سياسة عربية

هيكل: برنامج "السيسي" هو الأزمة التي تواجهها مصر!

حسنين هيكل - (أرشيفية)
قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إنه لا ينبغي أن يكون للمرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي (قائد الانقلاب وزير الدفاع السابق) حملة، ولا برنامج، مؤكدا أن البرنامج هو الأزمة، واصفا السيسي بأنه: "ليس المرشح الذى يحتاج إلى حملة".
 
وأوضح هيكل أن" الذى أتى بالسيسي هو الأزمة، وبالتالي حملته هي الأزمة، وهو ما يقنع الناس، ولا يحتاج إلا تذكرة، فهو مرشح الضرورة، لأن الناس وجدته الأنسب، والحملة ماذا تفعل، تضع صوره في الشوارع؟ لا أعتقد أنه يحتاج إلى هذا النوع التقليدي من الحملات.
 
وأضاف - في حوار تليفزيوني مع الإعلامية لميس الحديدي بعنوان: "جسر المستقبل: مصر أين؟ وإلى أين؟"، عبر فضائية خاصة، ونشرت الصحف المصرية ملخصات له الجمعة-: "السيسي يوصف بأنه الرجل القادر على المواجهة في هذه اللحظة، وبرنامجه هو العاجل".
 
وتابع: "هل مقبول من المشير السيسي أو حمدين، وأنا مهدد بعدم الاستقرار أو الإرهاب،  أن نتحدث عن كباري، وغيرها، وأنا مهدد بأزمة ظلام، وأزمة طاقة، ونتحدث عن برنامج؟"، على حد تعبيره.
 
وتابع حديثه عن السيسي فقال-: "هو رجل قادم من الجيش، وهو مرشح الضرورة، لأنه قادم من المؤسسة الوحيدة المنظمة القادرة، وهى الوحيدة التي تستطيع المواجهة، وهناك شخص قادم من القوات المسلحة قد يكون الأنسب في هذه الظروف، إزاء التحديات الراهنة، والقوات المسلحة هي المؤسسة الأكثر اتصالاً بوسائل العصر، ولديها خبرة وإدارة وتمويل، وسلاح".
 
وعن توقعاته من السيسي قال: "أتوقع أن يعطيني بعض الإشارات بأن وجود الجيش في السلطة أو وجوده هو فيها لا يعنى أن هناك دولة تسلطية، أنا أريد إشارات ورسالة واحدة: رجل يقول: الشعب طلبني، وأنا أستجيب، وأقدر بعونكم على أكثر من ذلك، أما حملة انتخابية وصور وبرنامج، فنحن لسنا في ظرف تقليدي"!
 
وحول القضايا العاجلة، قال: "أول عاجل هو الأمن، والثاني كيف يمكن إدارة أزمة مثل الطاقة، وطاقة التشغيل النائمة، فهناك 4000 مصنع مغلق، وبدلاً من الخطط طويلة المدى، لابد من تشغيل طاقات الشباب، ولا أريد أن أكبر موضوعهم، لأن البعض يستغل الأمر، فالشباب لديه حساسية، ولا يريد العواجيز، ونحتاج إلى لغة خطاب تفرز بين المهام العاجلة، والملحة".
 
دفاع عن عمل الجيش بالسياسة
 
في حواره دافع هيكل عن تدخل الجيش في الحياة السياسية، فقال: "الوضع الراهن أن الجيش هو الأمل الوحيد الذى يخلصنا مما نحن فيه، فهو الذى وقف ضد مبارك والإخوان وأمريكا، ولذا أرى أن هذه التجربة لابد أن تنجح". وأضاف: "الأقدار وضعت الجيش والسيسي في هذه اللحظة بالتحديد لنعبر الطوفان إلى مستقبل ما، هو رهن هذه التجربة كي تنجح".
 
وتابع: "أستطيع أن أطمئن بأن القوات المسلحة ستقبل إدارة الأزمة، وستؤدى مهمة في هذه الظروف، إضافة إلى أن السيسي رجل لديه قبول"، حسبما قال.
 
وأضاف: "الجيش موجود في صدارة المطالبات بالتصحيح، وزلزال 25 يناير هدم السدود، دون أن يقدم البديل، والجيش قوة منظمة كبيرة تحاول تحريك المركب، وهى الأكثر اتصالاً بوسائل العصر، باعتبارها طرفا قادرا على مواجهة الطوفان، وهو أكبر قارب إنقاذ من الطوفان، وقارب مسلح".
 
