كشفت مصادر دبلوماسية، عن تحذيرات وجهتها عدد من الدول العربية لقائد القوات
اللبنانية سمير
جعجع، من إحداث ما وصفته بـ"
الانقلاب السياسي" في لبنان، تزامنا مع العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.
ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن مصادر دبلوماسية عربية، أن دولا عدة في مقدمتها قطر ومصر وحتى الكويت والأردن، تعرب عن توجّس حيال تصاعد وتيرة خطاب جهات لبنانية حول مستقبل الحكم في لبنان، وتخوّفها من مساع لتحقيق انقلاب، مشيرة مباشرة إلى ما يقوم به جعجع.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الدول تشدد على "منع تشكّل تكتّل سنّي خلف مشروع الانقلاب السياسي الذي يقوده جعجع، لما ترى فيه من تهديدٍ لاتفاق الطائف، ومحاولة تعديله ليست بالضرورة عبر إرساء عقد اجتماعي جديد، بل بطريقةٍ مُبطّنة تقود إلى الإخلال بالتوازنات الحاكمة للبلد".
وذكرت الصحيفة اللبنانية معلومات خاصة تشير إلى أنه جرت عشية لقاء معراب الأخير في الـ11 من الشهر الماضي، اتصالات دبلوماسية عربية واسعة بقوى «سيادية» من بينها حزب الكتائب، وبعددٍ كبيرٍ من النواب السنّة، من بينهم نواب «تكتل الاعتدال» والنائبان بلال الحشيمي وفؤاد مخزومي، وكذلك ببعض النواب التغييريين، لحثّهم على عدم المشاركة في اللقاء.
ولفتت إلى أن المعنيين تكفلوا بالتواصل، وبتقديم اقتراحاتٍ ومخارج للنواب للاعتذار عن عدم المشاركة، وهو ما انعكس حينها مقاطعةً سنّية للقاء، خرقتها مشاركة النائب أشرف ريفي الذي حسم موقفه منذ اليوم الأول بأن يكون رأس حربة «سنّة معراب»، قبل أن يصبح وحيداً في معراب من دون السنّة.
ووفق المصادر، فقد أسدت العواصم العربية المعنية، إلى جميع من تواصلت معهم، نصيحة بالتمايز عن جعجع، وخطابه «المتطرّف والمُنافي للوقائع السياسية والمنفصل عن الواقع، سيما أنه ينطلق من اعتقاد بأنّ المكوّن السني في حالة ضعفٍ وانكسار وفراغ على مستوى القيادة، بعد تغييب الرئيس سعد الحريري».
وقالت المصادر إن جعجع «يتصرّف أيضاً على أنّ
حزب الله منشغل بالحرب، ومنهمك بملف النزوح وما يفرضه من ضغط وحسابات تجعله يتجنّب الدخول في أي توتير داخلي».
وهو ما تراه المصادر «تعزيزاً لأوهام جعجع بأن اللحظة تشكّل فرصته لفرض وقائع سياسية جديدة».
وتخشى العواصم العربية من أن يكون جعجع «غير آبه بأن تؤدي حركته التحريضية إلى شحن الشارع وتوتيره، وأخذ البلد إلى الهاوية، بعدما وصل به الأمر إلى حد خرق الخطوط الحمر اللبنانية واللامبالاة حيال إلغاء مكوّنٍ أساسي في البلد حتى لو استدعى الأمر اقتتالاً طائفياً».
وتتخوف العواصم المذكورة من أن يشكّل ذلك «فرصةً للأطراف الموتورة للإطاحة باتفاق الطائف»، وترى أنه «يمكن للسنّة لعب دور ضابط الإيقاع عبر التمسك بالطائف».
وينبع الاستياء القطري والمصري من جعجع، من كون مصادر العاصمتين، تلقّتا معطيات حول حديث جعجع في جلساته عن أن «هناك حاجة إلى شخصية سنية قوية تجرؤ على مواجهة حزب الله» وأنه يعرض «أسماء سنية يرشّحها للقيام بالمهمة».
الأمر الذي قرأ فيه موفدون وسفراء عرب «جرأة من جعجع في الحديث عن أين ينبغي أن يكون الاصطفاف السني ووضع صفات لممثّلي السنّة، وكأنه يفرض وقائع سياسية على الأطراف العربية، ويحدّد لها أياً من الشخصيات السنية ينبغي الإتيان بها لمشاركته إدارة البلد».
وتوقّف هؤلاء عند استغراب جعجع من «انحياز السنّة إلى حركة حماس»، وأنه «في ظل التطور والحداثة اللذين وصل إليهما الخليج العربي، فيجب إعادة سنّة لبنان إلى مكانهم الطبيعي».
وكان لافتاً أن أحد النواب السنّة توجّه بسؤال مباشر إلى أحد السفراء العرب في بيروت، عن ما إذا كان «الحكيم» موكّلاً بقيادة الشارع السني، فأتى الجواب بالنفي.
وعلمت «الأخبار» أنّ هناك حركة اتصالات على مستوى نواب «الاعتدال» ونواب تغييريين سنّة والنائب فيصل كرامي، وأن «الجميع مستاء من عدم ذكر لقاء معراب لاتفاق الطائف كثابتة وطنية».
تحذير العواصم العربية، الذي طال عدداً من القوى المسيحية، من أنّ «جعجع عندما ينتهي من خصومه الشيعة، فإنه سيعمل على تصفية أو إضعاف القوى المسيحية ليكرّس حضوره كلاعبٍ وحيد».