قال مصدر مطلع بمكتب المدعي العسكري رمضان الثروق إن الأخير أصدر مذكرات استدعاء لرئيس الأركان السابق اللواء سالم اقنيدي، و19 ضابطا آخرين، بتهمة "تدبير
انقلاب عسكري".
وأوضح المصدر -الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ نظرا لحساسية منصبه- أن خطابات الاستدعاء الـ20 شملت بجانب اللواء سالم اقنيدي، ضباطا كبارا بينهم اللواء خليفة حفتر من الضباط البارزين المشاركين في حرب تشاد بنهاية سبعينيات القرن الماضي الذي أحيل على التقاعد العسكري الإجباري، وزعيم مليشيات بلدة الزنتان الجبلية العقيد مختار الأخضر.
على أنَّه لم يصدر بيان رسمي عن مكتب المدعي العسكري، بشأن توجيه خطابات استدعاء لضباط بالجيش الليبي. غير أن الناطق الرسمي لوزارة الدفاع عبد الرزاق الشباهي قال الخميس إن وزارة الدفاع أحالت قوائم مبدئية بأسماء عسكريين على المدعي العسكري؛ بهدف التحقيق معهم حول مشاركتهم في اجتماع عسكري غير مرخص به من قبل قيادة السلطة العسكرية.
وأشار إلى أن "القانون العسكري يمنع الضباط والعسكريين والقادة من حضور أي اجتماعات للتحدث في شؤون الجيش، إلا في داخل الوحدات والثكنات العسكرية".
وشدد على أن "الجيش يقف على مسافة واحدة من الجميع، وسيحمي شرعية المؤتمر الوطني (برلمان مؤقت) الذي جاء عبر صناديق الاقتراع".
وكان وزير الدفاع الليبي عبد الله الثني قال مساء الأربعاء إنه "تم إحباط محاولة انقلاب عسكري الثلاثاء، يقوده قادة عسكريون سابقون وسياسيون (لم يسمهم)؛ بهدف إسقاط المؤتمر الوطني العام، وتشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد".
وأضاف أن "القائد الأعلى للقوات المسلحة نوري أبوسهمين أصدر أوامره بضرورة القبض على الضباط والسياسيين الذين يحاولون الانقلاب على الشرعية".
في المقابل، أبدي الرئيس السابق لرئاسة أركان الجيش الليبي سالم اقنيدي استغرابه حول ما تردد عن تورطه في محاولة الانقلاب التي تحدث عنها وزير الدفاع؛ وذلك لمجرد أنه كان في اجتماع مع بعض العسكريين.
واعتبر اقنيدي -الذي يرفض إحالته على التقاعد من منصبه- أن اجتماعهم الذي كان مخططا له، كان بهدف "تدارس شؤون الجيش وأوضاعه".
ولفت إلى أن "الاجتماع الذي كان من المفترض عقده يضم ما يقارب 60 عسكريا ومقاتلين ثوار؛ بهدف تشكيل مجلس عسكري أعلى للجيش الليبي، وليس لنية الانقلاب على المؤتمر الوطني". وشدد على أنهم "لا يملكون أي قوة عسكرية للقيام بالانقلاب".
وتابع: "بسبب عدم وجود أي تصريحات من الجهات العسكرية المعنية، أرجئ الاجتماع المقرر لحين الحصول على الإذن".
من جهته، اعتبر المستشار في الأمن القومي أحمد الأطرش أن "المؤسسة العسكرية فقدت ضبط إيقاعها، بعدما تعالت أصوات الضباط بداخلها بالتعريج عن الحراك الراهن والتصريح بمواقفهم السياسية".
إلا إنه "استبعد حدوث أي استنساخ للتجربة المصرية بالوقت الراهن؛ بالنظر لتعدد مراكز القوى والنفوذ الجهوية والقبلية والحزبية والانتشار الكبير للسلاح".
وأوضح الاطرش أن "الوضع يعد ضبابيا، خصوصا بعد تأثير التجاذبات السياسية والقبلية بقوة في المؤسسة العسكرية التي لم يكتمل بناؤها بعد".