تحديات المرحلة
 
حول التحديات الراهنة قال: "تتلخص في أننا أعطينا المستقبل كلية لأمريكا، واعتمدنا عليها في كل شيء، كباعث للرخاء، والنتيجة أن خرجت مصر من العالم العربي، وأفريقيا، ومشكلة النيل أقرب مثال، وسأذكر شيئاً، هو أننا ألغينا أشياء كثيرة جداً، كان يجب ألا تحدث، ونحن نتكلم عن القوات المسلحة، وأن هذا نهاية الصراع، وأن السلام الاستراتيجي مقبل، حتى الاقتصاد كانت هناك مشكلات في قضية الخصخصة، وأرى أن القطاع الخاص يقوم بدور كبير مهم، لكن نريد قطاعاً منتجاً لا يقتصر على بيع القطاع العام فقط، وألا يكون هو الرخاء المعتمد على الإتجار في الأراضي، والعقارات، لأنه لا يضيف شيئاً إلى الثروة الوطنية، وهناك دول قامت بذلك، ولم تجن شيئاً، مثل اليونان، فهو رخاء يعتمد على ارتفاع الأسعار في العقارات، وبالتالي هناك مشكلة حدثت، ليس ذلك فقط بل، ومشكلات الفساد والحكم الشخصي العائلي، وكلها خطايا محسوبة عليك، حاولنا الالتفاف عليها، وتركنا الانتماء العربي، ودخلنا في عداوات ليس لها سبب مع الاتحاد السوفيتي، وقمنا بطرده من أفريقيا، واستخدمنا الإسلام في أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي، وتعاملنا مع عالم خارجي بدون الهند والصين، وجعلنا قبلتنا فقط لأمريكا، وأوروبا -وهى الحديقة الخلفية لها- بالإضافة لأخطاء، ومصائب تسترنا عليها، ثم جاء زلزال كبير".
 
وتابع: "أنا قلق من ليبيا جداً، بسبب الفوضى والميليشيات والأموال المتدفقة عليها والأسلحة الموجودة دون قيد". وأضاف: لدينا جيب في سيناء، لكنني لا أخشى منه كثيراً، فهناك جيش في سيناء، لكنه ليس لديه موارد، وأشعر بخجل، وأنا أقول إنه محصور بين الجيش المصري من جهة، والحدود الإسرائيلية من جهة أخرى، وكل الموجودين به 2000- 2800 فقط من المنتمين للقاعدة.
 
الإخوان .. وأوباما.. وتركيا
 
عن الإخوان قال هيكل: "الإخوان كانوا جزءاً من الماضي، استحكموا بالسور، ثم جاءوا وسط الطوفان، وهم جزء من مشروع أكبر بكثير، فهم جزء من مشروع حلف الأطلنطي ودول أوروبا الغربية وتركيا وقطر وإسرائيل، وعلى ذكر قطر: أغضب وأحزن وهى على عيني وراسي، عندما أجد مصر غاضبة مما يحدث من قطر، فإني أحزن على مصر، وليس قطر".
 
وعن زيارة أوباما إلى الرياض قال: "أعتقد أن زيارة أوباما للرياض بالدرجة الأولى علاقات عامة.. لابد أن نعرف أن النظام السعودي يفوق مرحلة التغيير فالكبار، هما: الملك عبدالله، والأمير سلمان، صحتهما ليست على ما يرام، وهناك انتقال جديد للسلطة إلى جيل جديد، وأمريكا قلقة على هذا، ليس على البترول، ولكن على مستقبل العلاقات التقليدية، فالولايات المتحدة لا تريد البترول، قد يكون الغرب محتاجا إليه، لكن البترول لم يعد القضية، لكن الموقف الحاكم في المنطقة، وحاجة الولايات المتحدة إلى قاعدة سياسية في المنطقة يمكن الاعتماد عليها، وهو نظام محافظ بطبعه، وبالتالي تحتاج الولايات المتحدة إلى هذا التيار المحافظ ليكون ركيزة يمكن الاعتماد عليها".
 
وحول تركيا قال هيكل: "سقط المشروع العثماني، وما يحدث في ليبيا تحركه قوى كثيرة".
 
