ملفات وتقارير

"رابط البحرين" الأحمر والميت يثير ردود فعل منددة

موقعو اتفاقية البحرين في واشنطن
وقع الأردن والسلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، اتفاقية لتقاسم المياه في مقر البنك الدولي في واشنطن، تشتمل على بناء محطة تحلية على خليج العقبة، وإجراء دراسة لمد خط أنابيب يربط البحر الأحمر بالبحر الميت، يصل طولها إلى 180 كيلومترا.

وحضر حفل التوقيع أعضاء من الحكومة الأمريكية ومؤسسات أمريكية أخرى وممثلون عن البنك الدولي، بالإضافة إلى ممثلين عن الدول المعنية بالاتفاقية. 

وحول القراءة السياسية لاتفاقية مشروع البحرين، قال السفير الفلسطيني السابق والمفكر السياسي الدكتور ربحي حلوم، في حديث خاص لموقع "عربي21"، إن ما يجري الآن هو تنفيذ لوصية الزعيم الإسرائيلي إسحاق شامير، عشية اتفاقات مدريد قبل سنوات عديدة، بأن على المفاوضين الإسرائيليين أن يبحثوا في ثنايا قضايا جزئية لمدة 20 سنة، وأن يتم النقاش بها لمدة 40 سنة، تمامًا كما أمضى هو وبيغن وأسلافهما 60 عامًا مضت يتلاعبون بالجميع.

وأضاف حلوم أن مشروع قناة البحرين هو من القضايا "الهامشية" التي تحتمل عناوين "جوهرية" وكبيرة، بحسب وصايا شامير.

وتساءل: "حين ذهبت السلطة الفلسطينية إلى واشنطن، ما الذي كان أجدى للنقاش؟ أهي مواضيع المياه والعلاقة مع الجيران ورواتب موظفي السلطة والإفراج عن 20 معتقلا، أم القضايا الأساسية، من وقف للتهويد والاستيطان واقتحامات الأقصى وتقسيمه وعودة اللاجئين وحقوق الأسرى والانتهاكات؟".

ونبّه إلى أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حين جاء إلى المنطقة حاملا خطته الأمنية، كان مجمل آرائه أن يصل المتفاوضون إلى اتفاقات جزئية "هامشية"، بعناوين "جوهرية" لا علاقة لها بالبحوث، وكلها تصب لصالح "إسرائيل". 

وقال حلوم أن مشروع البحرين يعدّ إقراراً للاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على أراض هي بالأصل ملك للأردن بحسب ارتباط عام  1949، وبحسب القانون الدولي فإن الارتباط لم يفك، والضفة الغربية لا تزال جزءًا من الأردن. وأضاف أنه يدخل في ذلك وجود قوات الاحتلال على طول نهر الأردن بحسب ما تقضي الخطة الأمنية التي جاء بها كيري، ما يعني الإقرار الرسمي بالحدود التي تحددها "إسرائيل".

وبيّن أنّ "هذا المشروع يعدّ منزلقًا خطيرًا وقع فيه الإخوة في الأردن وفي السلطة، إذ أعطوا الاحتلال ورقة ضغط إضافية، إضافة إلى الأوراق السابقة". وزاد أن "ذلك من شأنه أن يحول الأنظار عما يجري من انتهاكات يمارسها الاحتلال على الفلسطينيين وأراضيهم".

ولفت إلى البند الذي يتعلق بإرسال المياه إلى الأردن من بحيرة طبريا، مذكرًا بالمياه العادمة التي ضخها الاحتلال إلى الأردن سابقًا من هناك على مدى أربع سنوات. 

ومن جانبه صرّح رئيس مجلس الشورى في جبهة العمل الإسلامي المهندس علي أبو السكر، لموقع "عربي21"، بأن "هذا المشروع يحمل علامات استفهام، أهمها: لماذا وقع الاتفاق في واشنطن، ولم يوقع في الأردن على سبيل المثال؟" . وأضاف أنه لم يكن هناك من داعٍ لإشراك الكيان الإسرائيلي المحتل بهذه الاتفاقية، وكان بالإمكان أن يكون مشروعًا أردنيًّا بامتياز، دون أن يخضع فيه الأردن لشروط الاحتلال، ما دامت هناك أطراف دولية وإقليمية مانحة.

ولفت أبو السكر إلى أن هناك غموضًا يكتنف هذه الاتفاقية؛ "فأين هي المكاسب العائدة على الأردن بشكل واقعي؟ أم إنها خسائر في واقع الحال؟"، بحسب ما قال.

ورأى أن الهدف الأساس من الاتفاق هو شرعنة الاحتلال وإعطاء الكيان الإسرائيلي أسباب قوة، بالتطبيع معه من خلال هذه الاتفاقيات التي تعدّ جريمة في حق الوطن. وزاد أنها تدخل في باب التطبيع مع الاحتلال بعلاقات لا ينفك الأردن منها. 

