كتاب عربي 21

البحث عن المشروع النهضوي العربي في ظل قصف الطائرات الاميركية: ما العمل؟

1300x600
بينما كانت الطائرات الأميركية وبدعم عدد من الدول العربية تقصف العراق وسوريا تحت عنوان ضرب تنظيمات إسلامية متشددة (داعش والنصرة وخراسان)، كان عدد من المفكرين والباحثين العرب يجتمعون في بيروت بدعوة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق لبحث الأوضاع العربية والتحديات التي تواجه الواقع العربي اليوم، وما هي الخيارات المطلوبة والفرص المتاحة أمام العرب والمسلمين، وقد عرض المشاركون للأوضاع العربية خلال السنوات الأربع الماضية وتفاوتت المقاربات بين من يعتبر أن ما يجري يشكل فرصة للعرب والمسلمين من أجل تحسين أوضاعهم وأن يتحولوا إلى قوة مؤثرة على الصعيد الإقليمي والدولي، في حين أن آخرين وصفوا الأوضاع بشكل سلبي واعتبروا أن ما يجري أعاد العرب إلى الوراء إلى أكثر من مائة سنة وأننا نعاني من التخلف والبعد عن كل ما يمت للعلوم والتكنولوجيا والتطور، في حين تحدث آخرون عن مخاطر ما يجري على الإسلام والديمقراطية وفلسطين حقوق الإنسان في ظل غياب رؤية واضحة وعدم تحديد خريطة طريق مستقبلية، واعترف بعض المشاركين بأنه غير قادر على تحديد أفق المستقبل بسبب اختلاط الأوضاع وتداعياتها الكبيرة، في حين دعا آخرون إلى اعادة بناء المشروع النهضوي العربي بعد إجراء مراجعة ونقد للمرحلة السابقة وتحديد الأخطاء التي ارتكبها الاسلاميون والقوميون بعد الثورات العربية.

وقد خرج المشاركون في الحلقة الحوارية دون الاتفاق على رؤية موحدة واكتفوا بتبادل الآراء والأفكار وأوراق العمل، طبعا ما جرى كان خطوة مهمة من المركز الاستشاري لجمع الباحثين والمفكرين العرب لتدارس الأوضاع والبحث عن كيفية مواجهة الأوضاع والإجابة عن السؤال المستمر منذ حوالي المائة سنة: ما العمل؟

فكيف يستطيع العرب والمسلمون مواجهة التحديات الجديدة في ظل قصف الطائرات الأميركية والمدعومة من دول عربية وإسلامية للدول العربية بحجة ضرب التنظيمات الإسلامية المتشددة.

طبعا لا يستطيع أحد أن يدافع عما تقوم بهذه التنظيمات من أعمال مسيئة للإسلام والمسلمين، كما لم يكن بالإمكان سابقا الدفاع عن الأنظمة العربية الديكتاتورية والتي سببت المآسي للعرب والمسلمين وسهلت مجيء القوات الاميركية والغربية إلى بلادنا ومهدت لنشوء التنظيمات الاسلامية المتشددة.

لكن السؤال الذي يجب أن يراودنا دائما ونحن نبحث عن المشروع النهضوي العربي: هل ستبقى خياراتنا محصورة بين التشدد والديكتاتورية أو بين اللجوء للمحتلين والدول الغربية أو القبول بالظلم والأخطاء من الدول والتنظيمات؟ ولماذا لا نستطيع معالجة مشاكلنا بأنفسنا ومن خلال الأسس التي تضمنها المشروع النهضوي العربي والذي وضعه مفكرون عرب ومسلمون طيلة السنوات الماضية؟ ولماذا لا يلتزم الاسلاميون والقوميون بالمباديء التي بشّروا بها وتحدثوا عنها من تحرر وديمقراطية وتنمية وحقوق انسان فلا ينقلبوا عليها كلما اختلفوا حول السلطة وإدارة البلاد؟

طبعا قد لا توجد إجابات سريعة وسهلة على هذه التحديات والإشكالات، لكن الجانب المهم اليوم وفي ظل ما يجري في المنطقة من تطورات خطيرة سواء من قبل بعض التنظيمات الإسلامية المتشددة كـ"داعش" مثلا وفي المقابل ما تقوم به أميركا من حرب على المنطقة تحت عنوان مواجهة داعش او في ظل الصراعات على السلطة في أكثر من بلد عربي، أن يكون لدينا جميعا معايير واحدة للحكم على الأوضاع، فلا نقبل بالتدخل الغربي أو الاحتلال الاجنبي إذا كان لصالحنا ونرفضه إذا كان لصالح قوى أخرى، ولا نقبل بالديمقراطية إذا كانت توصلنا إلى السلطة ونرفضها اذا كانت توصل الاخرين، ولا نقبل بالانقلابات العسكرية اذا كانت تخدمنا ونرفضها اذا كانت لخدمة قوى أخرى.

المطلوب من الاسلاميين والقوميين واليسارييين والليبراليين العرب والمسلمين أن يتفقوا على رؤية موحدة ومبادئ اساسية ويلتزموا بها جميعا من أجل إقامة الدولة المدنية والديمقراطية في بلدنا ومن أجل تحقيق التنمية والتحرر ومواجهة الظلم والديكتاتورية وتحرير فلسطين وعلى ضوء ذلك يمكن تحديد خارطة طريق مشتركة لإقامة المشروع النهضوي العربي وإلا نكون جميعا نكذب على بعضنا البعض وننتظر ما ستقرره اميركا والدول الغربية لبلادنا وما سينتج عن قصف الطائرات الاميركية المدعومة من دول عربية وهذه ليست الطريق الصحيحة للتحرر.