمية
وتضاف تصريحات الوزير درباس إلى ما يعتبره عاملون في هيئات الإغاثة تصاعدا في العداء للنازح السوري والقيود المفروضة عليه رسميا وشعبيا في محاولات للحد من تزايد أعداد اللاجئين.
فإلى جانب الإجراءات التي تعلنها الحكومة اللبنانية تباعا للحد من دخول السوريين إلى لبنان والحد من تزايد أعدادهم، يشتكي السوريون من تصاعد مشاعر العداء لهم ولوجودهم لدى الأوساط الشعبية اللبنانية.
ويشتكي النازحون من إجراءات فرضت عليهم من قبل بلديات ولجان أحياء تتفاوت بتفاوت اللون المذهبي للمناطق التي يقطنوها، وصلت في حالات عديدة إلى مطالبتهم بالرحيل أو بحظر تجوالهم في ساعات محددة، قبل أن ترتقي في أحيان كثيرة إلى حالات اعتداء جسدي بعد كل حدث أمني مرتبط بملف العسكريين اللبنانيين المختطفين.
ويقول لاجئون التقتهم "عربي21" ورفضوا الكشف عن هوياتهم إنهم يتعرضون في حالات كثيرة إلى "استغلال حاجتنا ولجوئنا، فعندما يعلم صاحب عقار معروض للإيجار بأنهم سوريون يتمسك بمبلغ كبير من المال دون أي مراعاة لأوضاعنا".
ويشرح اللاجئ السوري أبو محمد عن وجه آخر من أوجه المعاناة يتمثل بأزمة التعامل مع المؤسسات الأممية، الذي يتهمها بعدم المسؤولية وتجاهل معاناة اللاجئين، لا سيما بعد قرار قطع معونات برنامج الغذاء العالمي الأخير وما رافقه من جدل حسب قوله.
عائلة أبو محمد وثلاثة عشر عائلة أخرى اضطرت لمغادرة عقار كانوا يقيمون فيه بإحدى تجمعات اللاجئين السوريين في قضاء الشوف بجبل لبنان، حيث استعرض لـ"عربي21" قرارا بالإخلاء صادر عن كاتب العدل في منطقة شحيم، بطلب من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عبر شركة مختصة باستئجار العقارات للاجئين، لعجز المفوضية عن دفع الإيجار، وهو ما اضطره في نهاية المطاف إلى استئجار شقة بمبلغ 300$ شهريا، وهو مبلغ مرتفع نسبة إلى ما يحصله شهريا من العمل غير المتوفر بشكل دائم.