سياسة عربية

معلق بريطاني: اتفاق النووي نتاج فشل حرب الإرهاب

مصافحة بين وزراء خارجية الدول المشاركة في مفاوضات النووي الإيراني- أرشيفية
قال الكاتب والمعلق في صحيفة "الغارديان"شيموس ميلين" إن الإتفاق النووي الذي وقع في جنيف بين الولايات المتحدة وإيران يوم الأحد، يمثل هزيمة لحرب خاضتها أمريكا على الإرهاب.
 وقال إن الاتفاق يمثل نهاية للطموحات الحربية في المنطقة، فلم تعد الحروب في الشرق الأوسط خياراً بعد تجربة العراق وأفغانستان.
 وذكر أن جنيف جاءت بعدما كانت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة على استعداد لشن حرب جديدة على دولة إسلامية وعربية وهي سورية، مشيراً إلى أن  البرلمان البريطاني وقف أمام محاولة الحكومات الثلاث تصعيد الأمر وشن الحرب وهو ما دفع الكونغرس الامريكي لإتخاذ خطوة مشابهة.
ولم يمنع الضربة العسكرية الأمريكية على سورية سوى الضغط الذي مارسته موسكو على حليفها في دمشق، حيث وافق النظام على تسليم مخزونه من السلاح الكيماوي. وتبع ذلك بعد شهرين اتفاق قام به الحليف الآخر لسورية وهو إيران، في صفقة لتقليل مستويات تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران منذ أكثر من عقد من الزمن.


ويقول الكاتب إن كلتا الصفقتين السورية والإيرانية تعبران عن الواقع بعد "فشل الحرب على الإرهاب" حيث فشل الغرب على مدى 12 عاما من التدخل العسكري في الدول العربية والإسلامية.
وكما هو الحال أيضا في سورية ورغم التدخل غير المباشر من قبل الغرب ودول الخليج، بقى الأسد في السلطة وتكسب قواته مزيدا من الأراضي، بينما تسيطر الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة على معسكر المعارضة.  
ويرى الكاتب أن محاولة الحكومات الغربية تصعيد الوضع ضد المحور الإيراني السوري انقلبت ضدها، فقد عززت روسيا موقعها في المنطقة بدون أن تحرك إصبعا واحدا، بينما يبقى أقرب حليفين للولايات المتحدة في المنطقة وهما إسرائيل والمملكة العربية السعودية يرددان عبارات الخيانة ويطالبان حلفاءهما بدعم محاولة عرقلة الصفقة في الكونغرس. 
ويضيف "ميلين" قائلاً إن "الأنظمة الديكتاتورية الحليفة لأمريكا في السعودية والإمارات والأردن مع  إسرائيل قد دخلت في تحالف مع النظام العسكري العلماني في القاهرة، والذي يسعى لشراء السلاح من الحليف الأول للنظام السوري وهو روسيا.  
كل هذا على الرغم من قيامها بدعم المقاتلين السوريين المقربين من القاعدة بحسب الكاتب، ويخص هنا بالذكر السعودية والإمارات ودول خليجية أخرى. كما وافقت السلطات السعودية على إطلاق سراح الجهاديين المعتقلين لديها بشرط أن يتوجهوا إلى الأراضي السورية واللبنانية للقتال مع الجماعات المرتبطة بالقاعدة". وفي نفس الوقت يشير إلى أن تركيا التي تدعم المعارضة السورية بدأت بالتقارب مع إيران.
 ويؤكد الكاتب أن الفوضى التي تعيشها المنطقة هي نتاج الحرب على الإرهاب، والأوضاع التي تبعت ثورات الربيع العربي قبل ثلاثة أعوام. فالحملة التي بدأت في أفغانستان ومرت في العراق وعبر حملات الطائرات بدون طيار وصلت مرحلتها الأخيرة في محاولات أمريكا لخطف وسحق الثورات في العالم العربي. وفي مرحلة من مراحلها فشلت هذه الحرب وخلفت وراءها دماراً وإرهاباً وحروباً طائفية تمتد من الباكستان  إلى ليبيا. 
وكشفت الحرب هذه عن محدودية قدرات أمريكا والغرب معها لفرض خيارهم العسكري، وجاء فشلها الإستراتيجي بثمن كبير من الأرواح، وهذا واضح من الصفقتين اللتان عقدتا مع سورية وإيران هذا الخريف.
 ويقول الكاتب إن تكاليف المواجهة مع إيران قد أصبحت مرتفعة بينما حلفاء أمريكا في المنطقة غارقون في أتون حرب طائفية لا يمكن الفوز بها، فيما تملك إيران مفاتيح التهدئة في المناطق التى تريد الولايات المتحدة تهدئتها من فلسطين وحتى أفغانستان. ولذلك يعتبر الكاتب أن اتفاق جنيف يعكس الواقعية الأمريكية بغض النظر هل سيستمر أم لا.
وينتهي الكاتب إلى أن أمريكا تقوم بتعزيز وجودها العسكري في الخليج في وقت خطير ومرحلة متقلبة في الشرق الأوسط، وفي وقت يواجه فيه العالم أزمة في سوق الطاقة، ولهذا يُفهم ما تقوم به أمريكا بالتهدئة مع إيران على أنه محاولة لتأمين إمدادات النفط من الخليج. وفي النهاية لن تتدخل واشنطن عسكرياً وتشن حروبا ولكنها ستواصل "حربها على الإرهاب عبر غارات تقوم بها طائرات بدون طيار، والعمليات التى تشنها القوات الخاصة".