وتابع: "في الموقف الراهن، أنا مهدد في سيناء، وليبيا، ومهدد بالأخطار الخاصة بالأمن الداخلي، ومشروع فشل، والحروب الأهلية في المنطقة، وتهديدات داخلية وإقليمية ودولية، في هذه اللحظة إذن المرشح الأقدر يكون قادماً من القوات المسلحة، ولذا أقول لحمدين صباحى، وأنا أقدر مزايا كثيرة فيه، يا حمدين المرحلة المقبلة تحتاج اعتماداً كبيراً جداً على القوات المسلحة، ولابد أن تصدر الأوامر للسلطة العليا بطريقة مقنعة.. فهل أنت قادر؟
 
 حمدين قد ينسحب
 
وحول ترشح حمدين، أضاف هيكل: "حمدين كان عندي، وأخذ قراره، وأعتقد أن الاستمرار صحى فيه.. ضرورة أن يكون موجودا ليمثل تيارا معينا، وهو قال لي إن لدى خمسة عناصر تدفعني للانسحاب حتى لو اليوم الأخير.
 
وأضاف: "حمدين قال إنه سينسحب من الانتخابات إنه إذا أحس أولاً أن جمع التوكيلات يُعوق، ومكاتب ممثليه تواجه مصاعب وإذا منعت الحملة الانتخابية أن تأخذ مداها، وإذا شعر بعدم التكافؤ في الفرص، وإذا شعر يوم الانتخابات بأن هناك عرقلة في اللجان، وأعتقد أنه لم يعد جائزاً لكنه وارد أن ينسحب، وأتمنى ألا ينسحب، والسيسي نفسه قال: كل من يرى في نفسه الفرصة فليتقدم".
 
علاقته مبكرة بالسيسي
 
وكشف هيكل في حواره التليفزيوني عن علاقته المبكرة بالسيسي فقال: "التقيت السيسي يوم 8 آذار/ مارس بعد الثورة، بعد تلقى مكتبي اتصالاً من اللواء عباس كامل، وهو ضابط من الجيش، وأبدى ثمة رغبة في لقائي، من جانب شخص لم يذكره، وأبلغني مكتبي، وذهبت يوم 8 مارس، ودخلت مبنى القيادة المشتركة، واستقبلني اللواء عباس، وسألته من سيراني، خطرت في بالى كل الأسماء عدا السيسي، ودخلت على السيسي.
 
وطرحت عليه أول سؤال: هل المشير طنطاوي يعلم أنى هنا؟ قال نعم، وقال إنه قرأ لي كل ما كتبت، وقال كلاما جيدا، ثم وجدت كاميرا تصور السيسي، فقال لهم: ليس هناك داع، فقلت له ليس هناك مشكلة، أن تكون موجودة أفضل، وأضفت: على أية حال أنت تعرف كيف أفكر، وأظن أنك تعرفني، أنا في موقف صعب، ولا أعرف من أنت؟
 
وبدأ يتكلم، ولم أقاطعه، لمدة ساعة ونصف الساعة، وتحدث عن الظروف الراهنة التي سادت خلال 2010، وأنهم يرون ظروف التوريث، وأننا سوف نُدعى، خلال وقت ما في يوليو 2011، إذا رفض الناس التوريث في توقيت الانتخابات، واستطاعوا حفظ هذا السر، وأكمل روايته، وقرروا الوقوف بجوار مطالب الناس.
 
وتابع: "بعد اللقاء الأول تكرست اللقاءات، وشعرت أنه ملم بخبرة كبيرة بالتاريخ المصري، وأنه للوهلة الأولى رجل مستوعب ماذا جرى في مصر، ويبدو لي أن لديه قدراً من التصميم والإرادة"، على حد تعبيره.
 
 ومحمد حسنين هيكل من مواليد عام 1923، وهو أبرز الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين، وربما يكون من الصحفيين العرب القلائل الذين شاركوا في صوغ السياسة العربية، خصوصاً بمصر.، لا سيما في العهد الناصري، وصدرت له كتب عدة، وتم تعيينه في عام 1970 وزيراً للإعلام، ثم أضيفت إليه وزارة الخارجية لفترة أسبوعين في غياب وزيرها الأصلي السيد محمود رياض.