ملفات وتقارير

بين الوعود والحروب.. هل سيُقدّم ترامب "السّلام" لغزة ولبنان وأوكرانيا؟

أعيدت للواجهة جُل ما وُصف بـ"إرث ترامب" خلال ولايته الأولى- جيتي
"لستُ من محبّي ترامب، ولكنّه إذا نجح في الوفاء بوعوده لإنهاء الحرب على غزة ولبنان، وأيضا أوكرانيا، مع عدم جعل الأمور أسوأ؛ فإنّني لن أندم على صوتي إليه" هكذا قال بلال، أحد الأمريكيين من أصول يمنية، يقطن بولاية ميشغان، في حديثه لـ"عربي21".

ومنذ اللحظات الأولى من إعلان فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية، عادت للواجهة، كافة وعوده المُرتبطة بإنهاء الحروب؛ فيما تباينت آراء العرب بخصوصها، بين حامل لمشعل الأمل، منتظرا لحظة تنفيذها، وبين من يقول: "نحن عالقون مع ترامب، راغبون ببصيص أمل، رغم معرفتنا المُسبقة بتاريخه المُفعم بالكذب والإجرام والعنصرية".


والثلاثاء الماضي، أعلن المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، عن تحقيقه "فوزا تاريخيا" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، متغلّبا على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، بالقول: "حصلنا على الأغلبية بمجلس الشيوخ، وفزنا في الولايات المتأرجحة، وأصبحت الرئيس الـ47 للولايات المتحدة".

يُحاول هذا التقرير تسليط الضوء على "الجدل" الذي حمله فوز ترامب، حول مدى "قُدرته" على تحقيق وعوده بإنهاء الحروب، ونخصّ الحديث عن: غزة ولبنان وأوكرانيا.


ما بين الوعود والواقع.. أي أمل للغزّيين واللبنانيين؟ 


في عدد من التصريحات، خلال حملته الانتخابية، قال ترامب إنه رجل أعمال لا يريد الحروب، بل يريد أن تقوم الولايات المتحدة بأعمال تجارية، وأن تكون لها علاقات جيدة مع الدول الأخرى. وفي خطاب الفوز، قال: "سوف أحكم بشعار بسيط: الوعود التي قدمناها ستكون الوعود التي سوف نفي بها، سوف نبقى ملتزمين بتعهداتنا". 

وبينما أكّد ترامب، دعمه القوي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، دعا في الوقت ذاته، الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء عملياته العسكرية. كما تعهد بإنهاء الحرب في لبنان، وذلك دون أن يقدّم أي تفاصيل إضافية.

إلى ذلك، منذ تفوّه ترامب بوعوده، خلال مناسبات انتخابية عدّة، رصدت "عربي21" جُملة تغريدات، وثّقت مشاعر متباينة، من تخوّف وأمل، لعدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي "إكس" -لكونه أكثر نقاشا فيما هو سياسي-، خاصّة من الفلسطينيين واللبنانيين أنفسهم. جُلّها تفاعلت مع سؤال: هل سوف يعمل دونالد ترامب على إنهاء الحروب القائمة؟



المتخصص في القانون العام والعلوم السياسية، سيف الدين جرادات، في حديثه لـ"عربي21" قال: "من المبكر الحكم على سياسات ترامب تجاه الحرب على غزة، لكن من المعلوم عن شخصية ترامب أنه رجل صفقات، ولا يسير في مسارات متماسكة، وقد يتّخذ خطوات غير متوقعة في أي من الاتجاهات".

وأضاف جرادات، في حديثه لـ"عربي21" أنه: "من المؤكد أن هزيمة هاريس والديمقراطيين ليست خبرا حزينا على الإطلاق، فإن إدارة بايدن الديمقراطية والغة في دماء أهل غزة، ولو أن هاريس فازت لسارت في نفس الطريق".

وجاء في تقرير، لصحيفة "كونتر بنش" الأمريكية، أنّ: "احتضان أمريكا الحازم لحروب إسرائيل يحمل تكاليف حقيقية من حيث مصالح الولايات المتحدة والاستقرار الإقليمي". 

وتابع التقرير، الذي ترجمته "عربي21" أنه: "يجب على الرئيس المنتخب ترامب إنهاء دعم واشنطن لأجندة نتنياهو، وتخليص نفسه من السياسة الإسرائيلية، والبدء على الفور في فصل نفسه عن هذه الصراعات".

أمّا بخصوص ما يروج بأن عرب أمريكا، قدّموا أصواتهم لترامب أملا في القطع مع سياسة بايدن ونائبته، وهي منافسة ترامب، كامالا هاريس؛ كشف استطلاع حديث، أن أكثر من نصف المسلمين الأمريكيين صوتّوا لصالح مرشّحة حزب الخضر، جيل ستاين، وذلك بسبب سياسة الإدارة الأمريكية الحالية في قطاع غزة المحاصر.

وأعلن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، وهو أكبر منظمة للدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، أنه بناء على مقابلات مع 1575 شخصا، فإن 53 في المئة من الناخبين الأمريكيين المسلمين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة، صوتوا لصالح ستاين، فيما حصل ترامب على 21 في المئة، وهاريس على 20 في المئة من الأصوات.

هنا أوكرانيا.. أي أثر لوعود ترامب؟ 
طيلة الحملة الانتخابية، التي توّجها بالفوز، قدّم دونالد ترامب، جُملة وعود، أبرزها أنه سيُنهي الحرب الدموية على الفور، في أوكرانيا، دون حتّى انتظار تنصيبه الثاني، في كانون الثاني/ يناير. 

