"تعتبر زيارة نبيل فهمي وزير الخارجية
المصري والمشير عبد الفتاح
السيسي لموسكو مهمة، لكن لا يمكن لأي شريك أجنبي أن يحل محل
واشنطن". هذا ما يقوله عادل العدوي في تحليل نشره موقع "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى".
ولفت في التحليل إلى أن اجتماع "2+2" بين المسؤولين المصريين والروس لا يعبر عن تحول في السياسة المصرية نحو موسكو، أو أن القاهرة بدأت تبحث عن شريك جديد لها بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي. ووسط التطورات السياسية المتسارعة على الأرض في مصر، فإن العقود الطويلة التي استثمرت فيها الولايات المتحدة في الجيش المصري خدمت كرافعة للعلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في الأشهر الماضية التي عاشت فيها مصر اضطرابات واسعة.
ويقول العدوي إن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، اتصل مع وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي وقائد الانقلاب "أكثر من عشرين مرة، واستغرق بعض تلك الاتصالات أكثر من ساعة. وأكثر من هذا فإن المصالح الأمنية الاستراتيجية المتبادلة بين القاهرة وواشنطن تظل العمود المركزي للعلاقات بينهما".
ويتساءل: "لكن ما الداعي للبحث عن علاقة مع روسيا، إن كان هذا هو الحال؟".
ويجيب العدوي بأن "تعليق الولايات المتحدة لشحن المساعدات العسكرية لمصر في تشرين الأول/ أكتوبر في وقت يواجه فيه الجيش المصري خلايا إرهابية شمال سيناء، ويواجه تحديات أخرى خطيرة للسيطرة على حدوده، قادت إلى التقارب الحالي مع موسكو التي سارعت بعد قرار الرئيس أوباما إلى إرسال مدير الاستخبارات العسكرية إلى القاهرة، وتبعتها زيارة غير مسبوقة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أسفرت عن لقاء (2+2) بين وزيري دفاع وخارجية البلدين.
ويضيف أن "الاجتماع الثنائي أسفر عن اتفاق مبدئي على بيع أسلحة روسية لمصر بقيمة ملياري دولار تدفع بأموال سعودية وإماراتية، ولم يتم التوقيع على الصفقة أثناء زيارة الأسبوع الحالي، لكن يمكن إكمالها في اللقاء الثاني بموسكو والمقرر في 28 آذار/ مارس المقبل".
وتابع بأن "إدارة الرئيس أوباما منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 30 حزيران/ يونيو مترددة في تقديم دعم كامل للمسار السياسي في مصر، وتربط مصير الإخوان المسلمين بمنظور الاستقرار في مصر. ويبدو أن السياسة غير المتناسقة من واشنطن جعلت مصر مفتوجة لعروض بيع الأسلحة من دول أخرى، وكانت روسيا الأسرع في انتهاز الفرصة ولأسباب مالية وجيو- إستراتيجية".
ولا يمكن، بحسب الكاتب، تفسير التحرك المصري على أنه خطوة للتخلي عن واشنطن. فبخلاف ذلك، تظل العلاقات الأمريكية- المصرية ذات أهمية استراتيجية، ولا يزال التعاون العسكري بين البلدين قويا. وفي نفس الوقت، فإن تعليق واشنطن للمساعدات العسكرية دفعت مصر للبحث عن السلاح من مصادر أخرى لضمان مصالحها الأمنية الرئيسة. وعلى خلاف إدارة أوباما، "تعتقد الحكومة المصرية أن مشاكل عدم الاستقرار التي تعاني منها مصر ليست نابعة من الوضع السياسي المحلي، ولكن من الخلايا الإرهابية المختبئة في صحراء سيناء، والمخاطر الأمنية النابعة من الحدود، مثل تهريب السلاح من ليبيا والسودان وغزة".
ولا يعني ذلك عدم الاهتمام بالاتفاق الروسي- المصري، فمراقبة نتائج صفقة السلاح المصرية- الروسية مهمة جدا، وحتى في ضوء زيارة السيسي وفهمي لموسكو، فإن القيادة العسكرية المصرية التي تلقت تعليمها في أمريكا تحرص على علاقة إستراتيجية مع واشنطن. "والامتحان بالنسبة لأوباما هو أن يكون ذكيا بما فيه الكفاية للحفاظ على علاقة أمنية قوية بين البلدين، بما في ذلك مساعدة عسكرية، وفي نفس الوقت يحافظ على التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان، ومشاركة في العملية السياسية للاعبين شرعيين".
ويقول: "غطى مثلا على رحلة موسكو اهتمام الصحافة الغربية الرسمية باعتقال مواطن مصري يعمل في السفارة الأمريكية في القاهرة، والذي كان مسؤولا عن ترتيب لقاءات بين مسؤولين أمريكيين ومسؤولين من الإخوان المسلمين، فيما زعم البعض أنه كان يشارك في تظاهرات الإخوان، ولكن لا توجد تأكيدات عن هذه أسباب الاعتقال".
ويختم بالقول إن المشكلة ستظل قائمة حتى في حالة وصول السيسي للسلطة كما هو متوقع، ويتعلق بالموازنة بين العلاقات الأمنية والقلق حيال حقوق الإنسان.