بدأت العاصمة السورية
دمشق، الثلاثاء، تستعيد إيقاع الحياة الطبيعية تدريجياً بعد إنهاء حقبة دامت نصف قرن من حكم عائلة الأسد، حيث عاد السكان إلى الأسواق، وفتحت المتاجر أبوابها، في مشهد حلّ فيه مسلحو المعارضة محل قوات
النظام التي كانت تسيطر على الشوارع.
وبدا الارتياح واضحا على وجوه الناس في سوق باب السريجة الشعبي وسط العاصمة، فقد استأنف التجار أعمالهم وعاد المتسوقون إلى الحركة بعد سنوات من القمع الذي جسّده حكم حزب البعث، بحسب وكالة "فرانس برس".
تروي لينا الأستاذ، وهي سيدة تبلغ من العمر 57 عاماً، تجربتها أثناء التسوق مع زوجها للمرة الأولى منذ سقوط النظام، قائلة: "رغم بعض الخوف في البداية، إلا أنني أشعر بالسعادة اليوم. انتهى حكم الأسد، وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها".
ورغم تجربتها السابقة في الاعتقال عام 2015، تضيف بحذر: "نحن السوريين نحب الحياة، وعلينا أن نتأمل خيراً في المستقبل".
على مقربة منها، يشير بسام خالد، وهو بائع خضار في الخمسين من عمره، إلى تحسن حركة البيع، قائلا: "ما يريده المواطن السوري اليوم هو حياة كريمة ودخل يكفي لتأمين احتياجاته".
ولا تزال شوارع العاصمة تحمل آثار النظام السابق؛ صورا ممزقة لبشار الأسد، وآليات عسكرية مهجورة، وظروف رصاصات متناثرة في ساحة الأمويين.
وفي المقابل، تظهر معالم الحاضر الجديد مع عناصر المعارضة الذين تولوا مسؤولية الأمن في المدينة، وحلوا محل قوات الشرطة والأجهزة الأمنية السابقة.
في مركز قيادة شرطة دمشق، بدأت حكومة الإنقاذ - التي كانت تتمركز في إدلب - بتسيير شؤون العاصمة. وفي أروقة المركز، يعكف عناصر الشرطة الجديدة على تسجيل الشكاوى واسترجاع المسروقات.
يقول أحد قادة الشرطة لفرانس برس مفضلا عدم الكشف عن اسمه: "سنبدأ عملنا رسميا خلال أيام، وسنعمل على تأمين المراكز الحكومية وحفظ الأمن في العاصمة".
في الأحياء الراقية غرب دمشق، خرج الشباب للاحتفال بانتهاء حكم الأسد، حاملين أعلام الثورة، بينما غصّت بعض المقاهي في المناطق ذات الغالبية المسيحية بالرواد. لكن في مناطق أخرى، بقيت الاحتفالات محدودة مع استمرار الحذر، وأغلقت النوادي الليلية أبوابها بينما استأنفت المطاعم والمقاهي عملها بشكل محدود.
رانيا دياب، طبيبة تبلغ من العمر 64 عاما، جلست مع صديقاتها في أحد مقاهي حي القصاع.. وقالت: "كانت لدينا مخاوف كبيرة، لكننا تشجعنا للخروج اليوم. مع ذلك، فلا يزال الحذر قائما ونعود إلى منازلنا مبكرا".
بعد انتهاء حكم الأسد، بات الحديث عن الحريات والتغيير ممكنا، حيث لم تعد نقاشات المواطنين حول النظام من المحرّمات التي قد تقودهم إلى السجن.
تقول دياب: "نتمنى أن نعيش حياة طبيعية في بلدنا، مع حرية رأي وازدهار اقتصادي وانفتاح على العالم".
ورغم الغموض المحيط بمستقبل
سوريا، فإن سكان دمشق يأملون في أن تحمل الأيام القادمة تحسنا ملموسا في الأمن والمعيشة، بعد عقود من القمع والاضطرابات.