بعد انتظار شهرين من اغتيال رئيس وزراء فلسطين
المنتخب،
إسماعيل هنية ، جاء اغتيال زعيم حزب الله،
حسن نصر الله، ليعجّل بالردّ
الإيراني
المنتظر على دولة
الاحتلال.
ومساء الثلاثاء، هاجمت إيران بنحو 300 صاروخ
باليستي مواقع عسكرية ومطارات في الأراضي المحتلة، وقالت إنه جاء ردّا على اغتيال
هنية ونصر الله، عملا بمبدأ الدفاع عن النفس وحفظ الأمن.
ونشرت صحيفة "
التايمز" مقالا، لمراسلتها، كاثرين فيلب، قالت فيه إن "علي خامنئي، المرشد العام الإيراني المصدوم
بشدة، قام لدى سماعه أن حسن نصر الله، زعيم حزب الله الكاريزمي، قد قتل في غارة
جوية إسرائيلية، بجمع كبار مساعديه في منزله في طهران لمناقشة الكارثة".
وبحسب الصحيفة نفسها، فإنه "بالنسبة لجميع الشركاء والوكلاء الآخرين
الذين جمعتهم إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط على مدى عقود من الزمان، كان حزب
الله هو المركز الرئيسي لـ "محور المقاومة" الذي بنته الجمهورية
الإسلامية لمضايقة إسرائيل، وتلميع أوراق اعتمادها كزعيمة عينت نفسها لقيادة العالم
الإسلامي".
كذلك، "كانت المخاطر، كما يمكن للإيرانيين أن يروا
الأمر، هائلة. كان حزب الله القوة الوحيدة التي كانت طهران تعتمد على ترسانتها
الضخمة من الصواريخ وقربها من حدود إسرائيل كضمان ضد الضربات الإسرائيلية المباشرة
على إيران".
وأردف المقال ذاته: "الآن، أدّى مقتل نصر الله، الضربة المفاجئة في
نهاية سلسلة من الصدمات بما في ذلك استخدام إسرائيل لأجهزة بيجر وتوكي ووكي كسلاح
وتفجيرها، إلى تحطيم جو هالة القوة لحزب الله وعدم القدرة على هزيمته. وهو ما كشف
عن ضعف إيران، والسؤال هل كان بقاء النظام الإيراني على المحك؟".
وتابع: "يبدو أن إيران اعتقدت ذلك. فمع بدء قصفها
الصاروخي على إسرائيل ليلة الثلاثاء، بدا الأمر مختلفا تماما عن أول ضربة مباشرة
على الإطلاق على إسرائيل شنّتها إيران في نيسان/ أبريل عندما أرسلت 300 صاروخ
ومسيّرة، ثلاثة منها فقط اخترقت دفاعات إسرائيل".
"أكدت إيران أن الهجوم كان ردا مباشرا على
هجمات إسرائيل على حزب الله، مما أنهى الشّلل الذي يبدو أن النظام وجد نفسه فيه منذ
الهجوم المتفجر المذهل في طهران الذي قتل الزعيم السياسي لحماس، إسماعيل هنية" وفقا للمقال نفسه.
وأكّد: "منذ ذلك الحين، ارتفعت التوترات في المنطقة
بشكل حاد. ولكن في ظل الهجوم الذي وقع في يوم تنصيب الرئيس الإيراني الإصلاحي
الجديد مسعود بزشكيان، ناضلت الحكومة في طهران للتحدث بصوت واحد".
واسترسل: "كان أولئك الذين تجمعوا في منزل خامنئي في
طهران في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، وسط تقارير تفيد بأن نصر الله ربما
قتل، يمثّلون مجموعة واسعة من الآراء الرسمية الإيرانية من بزشكيان إلى المتشدد
الذي هزمه في الانتخابات، سعيد جليلي".
وأضاف: "عندما تجمعوا لتأبين نصر الله ومناقشة الرد
الضروري، كان الإيرانيون في حالة من الصدمة والحزن ــ ولكن ليس في حالة اتفاق"، مبرزا أن "بزشكيان كان قد عاد للتو من خطابه الأول أمام
الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، حيث تبنى نغمة تصالحية، وقال للصحافيين
إن إيران "مستعدة لإلقاء أسلحتها إذا ألقت إسرائيل أسلحتها".
وأردف: "قد كان مقتل هنية، في ليلة تنصيب بزشكيان في
تموز/ يوليو، هو الهجوم الإسرائيلي الجريء الثاني على المصالح الإيرانية في غضون
أربعة أشهر، بعد غارة في نيسان/ أبريل على القنصلية الإيرانية في دمشق، سوريا،
والتي قتلت العديد من كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري الإيراني، مما دفع
إيران إلى شن أول هجوم مباشر".
ووفقا للصحيفة، فإن "مقتل هنية قد أثار مخاوف من اندلاع حريق أوسع
نطاقا، حيث كانت القوى الغربية على يقين من أن إيران ستضطر إلى الرد. وتدفقت
الرسائل ذهابا وإيابا تحث إيران على تأجيل أي انتقام على أمل التوصل إلى وقف
لإطلاق النار في غزة في غضون ذلك".
"حتى قبل مقتل نصر الله، كان الكثير من
المتشددين الإيرانيين يسخرون بالفعل من لغة بزشكيان المسالمة وهم مطمئنون لعلمهم
بالنفوذ المحدود الذي يتمتع به الرئيس في النظام الديني الذي يشرف عليه آية الله" تابعت الصحيفة.
وأبرزت أنه "في تلك الليلة في منزل خامنئي، لم يكن هناك
إجماع. فقد جادل المتشددون بضرورة الرد السريع والحاسم على إسرائيل قبل أن تضرب
إيران. ولقد حذّر أولئك الذين كانوا في زاوية بزشكيان من أن إيران ربما كانت للمرة
الثانية تسير نحو فخ نصبه لها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لإثارة حرب
إقليمية أوسع نطاقا".
واستطرد: "كان قد ورد أن خامنئي أصدر أمرا ـ لم ينفذ
بعد ـ لإيران بالرد على مقتل هنية، بينما أعلن الحداد الرسمي لمدة خمسة أيام على
نصر الله، ولكنه لم يصدر أي أمر بالانتقام له. وأشار إلى أن هذا الأمر متروك لحزب
الله ليختاره. وقال خامنئي: "إن كل القوى في المقاومة تقف إلى جانب حزب الله.
وسوف يكون حزب الله، على رأس قوى المقاومة، هو الذي سيحدد مصير المنطقة".