ما زال
الإسرائيليون يحصدون الثمار المريرة لفشلهم في مواجهة هجوم حركة
حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ورغم مرور أكثر من 430 يوماً عليه، وما يدعيه الاحتلال من تحقيق إنجازات عسكرية، لكن الحقيقة الدامغة التي تزعجه صباح مساء أنه أمام فشل لا يغتفر، حتى مع تقادم الزمن.
المحامي أوريئيل ليفين ذكر أن "القاسم المشترك بين السابع من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 والسابع من كانون الأول/ديسمبر 1941 هو عامل المفاجأة، ففي الأول تمكنت حماس من مباغتة الاحتلال في مستوطنات غلاف
غزة، مما كلفه مقتل 1163 جنديا ومستوطنا، واختطاف 251 آخرين، وفي الثاني فاجأت القوات الجوية اليابانية بهجوم على قوات البحرية الأمريكية وطائراتها، دون قدرة دفاعية، كلفها 2459 قتيلا".
وأضاف في مقال نشرته "
صحيفة معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21"، أنه "في مفاجأة حماس غير السارة نجحت في تنفيذ مخططها، قبل أن تأتي وحدات جيش الاحتلال لإنقاذ المستوطنين، رغم أنه كانت هناك علامات وإشارات مبكرة تنذر بالتخطيط للهجمات، لكن الأجهزة الأمنية تجاهلتها، واستخفت بها، مع أن المباغتة القتالية لها ميزة كبيرة، فهي تمنح قوة صغيرة القدرة على إلحاق أضرار جسيمة بقوة أكبر، بل وهزيمتها، وهناك عشرات الأمثلة على ذلك في التاريخ العسكري، لأنها تعرف كيف تمنع العدو من التصدي لميزة المفاجأة".
وأشار إلى أنه "من المفارقات الغريبة أن عام 2003 شهد صدور ترجمة عبرية لكتاب روبرتا فالستر عن الهجوم الياباني في ميناء "بيرل هاربر"، وقد نشرته دار نشر "مودن" ووزارة الحرب في تل أبيب، ولو أن القيادة العليا في جيش الاحتلال قرأت الكتاب، لربما لم ينجح هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، علما بأن مقدمة الكتاب التي كتبها الجنرال عيران نيف، تحدثت عن إشارات لحركة غير عادية لطائرات يابانية على الرادار التقطتها طائرتان أمريكيتان، لكن أوامر عليا طلبت منهم تجاهل ذلك".
وأكد أنه "من الصعب تجاهل التشابه مع تقرير مراقِبات جيش الاحتلال على حدود قطاع غزة، الذي رفضته القيادة العليا للجيش، مما يعني فقدانه لفهم مغزى ظاهرة "المفاجأة الاستراتيجية"، التي لها مرادف آخر اسمه "العمى"، الناتج عن عدم استفادة المنظومة الأمنية والعسكرية من المعلومات التي لديها، بجانب شعورها بالرضا الشديد عن أدائها، وهذا شعور خطير لأنه يمنع التفكير النقدي".
وأوضح أن "سببا آخر لوقوع تلك المفاجأة يتمثل في عدم تنفيذ الجيش للعديد من التوصيات التي تقدم له منذ عقود، كما أن الطبيعة البشرية لا تسمح بالعيش في حالة من اليقظة المستمرة، فإسرائيل ذاتها التي فوجئت في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، قال قبلها بأيام قليلة الجنرال إيلي زعيرا رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، إن "المصريين والسوريين مردوعون، ولن يذهبوا للحرب، وليس لديهم مصلحة بالتصعيد"، وهو ما تكرر في 2023 عندما تحدث الجنرالات عن حماس بنفس المفردات والمصطلحات".
وأضاف أن "جيش الاحتلال الذي يقاتل في غزة منذ أكثر من عام، فعلت قيادته العليا بالضبط ما يجب ألا تفعله، وهذا هو مصدر الكارثة، فهي لم تعرف كيف تميز بين الحقائق والافتراضات العملية واستخلاص استنتاجات، مع أن الواقع الأمني المعقد للاحتلال يتطلب من قادته ألا يعملوا على أساس افتراضات غير مؤكدة، ولكن للأسف فإن هذا التفكير السيء موجود بالتأكيد لدى كبار قادة الجيش، والنتيجة أنهم وقعوا في خطأ وفشل فادح لن يغفر لهم".
وختم بالقول إن "دولة الاحتلال بأسرها، وكجزء من استخلاصاتها من فشل تشرين الأول/أكتوبر، ينبغي أن تعمل وفق مبدأ لا هوادة فيه، ويقوم على أن السياسة لا يمكن أن ترتكز على مفاهيم، وتحليلات "احترازية"، وسياسات متطورة ومتعجرفة، والافتقار لدراسة الماضي، والافتقار لرغبة في انتقاد الذات، بل على عكسها تماما، وهذه أولى خطوات معالجة الفشل الذي وقع".