قالت صحيفة
"
نيويورك تايمز" إن مسؤولي إدارة بايدن يشعرون بقلق أكبر من أي وقت مضى
من أن الولايات المتحدة قد تنجر إلى حرب شاملة بين
إيران و"إسرائيل"، مع
استعداد الأخيرة، للرد على الهجوم الصاروخي الباليستي الذي شنته إيران الأسبوع الماضي.
وأوضحت الصحيفة، في
تقرير ترجمته "عربي21" أنها من بين أكثر اللحظات قابلية للانفجار لإيران
والولايات المتحدة منذ الثورة الإيرانية عام 1979. وقد تسببت بفتح نقاش حول ما إذا
كانت الأزمة قد تكون أقل قابلية للاشتعال لو لم تنحرف السياسة الأمريكية تجاه
إيران من التعاون الحذر إلى المواجهة الغاضبة قبل عدة سنوات.
وحدث هذا التحول في
مايو 2018، عندما انسحب الرئيس دونالد
ترامب فجأة من
الاتفاق النووي الإيراني، وهو
الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما قبل ثلاث سنوات في محاولة لاحتواء البرنامج
النووي للبلاد.
وكان ترامب قد وصف
الاتفاق بأنه "أسوأ اتفاق في التاريخ". لكن منتقدي تصرفه يقولون إن
الانسحاب شجع الإيرانيين ودفع إيران إلى تسريع برنامجها النووي. وقد أثار تقدم
إيران قلق بعض المسؤولين الإسرائيليين، الذين يزعمون أن جيشهم يجب أن يستخدم
اللحظة الحالية لعرقلة البرنامج من خلال ضرب المنشآت النووية في البلاد.
ويقدر المسؤولون
الأمريكيون أن إيران قد تكون على بعد أسابيع من امتلاك ما يكفي من المواد النووية
المحلية لصنع قنبلة نووية، على الرغم من اعتقادهم أن بناء سلاح قابل للاستخدام قد
يستغرق ستة أشهر أو أكثر.
قال بنيامين رودس،
نائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما الذي لعب دورا رئيسيا في الترويج
للاتفاق: "أعتقد أنه من الواضح أن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، الذي
كانت إيران تمتثل له، أزال الحواجز على البرنامج النووي الإيراني وأزال أي حافز
لإيران للتحرك في أي اتجاه بخلاف خط أكثر مواجهة وصرامة".
وقال مسؤول غربي لعب
دورا في المفاوضات إنه لو كانت إيران أكثر اندماجا في الاقتصاد العالمي على مدى
العقد الماضي، فربما حاولت منع حماس، التي تدعمها، من ضرب إسرائيل. وأوضح المسؤول أنه في حالة فشل ذلك، ربما كان القادة الإيرانيون قد فعلوا المزيد لتهدئة التوترات
مع إسرائيل في الأشهر الأخيرة.
لكن العديد من
المحافظين لا يعتذرون عن خروج ترامب من الاتفاق، والذي يزعمون أنه كان مضللا
منذ البداية. يقولون إنه قدم لإيران ضخا نقديا لتمويل الإرهاب الإقليمي، وأن
القيود المؤقتة سمحت لإيران باللعب على الوقت. وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو، الذي قدم حججا مماثلة، بقرار ترامب بالخروج باعتباره
"خطوة تاريخية".
وفي هذا الأسبوع، أشار
بعض المحافظين أيضا إلى أن الصفقة لم تتضمن قيودا حقيقية على تطوير إيران للنوع من
الصواريخ التي أطلقت على
الاحتلال الأسبوع الماضي.
وصمم الرئيس باراك
أوباما ونائب الرئيس آنذاك جو بايدن الصفقة "مع العلم أن إيران كانت تكثف
تطوير الصواريخ الباليستية"، لكن في تركيزهما على النشاط النووي لطهران، لم
يمنعاها، كما كتب المحلل القانوني المحافظ أندرو مكارثي لمجلة "ناشيونال
ريفيو" الأسبوع الماضي. وقال إن إيران شرعت في إعطاء تلك الصواريخ لمجموعات
وكلائها، بما في ذلك حزب الله في لبنان وآخرون في اليمن والعراق وسوريا.
وزعم مسؤولو أوباما
أنهم حصلوا على أفضل صفقة متاحة، وأن إيران لم توافق على كل من الحدود النووية
والصاروخية. ولم تنجح استراتيجية "الضغط الأقصى" القائمة على العقوبات
التي انتهجها ترامب ضد إيران في وقف برنامجها الصاروخي.
وقال أوباما إن هدفه
كان إيجاد بديل للصراع. في ذلك الوقت، حذر القادة الإسرائيليون بمن فيهم
نتنياهو، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في فترة سابقة آنذاك من أن بلادهم قد
تشن غارات جوية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.
في عام 2013، رد أوباما على انتخاب إيران لرئيس معتدل، حسن روحاني، ببدء محادثات مع طهران لفرض
قيود على برنامجها النووي. وفي المقابل، ستحصل إيران على تخفيف للعقوبات الأمريكية
والأوروبية القاسية المفروضة على اقتصادها.
لم يكن الاتفاق يهدف
قط إلى أن يكون علاجا لكل شيء. أصر أوباما على أن الغرض منه كان تقييد البحث
والتطوير النووي الإيراني لتأخير قدرتها على بناء قنبلة نووية لمدة عشر سنوات على
الأقل، ولا شيء أكثر من ذلك.
لكن الجمهوريين في
واشنطن أصروا على أن الاتفاق يجب أن يكون أكثر صرامة وأن إيران لا يمكن الوثوق بها
في الامتثال على أي حال.
في أيار/ مايو 2018،
أعلن ترامب أن الولايات المتحدة لن تلتزم بالاتفاق بعد الآن، متجاهلا نصيحة
العديد من كبار مسؤولي الأمن القومي وحقيقة أن المراقبين الدوليين وجدوا أن إيران
ملتزمة بشروطه. ثم فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية الجديدة على إيران.
أثار قرار ترامب
غضب القادة الإيرانيين، بما في ذلك المحافظون الذين قالوا إنه أثبت تحذيراتهم
الطويلة الأمد من أن الولايات المتحدة وحلفاءها غير جديرين بالثقة. بدأت إيران في
تسريع برنامجها النووي، وزيادة مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب والتحرك بثبات
نحو إمكانية صنع القنبلة. وفي الانتخابات الرئاسية التالية، نصبت إيران إبراهيم
رئيسي، وهو خليفة أكثر عدوانية لروحاني.
على الرغم من إصرار
إدارة ترامب على أن إيران استخدمت مليارات الدولارات من الأصول التي تم رفع
التجميد عنها بموجب الاتفاق النووي للاستثمار في تلك الجماعات، إلا أن سياسة ترامب
لم يكن لها تأثير ملحوظ على دعم إيران لوكلائها أيضا.