دخلت
السعودية مرحلة جديدة توصف بالتاريخية، بعد تعيين أول
وزير شيعي في صفوف الحكومة، بعد مطالبات عديدة حملها كبار الشيعة في مجالس القادة السعوديين، خصوصا وأنهم أثبتوا أنفسهم في مواقع إدارية عديدة خاصة في المناطق الشرقية والجنوبية.
وجاء الأمر الملكي السعودي ليلة دخول شهر رمضان، بتعيين الدكتور محمد أبوساق، وزيرا للدولة لشؤون مجلس الشورى، خلفا للدكتور سعود المتحمي، وهو إجراء تتوقع بعض الإدارات العليا في الدولة أن يكون بداية لتغيير في نظام مجلس الشورى.
وعمل الدكتور محمد أبوساق، كرجل أمن سابقا وصل إلى رتبة لواء في وزارة الحرس الوطني، قادما من مجلس الشورى الذي ترأس فيه لجنته الأمنية، وهو أحد رجالات منطقة نجران (جنوب المملكة) ذات الأغلبية الشيعية.
وأصدر العاهل السعودي كذلك أمرا ملكيا، بإعفاء نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز من منصبه الذي سبق تعيينه فيه قبل خمسة وأربعين يوما فقط، ثم صدر أمر آخر بتعيينه مسؤولا للاستخبارات.
وتكشف المحادثات في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، عن جدالات كثيرة تمثل وجهات نظر، بعضها تصف تعيين وزير شيعي بأنه انقياد لإرادات غربية تدعو إلى مراعاة حقوق الإنسان في السعودية، واستجابة للمتغيرات الإقليمية، وخطر الدعوات الطائفية في المنطقة، فإن آخرين يرجعون تعيين الوزير إلى كونه محاولة للتنفيس عن الوضع الداخلي المحتقن الذي وصل إلى حافة الانفجار في مناطق شرق المملكة حيث تتعرض الطائفة الشيعية إلى العزل والحصار.
وفي حين تقول الناشطة السعودية، قطيف علي في تغريدة في "تويتر" باللهجة السعودية الدارجة، إن "الشعب السعودي ما يستحي، صار لهم شهر يغردون عن تهميش السنة واضطهادهم بالعراق، ومع أول تعيين لشيعي في بلدهم يعترضوا".
وبحسب النظام الأساسي لحكم المملكة، فعلى ملك البلاد تغيير حكام المناطق، والوزراء ومن في مناصب الدولة العليا، وأعضاء مجلس الشورى، وموظفي المرتبة الممتازة، كل أربع سنوات.
ويتألف مجلس الوزراء السعودي، من رئيس الوزراء، وهو خادم الحرمين الشريفين، ونواب رئيس الوزراء، وهما ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى نحو 20 وزيرا تنفيذيا، وعدد من وزراء الدولة، وأمين عام مجلس الوزراء ومساعده ومستشاري ملك البلاد.
ويأتي تعيين الوزير الشيعي في وقت اتهمت فيه منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" السعودية، "بمراقبة وسائل الاتصال في القطيف الشيعية".
وأصدرت المنظمة عبر سنوات تقارير تشير إلى الاضطهاد الممنهج الذي يتعرض له الشيعة في شرق المملكة العربية السعودية الذين يشكلون نحو 10% من سكان السعودية البالغ عددهم 27 مليون نسمة، فيما يمثلون الغالبية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط.
ويطالب معارضون سعوديون وعلى رأسهم "التيار الإصلاحي" بالمشاركة الأوسع في نظام الحكم الذي تهيمن عليه العائلة المالكة.
ووصلت آراء متطرفين في السعودية إلى الحد الذي يحذّر فيه مدون على توتير هو "gwardyola" من تعيين وزير شيعي لأنه "سيكون سفيرا لإيران وعينا لها في الحكومة"، على حد تعبيره.
غير أن الكاتب فياض الشمري يدعو المتطرفين السعوديين إلى "الوثوق باختيار ولي الأمر وجميع من يحمل الجنسية السعودية، فهم أبناء وطن لا تفريق بينهم، ولهم مثل ما عليهم من واجبات مالم يبدر من أحد سوء".
يشار إلى أن هذه الخطوة التي وصفها ناشطون سعوديون بالجريئة لا يمكن فصلها عن سياق الأحداث في المنطقة التي تعيش فوبيا الإسلام "المتطرف"، والتي أعلنت السعودية أنها ستكون رأس حربة للقضاء عليه، وذلك عبر سلسلة قرارات اتخذتها بإنزال عقوبات شديدة بالسعوديين الذين ينتمون إلى تنظيمات متطرّفة. وهي أيضا تتزامن مع استعداد أمريكي لتحالف مع إيران في العراق لمحاربة التنظيم الإسلامي السنّي المتطرّف "داعش" الذي بات يشكّل تهديدا للبلدان المجاورة.
كل ذلك كان قد سبقه احتجاجات في منطقة القطيف الشيعية قُتل خلالها عدد من المحتجين الذين رفعوا شعارات مناهضة للتمييز الطائفي الذي يتعرضون له من قبل السلطات السعودية.