وعود دونالد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا، يضعه الآن أمام الحاجة لاختيار أحد مقترحات مُستشاريه، الموضوعة على الطاولة، الحاملة لفكرة مُشتركة، وهي: تجميد خط المواجهة الحالي، مع تغيير نهج السياسة الأمريكية الحالية للرئيس جو بايدن، والتي كانت تقوم على الدعم غير المحدود لأوكرانيا. 



رغم أن المقربين من ترامب قالوا، بحسب عدد من التقارير، إنه لم يوافق بعد على خطة ملموسة. فيما بيّن مسؤول في فريق ترامب: "لن نرسل رجالا ونساء أمريكيين لحفظ السلام في أوكرانيا، ولن نقوم بتمويله. دع البولنديين والألمان والبريطانيين والفرنسيين يتولون المهمة".

وطيلة حملته الانتخابية، انتقد ترامب تصرفات بايدن ضد أوكرانيا، حيث حذّر بالقول: "إنّ هذا يزيد من احتمال نشوب الحرب العالمية الثالثة، وإن كييف خدعت الولايات المتحدة من خلال تلقي أسلحة بقيمة مليارات الدولارات مجانا".

وفي تحليل للصحيفة الأوكرانية، "جزيتا"، فإنه: "بعد الانتخابات في الولايات المتحدة، أطلق الرئيس السابق لأوكرانيا، خمسة خطوط حمراء: لا توجد تنازلات بشأن استقلال أوكرانيا، بالقول إنها: لن تعود إلى مجال نفوذ روسيا".

وتابعت الصحيفة، خلال التحليل الذي ترجمته "عربي21"، نقلا عن الرئيس السابق لأوكرانيا: "لن تتخلى أوكرانيا أبدا عن الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية؛ ولن توافق على الحد من قدرة القوات المسلحة الأوكرانية، لأنها الضامن الأكثر موثوقية وفعالية لاستمرار وجود الدولة الأوكرانية".

وأردفت، وفقا للمتحدث نفسه: "قبل التحرير الكامل لأراضيها، لا يمكن لأوكرانيا التنازل أو رفع العقوبات؛ يجب عليها الانضمام لحلف شمال الأطلسي وإقناع ترامب بأنه: لا يمكن أن يحدث أي بديل آخر لإنهاء الحرب التي يتحدث عنها دون عضوية كييف في الحلف".

وفي حديث لـ"عربي21" قال عدد من المهتمّين بالسياسة الخارجية لأمريكا، إنّ: "وعود ترامب قد تكون سرّ استقطابه لمشاعر المصوّتين عليه، لكنها ليست بالضّرورة قابلة للتنفيذ؛ إذ أن الأمر غير مقتصر فقط على شخص الرئيس الجديد، بل مقرون أيضا بمن سيختارهم لتولي مهام مستشار الأمن القومي، ووزارتي الدفاع والخارجية، إلى جانب من سيسيطر على الكونغرس بمجلسيه -الشيوخ والنواب-".

هل سيسير ترامب على نهج ولايته الأولى؟
بخصوص تباين الآراء حول تمكّن ترامب من السير مجدّدا نحو البيت الأبيض، رجّح المتخصص في القانون العام والعلوم السياسية، سيف الدين جرادات، أن ذلك: "لا يعني أنه سيكون حمامة سلام".

وأبرز جرادات، في حديثه لـ"عربي21": "قد يتّخذ قرارات في غاية السوء، كما فعل في دورته الأولى في موضوع القدس والجولان، لكنه ولأسباب تخصّ أسلوبه وطموحه الشخصي، سوف يسعى لوقف الحرب وعقد صفقة ما، قد لا تكون صفقة جيدة، وهذا حديث آخر".

إلى ذلك، أعيدت للواجهة، خلال الأسبوع الجاري، جُل ما وُصف بـ"إرث ترامب" خلال ولايته الأولى، أبرزها: 

       - "اتفاقيات إبراهيم التطبيعية" التي كان الغرض منها هو تعزيز موقع دولة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، ووضع إيران في حالة عزلة سياسية.

         - الإعلان عن "صفقة القرن" حيث اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" وهو ما تفاداه سابقوه، لمخالفته مقررات الأمم المتحدة.

          -تسامح إدارته بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ولم تعدّها مخالفةً للقانون الدولي.


وفي سياق متصل، كانت إيران قد حذّرت ممّا وصفته بـ"خطر انتشار الحرب في قطاع غزة ولبنان إلى خارج الشرق الأوسط"، إذ دعت الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب إلى: "تغيير سياسة الضغوط القصوى التي اتّبعها خلال ولايته الأولى تجاه طهران".

وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في كلمة بثها التلفزيون الإيراني الرسمي، السبت: "على العالم أن يعلم أن الحرب إذا انتشرت فإن آثارها الضّارة لن تقتصر على منطقة غرب آسيا فقط"، مضيفا: "انعدام الأمن والاستقرار يمكن أن ينتشر لمناطق أخرى، حتى إلى أماكن بعيدة".

والثلاثاء الماضي، قال ترامب، إنه "لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران". فيما أوضح عقب الإدلاء بصوته: "شروطي سهلة للغاية؛ لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي، أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية".

وخلال ولايته الأولى، عام 2017، سعى ترامب إلى تطبيق ما عُرف باسم: "إستراتيجية الضغوط القصوى"، وهو ما يعني: فرض عقوبات على إيران، ما أدى لارتفاع التوتر بين الطرفين. وفي عام 2018، انسحب ترامب، من جانب واحد من الاتفاق النووي، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية على طهران.