يرى مراقبون أن خطاب رئيس
السلطة الفلسطينية محمود
عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضي والذي قابلته أمريكا وإسرائيل بانتقادات حادة أنه "أقل مما يجب أن يقال.. ومحاولة يائسة"، ويأتي "كوسيلة للعودة للمفاوضات" مع
الاحتلال الذي يتلقى دعما كبيرا من أمريكا التي لن تسمح بمرور أي قرار أممي دون موافقتها.
محاولة يائسة
ويعتقد المحلل السياسي د.هاني البسوس أن خطاب عباس يأتي "كوسيلة ضغط غير مباشرة للعودة للمفاوضات"، موضحا أنها "محاولة يائسة لن تقدم شيئا فعليا"، لأنه "من الصعب أن يصمد أبو مازن أمام الضغط من قبل أمريكا وإسرائيل، خاصة وأن هناك مفاوضات ربما تبدأ الولايات المتحدة بالترويج إليها الأسابيع القادمة".
وقال البسوس لـ"عربي 21": "أبو مازن يقوم بالتلويح بالبدائل التي لن يستعملها".
وأضاف البسوس المقيم في قطاع غزة: "عباس دوما يؤكد ويؤمن تماما أن المفاوضات هي السبيل الرئيسي لحل القضية الفلسطينية، وما عدا ذلك هي خطوات يستعيض بها عن مسار المفاوضات"، مؤكدا أن "كل ما يسعي له خلال اللجوء للأمم المتحدة هي بدائل للمفاوضات التي إذا وجدت بطلت الوسائل الأخرى، وكل ما عداها سيتوقف".
دوامة مفاوضات
وقال رئيس السلطة الفلسطينية في خطابه إنه من "المستحيل العودة إلى دوامة مفاوضات تعجز عن التعامل مع جوهر القضية "، معربا عن استعداده "للبدء بمفاوضات مع الجانب
الإسرائيلي تبدأ بترسيم حدود دولة فلسطين"، وذلك بعد قرار أممي بتحديد موعد لإنهاء الاحتلال.
وتوقع البسوس أن عباس "سيوقف كل الإجراءات في حال عادت المفاوضات"، لأنه من الصعب أن يصمد أمام الضغط الأمريكي والذي من المتوقع أن يبدأ "بوضع مشروع تسوية جديد خلال الفترة القادمة، وهذا ما تحدثت عنه بعض الشخصيات القيادية".
وكان جون كيري أوضح سابقا أن هناك إمكانية لإحياء المفاوضات من جديد، وعلى السلطة الفلسطينية الالتزام بها، وألا تذهب لاتخاذ خطوات أحادية الجانب لأن هذا لن يفيد عملية السلام.
وحول انتقاد واشنطن لكلمة عباس أفاد المحلل السياسي أن "الانتقاد هو دعم لإسرائيل بشكل واضح وإحباط أي محاولة للسلطة الفلسطينية"، من خلال التوجه للأمم المتحدة أو المنظمات الدولية لأنه لا "نجاح لأي محاولة دون موافقة الولايات المتحدة صاحبة الفيتو والتي تستطيع أن توقف أي مشروع بهذا الشكل".
تسوية سياسية
ووصفت جنيفر بساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية خطاب الرئيس عباس أن به "توصيفات مهينة، هي في العمق مخيبة للآمال ونرفضها" وأضافت أن هناك "تصريحات استفزازية" من جانب الرئيس.
أما إسرائيل فاعتبرت أنه "تحريضي ومليء بالأكاذيب ولا يليق بمن يسعى للسلام"، ومن جانبه هاجم أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الخطاب قائلا: "تصريحات عباس لا تقبل التأويل بأنه لا يمكن أن يكون شريكاً في أي تسوية سياسية".
من جانبه اعتبر المحلل السياسي د. عادل سماره المقيم في الضفة المحتلة أن ما جاء في خطاب عباس هو "أقل مما يجب أن يقال"، منتقدا تأخر عباس في إعلان فشل مسار المفاوضات المستمر منذ نحو 20 عاما.
تحسين الشروط
وأعرب سماره في حديثه مع "عربي 21" عن عدم استغرابه من موقف أمريكا تجاه القضية الفلسطينية وخطاب الرئيس عباس، "لأنها دوله متوحشة ومعادية لكل الشعوب وخاصة الشعب الفلسطيني"، مذكرا: "هناك وطن محتل، وهناك عدو موجود إما أن يَخرج وإما أن يُخرج".
وأوضح سماره أن عباس "يرى أن المفاوضات عبثية لكنه إذا دعي سيذهب، فهو ما زال يدور في ذات الإطار، ويطمح في تحسين الشروط"، مضيفا: "أنا لا أستطيع أن أفهم هذه اللغة، إما مع المفاوضات أو أرفضها".
وقال عباس في خطابه: "لا صدقية ولا جدوى لمفاوضات تفرض إسرائيل نتائجها المسبقة بالاستيطان وببطش الاحتلال، ولا معنى ولا فائدة ترتجى من مفاوضات لا يكون هدفها المتفق عليه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي".