أعلنت هيئة الدفاع عن رئيس حركة النهضة
التونسية، الأستاذ راشد الغنوشي، أن موكلها دخل اليوم الجمعة في
إضراب مفتوح عن
الطعام داخل مكان احتجازه، وذلك تضامناً مع الناشط السياسي والأستاذ الجامعي جوهر
بن مبارك، الذي يخوض بدوره منذ أيام إضراباً عن الطعام احتجاجاً على ما وصفه
بـ"انتهاك استقلال القضاء وتضييق الحريات في البلاد".
وقالت هيئة الدفاع في بلاغ رسمي صدر أمس،
الجمعة، إن قرار الغنوشي يأتي "تعبيراً عن رفضه لما آلت إليه الأوضاع
الحقوقية والسياسية في تونس، ودفاعاً عن استقلالية القضاء وعن الحريات العامة
والفردية"، مضيفة أن الإضراب يأتي في سياق متصاعد من الاحتقان السياسي
و"الاستهداف الممنهج للمعارضين".
ويقبع راشد الغنوشي، البالغ من العمر 84
عاماً، في السجن منذ أبريل 2023 على خلفية قضايا ذات طابع سياسي، وفق ما تؤكد هيئة
دفاعه، التي تعتبر أن محاكمته "تفتقر لشروط العدالة والشفافية".
أما جوهر بن مبارك، وهو منسق "جبهة
الخلاص الوطني" المعارضة، فيخوض منذ عدة أيام إضراباً عن الطعام داخل السجن،
احتجاجاً على استمرار اعتقاله دون مبررات قانونية واضحة، حسب تصريحات سابقة
لعائلته وهيئة الدفاع عنه.
وتشهد تونس منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد
الإجراءات الاستثنائية في يوليو 2021 توتراً سياسياً حاداً، بعد حلّ البرلمان
وإعادة صياغة الدستور وتركيز السلطات بيده، ما أثار موجة انتقادات من المعارضة
التي تعتبر أن البلاد "تعيش انحرافاً استبدادياً متسارعاً".
وأكدت هيئة الدفاع عن الغنوشي في ختام
بيانها أنها "تحمل السلطات القضائية والسياسية كامل المسؤولية عن سلامته
الجسدية"، داعية المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى "التدخل العاجل
من أجل ضمان حقوقه الأساسية ووقف الممارسات الانتقامية ضد المعارضين".
ولم تصدر السلطات التونسية، حتى ساعة نشر
هذا التقرير، أي تعليق رسمي على إعلان الغنوشي دخوله في الإضراب عن الطعام.
علق مستشار الرئيس التونسي السابق المنصف
المرزوقي، والناشط الحقوقي أنور الغربي، في تصريح خاص لـ
"عربي21"، على
موجة إضرابات الجوع التي أعلنها عدد من المعتقلين السياسيين في تونس، وآخرهم رئيس
حركة النهضة راشد الغنوشي، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل "تطوراً خطيراً
ومؤشراً على حالة انسداد سياسي وحقوقي غير مسبوقة في البلاد".
وقال الغربي إن "لجوء شخصيات وطنية
وحقوقية إلى إضرابات الجوع يعكس درجة اليأس من إمكانية حصول محاكمة عادلة، أو من
وجود قنوات سياسية ومؤسساتية قادرة على حل الأزمة التونسية عبر الحوار والاحترام
المتبادل"، مشدداً على أن "هذا الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من التصعيد أو
المكابرة".
وأضاف الغربي في تصريحه أن "السلطات
التونسية مطالبة اليوم بإبداء قدر من المسؤولية والعقلانية، والاستماع إلى أصوات
الحكمة، من أجل الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، وفتح أفق جديد للحوار
الوطني الجاد الذي يعيد الثقة بين الدولة والمجتمع".
وحذر من أن "استمرار تجاهل هذه الرسائل
الإنسانية والسياسية، التي يوجهها المضربون عن الطعام، قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة
على صورة تونس وعلى استقرارها الاجتماعي والسياسي"، داعياً المنظمات الحقوقية
والنقابية إلى "التحرك قبل فوات الأوان".
وختم الغربي تصريحه ل
ـ"عربي21"
بالقول: "تونس اليوم في مفترق
طرق حقيقي، وما يجري في السجون ليس مجرد احتجاج فردي، بل صرخة وطنية يجب أن يسمعها
الجميع قبل أن يتحول الإحباط إلى قطيعة نهائية بين الحاكم والمحكوم."