وأوضح أن ذلك قد يدخل في إطار الحفاظ على أمن الكيان الإسرائيلي، وبخاصة أن عراب كل هذه الاتفاقات والمشاريع الأمنية والاقتصادية وغيرها، هو الجانب الأمريكي، الحريص على بقاء "إسرائيل" وأمنها.


وفي السياق تساءلت "الهيئة العليا للشعب الفلسطيني" في صفحتها على "فيسبوك": "من المستفيد الأول من مشروع قناة ربط البحرين (الأحمر والميت) وما عائداته على السلطة الفلسطينية والأردن؟".

وأوضحت الهيئة أن "هذا المشروع يهدف لتوفير مجرى مائي قريب من المفاعل النووي "ديمونة" لاستخدام مياهه في تبريد المفاعل النووي" من ناحية، و"لرفع منسوب البحر الميت، ليصبح مناسباً كذلك لإنشاء مفاعل آخر بالقرب من البحر الميت، ولحاجة المفاعل إلى تجمع مياه لتبريده أيضاً" من ناحية أخرى.

وتساءلت: "إذن، ما العائد على سلطتنا وعلى الأردن من هذا المشروع ؟".

وأشارت إلى أن الأردن، قد يكون فكر بطريقة اقتصادية أكثر منها سياسية، فقد تعود أسباب موافقته على مثل هذا المشروع متعلقة بتنشيط سياحة البحر الميت التي انخفضت في السنوات الأخيرة بعد سحب الاحتلال جزءًا كبيرا من مياهه، فأصبح البحر الميت أقل جاذبية للسياح.
 
"أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية فليس لها أي فائدة أو عائد من هذا المشروع، إذن: لماذا توقع عليه دون أدنى مصلحة لنا فيه؟"، بحسب الهيئة.

وفي السياق نفسه، رأى رئيس مجلس النقباء الأردنيين عبدالله عبيدات، أن توقيع الاتفاقية أمر يصب في صالح الكيان الإسرائيلي فقط.

واستغرب تهميش مجلس النواب من قبل الحكومة، وعدم إطلاعه على مذكرة التفاهم وتفاصيل الاتفاقية. 

ومن جهتها اعتبرت حركة حماس مشروع الاتفاقية تطبيعًا مرفوضًا مع الاحتلال وشرعنة له. وحذرت في بيان للحركة من العواقب الوخيمة لمثل هذه الاتفاقيات.

وقال موقع صحيفة "معاريف" أن مشروع بناء القناة التي تصل بين البحر الأحمر والميت، عبارة عن أنابيب سيتم من خلالها ضخ ما يقرب من 100 مليون كوب في السنة، في حين تصل تكلفة بناء هذا المشروع الذي يتضمن محطة تحلية للمياه في العقبة إلى ما بين 300 و 400 مليون دولار، وسيتم البدء في تنفيذ هذا المشروع العام القادم ويستمر العمل فيه لثلاث سنوات.

وسيساعد الاتفاق وفقا لموقع البنك الدولي، في إدارة موارد المياه الشحيحة في المنطقة ودعم التنمية المشتركة واستخدام موارد مائية جديدة من خلال تحلية مياه البحر.

وقد وقع الاتفاق وهو على شكل مذكرة تفاهم (MOU) الوزراء المسؤولون عن قطاع المياه في الحكومات المتعاونة الثلاث وهم : الوزير سيلفان شالوم ممثلاً عن "إسرائيل"، والوزير حازم الناصر ممثلاً عن الأردن، والوزير شداد العتيلي ممثلاً عن السلطة الفلسطينية.

وتتضمن مذكرة التفاهم الخطوط العريضة لثلاث مبادرات لتقاسم المياه الإقليمية الرئيسة التي سيتم اتباعها خلال الأشهر المقبلة من قبل الأطراف المتعاونة. 

وتشمل هذه المبادرات تطوير محطة لتحلية المياه في العقبة على البحر الأحمر، حيث ستكون المياه مشتركة بين "إسرائيل" والأردن، مع زيادة إطلاق كمية المياه من قبل "إسرائيل" من بحيرة طبريا لاستخدامها في الأردن، وبيع نحو 20 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من شركة مكوروت (المؤسسة الوطنية للمياه الإسرائيلية) لسلطة المياه الفلسطينية لاستخدامها في الضفة الغربية.

ويتضمن المشروع نقل المحلول الملحي من محطة التحلية في العقبة إلى البحر الميت عبر خط أنابيب، لدراسة الآثار المترتبة على خلط المحلول الملحي مع مياه البحر الميت، وذلك تحت إشراف علمي.

وللمضي قدماً في هذه الإجراءات، وخاصة محطة تحلية المياه في العقبة، ينبغي القيام بالأعمال الفنية والدراسات اللازمة.

يشار إلى أن مذكرة التفاهم جاءت نتيجة التعاون القائم منذ عام 2005 بين "إسرائيل" والأردن والسلطة الفلسطينية حول برنامج دراسات توصيل مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت.