ذكر
تقرير لصحيفة " واشنطن بوست"، أن
إيران ترى في وقف إطلاق النار
في لبنان، فرصة لها لكي تعيد تجميع قواها بعد النكسات الأخيرة التي تعرضت لها.
وفي
التقرير الذي أعدته سوزانا جورج وسوزان حيدموس ومصطفى سالم، قالوا فيه؛ إن إيران
ترى في وقف إطلاق النار انتصارا للحزب، لكنها عملت من خلف الأضواء من أجل التوصل
إلى هدنة، والحد من خسائر الجماعة اللبنانية.
وأضاف التقرير، أن وقف إطلاق النار
هذا الأسبوع بين
حزب الله وإسرائيل، خفف بعضا من الضغط، وإن بشكل مؤقت على الراعي
الرئيسي للجماعة العسكرية، أي إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإيرانيين الذين عملوا من خلف الكواليس
وبهدوء من أجل وقف إطلاق النار، واعترفوا
بشكل تكتيكي بالضرر الذي ألحقته إسرائيل بحزب الله، المنظمة الرئيسية في
استراتيجية الردع الإيرانية.
وقد نجحت إيران، على مدى أكثر من عام، في التعامل مع
التوترات المتزايدة الناجمة عن حرب في غزة، حيث تخوض حماس، حليفة طهران الأخرى
حربا ضد إسرائيل، كما وجدت
طهران في أحيان أخرى نفسها في مواجهة مع إسرائيل، بما في ذلك الضربات
الصاروخية المتبادلة، مع أنها ظلت في معظم
الوقت بعيدة عن الانخراط مباشرة في
الحرب، بحسب الصحيفة.
وظلت الجماعات الموالية لها تقوم بهجمات
ضد إسرائيل، إلا أنه بمجرد اندلاع الحرب المباشرة بين حزب الله وإسرائيل، واستهداف
الأخيرة القيادة العليا للحزب، بمن فيها الأمين العام له، حسن نصر الله في
أيلول/سبتمبر، زادت الضغوط على طهران للتدخل.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2024، نفذت
إسرائيل غارات جوية ضد أهداف عسكرية، بما فيهم مصانع للصواريخ الباليستية، وجدت
إيران نفسها مدفوعة للبحث عن طرق لوقف إطلاق النار، حسب دبلوماسيين مطلعين على
المحادثات نقلت عنهم الصحيفة.
وقال دبلوماسي غربي للصحيفة، عن تقييم بلاده للغارات الإسرائيلية ضد إيران:
"نعلم أن الغارات كانت قوية"، مضيفا أن قادة إيران "شعروا بحرارة
الضربة". ولكن الهدنة قد تكون قصيرة، فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو في خطابه عن وقف إطلاق النار؛ إنه يؤيد وقف إطلاق النار في لبنان، حتى تتمكن إسرائيل من "التركيز على التهديد الإيراني".
وقال يوم الثلاثاء: "أنا عازم على القيام بكل ما هو ضروري لمنع إيران من الحصول على
سلاح نووي".
وتشير الصحيفة إلى أن المسؤولين الإيرانيين، اقترحوا لعدة أشهر
أنهم قد يعيدون النظر في الحظر على الأسلحة النووية، ويركزون على القنبلة النووية
لاستعادة الردع، الأمر الذي أثار قلق المسؤولين الأمريكيين.
وذكرت
وسائل الإعلام الإيرانية، أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أخبر الصحفيين
يوم الخميس قائلا: "أستطيع أن أخبركم بصراحة تامة، أن هناك نقاشا يدور في
إيران، وما إذا كان علينا أن نغير عقيدتنا النووية".
وترى الصحيفة أن ما سيفعله قادة إيران، سيحدد المرحلة القادمة من المواجهة مع إسرائيل. وكان
الموقف الرسمي لإيران هو أن وقف إطلاق النار كشف عن مستوى القوة العسكرية لحزب
الله.
وكتب عراقجي في منشور على موقع إكس: "مرة أخرى، حطم حزب الله أسطورة
إسرائيل التي لا تقهر".
وبينت الصحيفة، أن الواقع على الأرض أكثر قتامة، فلا يزال حزب الله يحصي قتلاه ودمرت مدن وقرى أنصاره.
وقدر البنك الدولي الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية للبنان بسبب الحرب بنحو
8.5 مليار دولار.
ونقلت الصحيفة عن سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس بلندن، قولها؛ إن ما فعلته إيران هو انتهاز
الفرصة للحفاظ على ما تبقى من حزب الله. ولهذا السبب، يعطي وقف إطلاق النار لإيران
بعض الراحة؛ حيث يمكنها تقييم خسائر حزب الله والبدء في إعادة بناء الحركة، وإعادة
تقييم استراتيجيتها الإقليمية للردع، التي اعتمدت بشكل كبير على الجماعة
اللبنانية، التي كانت ذات يوم أقوى المليشيات المتحالفة مع طهران.
وقال عبد الملك الحوثي، زعيم الحركة التي
تدعمها إيران إنه: "من المهم البناء على ما تم تحقيقه على الجبهة اللبنانية، والتقدم أماما نحو مزيد من التصعيد [ضد إسرائيل]، وبخاصة من العراق واليمن".
وأطلقت
جماعة الحوثيين والجماعات الشيعية التي تدعمها إيران، صواريخ ومسيرات ضد إسرائيل؛ من أجل إظهار التضامن مع غزة وحزب الله. لكن الهجمات كانت رمزية إلى حدّ كبير، حيث
تم إسقاط معظم الصواريخ والطائرات بدون طيار قبل أن تصل إلى الأراضي الإسرائيلية.
وقد أصيب بعض أعضاء حزب الله بخيبة أمل تجاه إيران وشبكتها من الجماعات المسلحة، والمعروفة
أيضا باسم "محور المقاومة"، التي يقولون إنها فشلت في مساعدة لبنان
خلال أسوأ حرب خاضها منذ عقود.
ونقلت
الصحيفة عن أحد المقربين من الحزب والمطلعين على تفكيره قوله؛ إن لبنان كان في أضعف حالاته في أثناء القصف العنيف، ومع ذلك كان
الدعم ضئيلا من عناصر محور المقاومة الآخرين، سواء في اليمن أو العراق. وحمّل إيران
اللوم، أنها لم تقدم المزيد من الدعم في وقت الحرب، الذي كان يتوقع من الجماعات
الموالية لإيران تقديم المزيد من الدعم وتخفيف الضغوط عليه.
وقال هذا
الشخص؛ إن إيران لم تكن مستعدة لتصعيد الوضع. وتعلق الصحيفة أن هذه المشاعر قد تعقد
من مهام إعادة الإعمار، فبعد حرب 2006، قدمت إيران دعما مميزا لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية في بيروت، والحفاظ على
الدعم الشعبي للحزب، بحسب الصحيفة.
ورغم
التعهد الإيراني بالمساعدة في إعادة تأهيل لبنان بعد الحرب الأخيرة، إلا أن
الأسئلة تثار حول قدرة النظام الإيراني الذي يعاني من ضائقة اقتصادية، وتراجع في
قيمة العملة الإيرانية بسبب العقوبات الأمريكية، على تحقيق المهمة.
ورأت
الصحيفة أن مشاركة إيران في مرحلة ما بعد الحرب قد تعمق من نفوذها، ويعني أن الدعم
الإيراني سيجعل حزب الله تحت التأثير الإيراني المباشر، على حد تعبير الشخص المقرب
منه.
وحذرت
وكيل من "التقييمات الصفرية بشأن نقاط القوة والضعف الإيرانية"، مشيرة
إلى الهلامية في شبكة إيران ومحور المقاومة، حيث طورت طهران علاقات مع جماعاتها
الوكيلة، قادرة على الصمود والاستمرار لوقت طويل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسابيع
المقبلة، ستشهد حرفا في التركيز في النزاع بين حزب الله وإسرائيل إلى سوريا، حيث
زادت إسرائيل من غاراتها ضد البلد.
وبالمحصلة،
تقول وكيل؛ إن العلاقة بين حزب الله وإيران ستتواصل؛ فهي "لا تنتهي بهذه
الهزيمة أمام القوات الإسرائيلية. وتمت تنشئة هذه العلاقة ورعايتها على مدى عقود
من الزمان، وستستمر العلاقة بالتأكيد".