نشرت صحيفة "
ذي هيرالد" الإسكتلندية مقالا للأمينة العامة لمؤتمر النقابات العمالية الإسكتلندية روز فوير٬ قالت فيه إن أكبر النقابات التعليمية (EIS) أطلقت يوم الجمعة الماضي، في
غلاسكو، نسخة محدثة من سياستها في التعليم من أجل
السلام.
قالت الصحيفة: "لا شك أن هذا كان ردا على العالم الفوضوي الذي مزقته الحروب الدولية والذي يضطر فيه شبابنا إلى التفكير في مستقبلهم وتطوير مواقفهم ومهاراتهم. إن الحرب في أوكرانيا، والمذبحة في السودان، وبالطبع الفوضى والقتل في الشرق الأوسط، كلها في الأساس مأساة إنسانية تسببت في الموت والمعاناة لمئات الآلاف من الناس".
وأضافت أن "موجات الأثير ومساحات وسائل التواصل الاجتماعي لدينا مليئة بصور الجرائم التي لا توصف، والتعليقات غير المستنيرة والكراهية. وفيما أكتب هذه الكلمات، هناك إمكانية لسلام هش في
غزة، مما يؤدي إلى إنهاء عمليات القتل
الإسرائيلية في غزة وعودة الرهائن، الذين احتجزوا بشكل مروع لمدة 15 شهرا حتى الآن. أقول إمكانية، لأنه حتى في الوقت القصير بين كتابة هذا العمود وقراءته، يمكن أن تتغير الأمور مرة أخرى".
وتابعت: "بينما كان الأطفال يرقصون والرجال والنساء يبكون في شوارع غزة، كانت القنابل هي التي تحكم فوقهم. واستمر الناس في الموت نتيجة لأعمال العنف العسكري العبثية بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي على مبنى سكني. وأنا أكتب عن صراع تحطمت فيه آمال السلام والعدالة في كل منعطف تقريبا، على مدى ثلاثة أجيال".
وأشارت "تُدرك سياسة التعليم كما تراه نقابة EIS أن هناك ثلاث طرق متداخلة لتحقيق السلام. حفظ السلام، وصنع السلام، وبناء السلام. لقد كان شعب
فلسطين ومعظم المنطقة الأوسع نطاقا ضحايا للفشل الكامل والمذل للمجتمع الدولي في تحقيق أي من هذه الطرق الثلاث".
كما أكدت: "كان حفظ السلام ليتضمن عدم إعطاء الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية لتنفيذ الفظائع التي شهدتها غزة في الأشهر الماضية في حين تقدم مليارات ومليارات الدولارات من المساعدات العسكرية. كان صنع السلام ليتضمن قضاء العقود الماضية في الإصرار على الالتزام بالقانون الدولي بدلا من إصدار عبارات مبتذلة حول "حل الدولتين" في حين تتسامح مع الإجراءات المصممة صراحة لتدمير أي نتيجة من هذا القبيل".
وأشارت إلى "أن بناء السلام كان ليتطلب عملية تعاونية طويلة الأجل لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع بدلا من الاستسلام للمصالح السياسية والاقتصادية قصيرة الأجل للحكومات الغربية".
وأكدت أن "الاتفاق الذي يبدو أنه على وشك التوصل إليه شاق ومحفوف بالمخاطر. سوف يوقف الأعمال العدائية؛ ويلتزم بإعادة الأسرى الذين تحتجزهم حماس بينما تفرج إسرائيل عن السجناء الفلسطينيين؛ ويتم سحب القوات الإسرائيلية من أجزاء من غزة ويسمح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى فلسطين. وخلال هذه الفترة، سوف تستمر المفاوضات بين الطرفين، بوساطة القطريين والمصريين".
وأضافت الصحيفة: "بالطبع، يلوح خلف الوسطاء وهج برتقالي شاهق للرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. فقد كانت جميع الأطراف حريصة، جزئيا، على الحصول على شيء على الطاولة قبل أن يوقع دونالد على أوراقه ويصبح القائد الأعلى مرة أخرى".
وتابعت: "لا يهمني الأمر ولا أهتم كثيرا بالرئيس الذي سيسعى إلى نسب الفضل لنفسه في إيصال الجانبين إلى هذه المرحلة من المفاوضات. ولن يهم ذلك شعب فلسطين أيضا. سيكون من السابق لأوانه، وإن كان مضللا تماما، أن يزعم جو بايدن أو دونالد ترامب أنهما جلبا السلام إلى الشرق الأوسط".
وقالت: "إذا كانت أرضك محتلة، أي جزء منها، فأنت لا تعيش في سلام. وإذا كنت تعيش في ظل التهديد بهدم منزلك لإنشاء مستوطنة إسرائيلية غير قانونية أخرى، فأنت لا تعيش في سلام. إذا كنت خاضعا للاحتجاز دون تهمة، في أي سن، فأنت لا تعيش في سلام. حتى في هذه الأوقات الأكثر قتامة، يتعين علينا أن نؤمن بأن السلام والعدالة ممكنان".
واعتبرت الصحيفة أيضا أنه "يتعين علينا أن نكون واقعيين. فوقف إطلاق النار ليس هو السلام، تماما كما لم تكن فترات الصراع على مستوى أدنى تعادل السلام في المنطقة في السنوات الماضية. وبطبيعة الحال، ندعو الله أن يصمد وقف إطلاق النار الهش هذا وأن يترجم الشعور الجماعي بالذنب الذي يشعر به المجتمع الدولي إلى إعادة بناء غزة الموعودة".
وأكدت: "إذا كانت حكومة المملكة المتحدة راغبة في البدء في لعب دور ذي مغزى والتكفير عن تواطؤها في تدمير غزة، فيتعين على رئيس الوزراء أن يتعهد، دون لبس، بتسخير كامل قوة دولتنا لدعم شعب فلسطين ولعب دورنا في إعادة بناء المنطقة. ولا ينبغي أن يتم هذا على مراحل. بل يتعين علينا أن نطلق موجة عارمة من المساعدات نحو غزة. الأدوية. والغذاء. والمأوى. والمساعدات الإنسانية".
وأضافت: "ثم يتعين علينا أن نوقف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل وأن نشن حملة مقاطعة وعقوبات حتى تلتزم بالقانون الدولي والإنساني الذي استخفت به لأجيال. حتى الآن في تاريخ هذا الصراع، كان المجتمع المدني ــ وليس الساسة ــ هو الذي كان على الجانب الصحيح من التاريخ في هذا الشأن".
وختم المقال قائلا: "لقد ناضلت المنظمات المجتمعية والجماعات الدينية والنقابات العمالية منذ فترة طويلة من أجل السلام والمساواة في فلسطين، تماما كما فعلنا من أجل أولئك الذين عانوا من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. كل استطلاع للرأي على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية يشير إلى أن سكان هذه الجزر يتفقون معنا. ورغم آمال الأقلية الرهيبة، فإن غزة سوف يعاد بناؤها. وسوف يتحمل شعب فلسطين. وسوف يعيش. سوف يعيدون البناء. وسوف يزدهرون. وسوف يفعلون ذلك بفضل قوة أمتهم ومن خلال التضامن الذي سنوفره لهم".