يحذر مسؤولون غربيون سابقون وخبراء من
أن حشر
إيران في الزاوية من خلال إضعاف محور المقاومة قد يدفعها باتجاه تغيير
عقيدتها النووية وإنتاج
قنبلة ذرية لحماية نفسها.
تأتي تلك التحذيرات في ظل ما وصفه محللون غربيون بالانتكاسات التي تعرضت لها طهران بدءا من فقدان قادتها العسكريين وقادة حلفائها
في ضربات إسرائيلية، وانتهاء بمقتل العديد من عناصر حزب الله وتعرضهم للاستهداف المستمر
من قبل إسرائيل، بحسب تقرير لصحيفة "
واشنطن بوست".
وبحسب تقييمات أمريكية وأممية فإن إيران
تقترب تدريجيا من الحصول على القنبلة النووية.
وتنقل الصحيفة الأمريكية عن رئيس معهد العلوم
والأمن الدولي ديفيد أولبرايت قوله إن "ضعف محور المقاومة قد يدفع إيران نحو خيار
الردع النووي".
ويضيف أولبرايت، وهو مفتش أسلحة نووية سابق،
أن "تدهور وضع حماس وحزب الله، إلى جانب فشل إيران في إلحاق ضرر كبير بإسرائيل
عبر ضرباتها الصاروخية، يعني أن هناك احتمالا أكبر أن تقرر إيران الحصول على القنبلة
النووية".
يعد حزب الله حليفا رئيسيا لطهران في المنطقة،
ومن شأن الخسائر التي لحقت به، وخاصة اغتيال زعيمه حسن نصرالله، أن توجه ضربة مؤلمة
لإيران.
يقول الخبير في الشأن الإيراني سينا آزودي
إن "حزب الله هو أكثر الميليشيات نجاحا التي أنشأتها إيران، وتدهور وضع الحزب يجعل إيران
أكثر عرضة للخطر لأنه يمنح "إسرائيل" مزيدا من حرية الحركة في المنطقة".
وبحسب الصحيفة فإن الخطوة التالية التي
تترقبها الولايات المتحدة والدبلوماسيون الإقليميون هي رد فعل "إسرائيل"
على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدفها، الثلاثاء.
وأعرب عدة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين
عن مخاوفهم من أن "إسرائيل" قد تستغل الفرصة لشن هجوم على منشآت تخصيب اليورانيوم
الإيرانية كرد على الهجوم الصاروخي.
لكن مدى قدرة القنابل الإسرائيلية على اختراق
المنشآت الإيرانية الأكثر تحصينًا يبقى غير واضح، وفقًا لما قاله المسؤولون وخبراء
الأسلحة، وأضافوا أن الكثير من اليورانيوم المخصب عالي المستوى في إيران يتم إنتاجه
في منشأة فوردو، التي بُنيت داخل أنفاق محفورة في جبل قرب مدينة قم.
يقول خبير الدفاع البيولوجي في جامعة جورج
ماسون غريغوري كوبلنتز إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد حزب الله كانت تهدف جزئيا
إلى تحييد قدرات الحزب الكبيرة في الصواريخ، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها
بمثابة "سياسة تأمين إيرانية" ضد أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية.
ويعتقد كوبلنتز: "مع تحييد حزب الله
بشكل فعلي، في الوقت الحالي، تمتلك إسرائيل نافذة من الفرص لضرب المواقع النووية الإيرانية
مع مخاطر منخفضة من رد الفعل من حزب الله".
لكن أحد المستشارين السابقين في البيت الأبيض
في مجال عدم انتشار الأسلحة حذر من أن الهجوم على المنشآت الرئيسية لتخصيب اليورانيوم
في إيران "سيفشل في إنهاء البرنامج، وسيؤخره فقط".
وأضاف المسؤول السابق، الذي تحدث شريطة
عدم الكشف عن هويته، أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تزيد من عزيمة إيران.
وقال: "قد يؤدي ذلك إلى تغيير في نوايا
إيران النووية، من برنامج سري إلى برنامج أسلحة علني ومن المرجح أن يؤدي إلى تصعيد
إيراني."
وتجري إيران عمليات لتخصيب اليورانيوم إلى
درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، التي تقترب لنسبة 90 بالمئة المستخدمة في تصنيع الأسلحة.
ووفقا لمعيار رسمي للوكالة الدولية للطاقة
الذرية، فإن تخصيب هذه المواد إلى مستويات أعلى يكفي لصنع نوعين من الأسلحة النووية.
خيارات إيران
في المقابل لوح موقع "
إيران نوانس"،
المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية، في مقال نُشر باللغتين الفارسية والإنجليزية،
إلى الخيارات التي قد تتخذها طهران في حال تعرضت منشآتها النووية لضربة إسرائيلية.
وتحت عنوان عواقب الهجوم على المراكز النووية
لإيران، أكد الموقع أن "هجوماً كهذا يحمل في طيّاته عواقب عميقة وربما محفوفة
بالمخاطر"، داعياً إلى دراسة تلك العواقب بصورة جادة، علماً بأن من بينها، توسيع
وتطوير البرنامج النووي الإيراني.
وذكر الموقع في هذا السياق أن "الضغوط
والتخريب والاغتيالات التي تهدف إلى إعاقة التقدم النووي الإيراني كثيراً ما تسفر عن
تأثير معاكس، ما يوفر قوة دافعة لمزيد من التطوير". ولفت في المرتبة الثانية
إلى أن "أي عدوان عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية قد يجبر طهران على الانسحاب
من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية"، منبهاً إلى أن "مثل هذا الانسحاب
من شأنه أن يخلّف عواقب خطيرة، حيث يقوض النظام العالمي لمنع الانتشار النووي ويثير
قلقاً واسع النطاق بين الحكومات الغربية".
وتابع: "لقد ناقش الخبراء منذ فترة
طويلة تداعيات إضعاف معاهدة حظر الانتشار النووي، مؤكدين أن خروج إيران يمكن أن يؤدي
إلى تأثير الدومينو، ما يشجع الدول الأخرى على متابعة القدرات النووية من دون رادع".
كذلك، حذر الموقع من أن "الهجوم على
إيران من المرجح أن يدفع إلى إعادة تقييم عقيدتها النووية بشكل أساسي. وسوف يجد المدافعون
عن مراجعة الحسابات النووية داخل إيران أن حججهم أصبحت أكثر قوة، الأمر الذي قد يؤدي
إلى تحويل السياسة الوطنية نحو اتجاه مختلف عن الاتجاه الحالي".
واعتبر أن "هذا السيناريو لن يفشل
فقط في تخفيف المخاوف الأمنية الغربية والإقليمية، بل إنه قد يحولها إلى كابوس وجودي لهم
ولحليفتهم في المنطقة، إسرائيل"، مضيفاً أن "تمكين التوجهات البديلة داخل
إيران يمكن أن يؤدي إلى ظهور ظروف جديدة في الشرق الأوسط، ما يضع توازناً ونظاماً
جديدين في المنطقة".
وألمح الموقع المقرب من الخارجية
الإيرانية إلى أن "الانتقام الإيراني من أي عدوان يستهدف منشآتها النووية أو بنيتها
التحتية أو مواطنيها قد يكون مكثّفاً ومتعدّد الأوجه، ومن المحتمل أن يشمل تكتيكات
حربية تقليدية وغير متماثلة".