لم يعلم الطفل رمضان شملّخ (11) عاماً، المغيّب عن وعيه على أحد أسرّة مستشفيات قطاع
غزة، أن الضريبة التي سيدفعها كي يسدّ جوعه ببعض حباتٍ من العنب، ويروي عطشه بماء انقطع عن منزلهم لأكثر من (10) أيام، ستكون مكلفة لـ"الغاية".
فقد طلب الطفل رمضان، الذي يقطن في حي الزيتون، شرقي مدينة غزة، يوم الجمعة المنصرم، من أخيه "سهيل"، (24) عاماً، أن يصطحبه نحو السوق التجاري القريب من منزلهم، كي يشتري قليلا من العنب، الذي يشتهي أن يروي ظمأه ببعض حباته.
وعند الخامسة مساءً، توجه الطفل "رمضان" مع أخويه الاثنين، على "توتوك" (دراجة نارية بثلاثة عجلات) في ظل التحليق المنخفض لطائرات الاستطلاع
الإسرائيلية، والحربية أيضاً، نحو أحد الأسواق، حسب نبيلة شملّخ، والدة "رمضان".
وعلى مسافة تبعد أقل من (100) متر عن منزل شملّخ، استهدفت طائرة استطلاع التوتوك الذي كان يقلّ الإخوة الثلاثة، لكن "صاروخ" الاستطلاع أخطأ هدفه، وسقط على مقربةٍ من التوتوك، وأصابت شظاياه ثلاثتهم.
ومع صوت انفجار الصاروخ واشتعال النيران من الناحية الخلفية للتوتوك، هرول المارة كي ينقذوا المستهدفين الثلاثة.
فما إن وضعوهم داخل سيارة حتّى تستهدفهم طائرة الاستطلاع ذاتها بصاروخ آخر، فتردي سهيل قتيلاً، وأخاه "أحمد" مصاباً يمكث حتّى هذه اللحظة في غرفة العناية المركّزة بمستشفى الشفاء غربي مدينة غزة، والطفل "رمضان" مغيباً عن الوعي إثر إصابته بشظايا في صدره، بالإضافة إلى إصابة الأشخاص المسعفين، كما قالت نبيلة شملخ.
وتقول شملخ للأناضول: "عندما سمعنا صوت الانفجار، هرولنا نحو السيارة التي حاولت إسعافهم، وتم نقلهم مباشرة إلى المستشفى".
وأوضحت أنها تلّقت أخباراً أولية حول الوضع الصحي لأبنائها تفيد أن جميعهم بخير، إلا أن قلبها كان يشعر أنها فقد غالياً عليها، كما قالت.
وتابعت: "لم يخبرني أحد أن نجلي سهيل قد استشهد بسبب الاستهداف الإسرائيلي، لكنني كنت أشعر بأني فقدته للأبد"، مشيرةً إلى أنها تتخوف على حياة الطفل "رمضان"، وأخيه "أحمد".
وبيّنت شملخ أن رمضان ابن الـ(11) عاماً، لا زال فاقدا للوعي بسبب إصابته بشظايا الصاروخ الإسرائيلي في منطقة الصدر، منوهةً إلى أنه يستيقظ لبضع دقائق من غيبوبته.
وتابعت قائلةً: "عندما يستيقظ من غيبوبته، ينادي على أخيه الشهيد سهيل، لكنني أخبره دائما أنه مصاب مثله، ويمكث في غرفة قريبة منه".
وتذكر شملخ أن الأطباء لم يشخّصوا وضع طفلها "رمضان" بشكل كامل بسبب اكتظاظ المستشفى بالمصابين، مشيرةً إلى الأطباء أخبروها أنه بحاجة للمزيد من الفحوصات والتحاليل كي يطمئنوا على صحته.
ولفتت إلى أن حي الزيتون، شرق قطاع غزة، يعاني من انقطاع كامل للمياه منذ أكثر من (10) أيام، مما فاقم معاناة الحرب عند ساكنيه.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح أمس الثلاثاء، انسحاب قواته البرية إلى "خطوط دفاعية" خارج قطاع غزة، وذلك بعد دخول تهدئة تم الاتفاق عليها بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية حيز التنفيذ لمدة 72 ساعة.
وأسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، بدعوى وقف إطلاق الصواريخ من غزة على بلدات ومدن إسرائيلية، حتى صباح اليوم الثلاثاء، عن استشهاد 1867 فلسطينياً وإصابة 9470 آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
ووفقا لبيانات رسمية إسرائيلية، قتل في هذه الحرب 64 عسكرياً و3 مدنيين إسرائيليين، وأصيب حوالي 1008، بينهم 651 عسكرياً و357 مدنياً، بينما تقول كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة
حماس إنها قتلت 161 عسكرياً، وأسرت آخر.