تواجه إثيوبيا تحديات سياسية واجتماعية معقدة، تمتد من تهميش المسلمين
لعقود، إلى استمرار هجرة
يهود الفلاشا إلى الاحتلال
الإسرائيلي، إضافةً إلى تداعيات النزاع في
إقليم تيغراي.
وخلال حوار له
مع CNN بالعربية أكد المؤرخ
الإثيوبي آدم كامل فارس إلى أن "عهد الأباطرة كان خطأ سياسيًا ودبلوماسيًا
كبيرًا"، موضحًا أن الحكام السابقين ربطوا أنفسهم بالدول الغربية وأهملوا
المسلمين، ما أدى إلى تعرض المناطق ذات الأغلبية المسلمة للجفاف والمجاعات بسبب
غياب التنمية والدعم الحكومي.
وأضاف فارس أنه مع وصول رئيس الوزراء الحالي، آبي أحمد علي، بدأ الوضع
يتغير تدريجيًا، إذ تبنى آبي أحمد سياسات إصلاحية تهدف إلى تعزيز الشمولية في
المشهد السياسي الإثيوبي، وفتح المجال أمام المسلمين للمشاركة في الحياة العامة
بشكل أكبر.
وقال إنه رغم هذه الإصلاحات، فلا يزال المسلمون في إثيوبيا يواجهون تحديات
كبيرة، من بينها الفقر والتمييز في بعض المجالات الحيوية، بالإضافة إلى القلق من
تصاعد التوترات الطائفية في ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة.
ومن ناحية أخري تعد قضية يهود الفلاشا من أبرز الملفات التي شهدت تحولات
كبيرة في العقود الأخيرة، فبحسب المؤرخ فارس، فإن عمليات تهجير اليهود الإثيوبيين
إلى إسرائيل "تمت بدون علم الحكومة الإثيوبية" في مراحلها الأولى، في
إشارة إلى العمليات السرية التي نفذتها إسرائيل، مثل "عملية موسى"
و"عملية سليمان" خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لنقل آلاف
اليهود الإثيوبيين إلى إسرائيل.
ورغم الاعتراف بهم كمواطنين إسرائيليين، لا تزال أوضاع الفلاشا في إسرائيل
مثيرة للجدل، حيث يعاني كثير منهم من التمييز والعنصرية، فضلًا عن احتجاجاتهم
المتكررة للمطالبة بالمساواة مع باقي المكونات اليهودية.
في الوقت نفسه، تستمر "إسرائيل" في تسهيل هجرة المزيد من الفلاشا، مستغلة
الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الكثير منهم في إثيوبيا.
لم يكن النزاع في إقليم تيغراي بعيدًا عن المشهد السياسي المعقد في
إثيوبيا، حيث أشار فارس إلى أن "الخلافات دائمًا تكون موجودة"، لكنه شدد
على أهمية الحوار كسبيل وحيد لحل الأزمة.
ويعتبر تيغراي إقليمًا ذا أهمية ثقافية وتراثية، لكنه شهد حربًا دامية بين
الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي، ما أدى إلى مآسٍ إنسانية واسعة النطاق.
ورغم توقيع اتفاق السلام في نوفمبر 2022، فإن تداعيات الحرب لا تزال تلقي
بظلالها على المشهد الإثيوبي، حيث تحتاج مناطق كثيرة في الإقليم إلى إعادة الإعمار
والمساعدات الإنسانية العاجلة، وسط تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة تواجه الحكومة
الإثيوبية.