وأكد "ضرورة عدم وصول الخلافات والتجاذبات إلى هرم السلطة العسكرية، بعد انتشارها في صفوف الوحدات العسكرية"، مطالبا بـ"ضرورة تجريم أي انقلابات تتعارض مع رغبة الشعب الليبي، وتجريم وصول العسكر إلى السلطة بقوة السلاح".
وكان النائب الليبي في لجنة الأمن القومي بالمؤتمر عبد الرحمن الديباني، قال في وقت سابق الأربعاء إن "رئاسة المؤتمر الوطني تلقت معلومات من جهاز الاستخبارات العسكرية، تفيد بمحاولة بعض الضباط العسكريين وسياسيين إصدار بيان عام، يفضي إلى تشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد، والإطاحة بالمؤتمر والحكومة".
وذكرت مصادر مطلعة على تقرير جهاز الاستخبارات أن رئاسة المؤتمر الوطني العام، طلبت إلغاء الجلسة العامة التي كان من المقرر عقدها صباح الثلاثاء (لم تعقد)، وضرورة أخذ الحيطة والحذر من أي تحركات مشبوهة قرب مقر مبنى المؤتمر ومجمع قصور الضيافة في العاصمة طرابلس) وهو مقر القيادة السياسية؛ مما دفع رئاسة الجيش إلى إجراء تعزيزات عسكرية كبيرة للمقرات السيادية.
وأدخل قرار المؤتمر الوطني (برلمان مؤقت) التمديد لنفسه عاما آخر
ليبيا في أزمة سياسية حادة؛ حيث يرى البعض انتهاء فترة شرعية المؤتمر يوم 7 شباط/ فبراير الجاري، فيما يرى آخرون أن المؤتمر مقيد بمهام وليس بتاريخ؛ كونه لم ينجز بعد ما انتخب من أجله، مما يدعوه إلى مواصلة مهامه حتى إنجازها -بحسب مناصري التمديد للمؤتمر-.
وترفض العديد من القبائل والمليشيات المسلحة وأحزاب معارضة ومنظمات مدنية بقاء المؤتمر الوطني العام في السلطة، وترفض أيضا خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية، وتطالب بضرورة إسقاطهم، فيما يدعو آخرون إلى ضرورة بقاء المؤتمر في السلطة، ودعمه لإنهاء الاستحقاقات الدستورية الخاصة بالمرحلة الانتقالية.
وفي تموز/ يوليو 2012، انتخب المؤتمر الوطني لتنفيذ خارطة طريق تشمل: تعيين رئيس وزراء، وانتخاب هيئة تأسيسية للدستور (لجنة لصياغة دستور)، وصياغة قانون الانتخابات وإجراءها، بحسب إعلان دستوري صدر في آب/ أغسطس 2011.
وحدد الإعلان الدستوري فترة 18 شهرًا لإنجاز هذه المهام انتهت في 7 شباط/ فبراير الماضي، من دون أن يشير نصًا إلى أن مدة عمل المؤتمر تنتهي بنفاد هذه الفترة؛ وهو ما يجعل البعض يعتبر أن انتهاء أعمال المؤتمر تنتهي بإتمام بنود خارطة الطريق.
لكن البرلمان الليبي أقرّ نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي خارطة طريق جديدة، تضمّنت تمديد ولاية المؤتمر حتى 24 كانون الأول/ ديسمبر 2014، محددا تواريخ محددة لمهامه.
وتشمل الخارطة الجديدة: انتخاب الهيئة التأسيسية للدستور قبل نهاية شباط/ فبراير الجاري، صياغة الدستور قبل تموز/ يوليو المقبل، وأن يستفتي الليبيون على مسودة الدستور قبل آب/ أغسطس المقبل، ويصدر على أثرها قانون الانتخابات، وتشكل مفوضية الانتخابات وتجري الانتخابات البرلمانية قبل كانون الأول/ ديسمبر 2014، وينهي المؤتمر الوطني مهامه في 24 من الشهر نفسه.