سياسة عربية

"الإفتاء الليبية" تقر ببطلان الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال.. هذا رأيها

الاتفاقياتُ التي عُقدتْ بين بعضِ الحكامِ في البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ وبينَ اليهودِ؛ باطلةٌ منقوضةٌ، ومَن قامَ بها أو رضيَ عنها متَعدٍّ آثِم..
أكد مجلسِ البحوثِ والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية، أن اتفاقيات الصلح المفروضة من بعض حكام العرب والمسلمين مع الاحتلال الصهيوني، هي اتفقيات فاقدة للشرعية.

وجاء في قرار صادر عن مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية، اليوم الاثنين، أن "العدوَّ الصهيونيّ، وهو يتعمّدُ قتلَ المدنيينَ في فلسطينَ صغارًا وكبارًا، رجالًا ونساءً، في المدارسِ والمستشفياتِ، وفي الملاجئِ والخيامِ وأماكنِ الإيواء والعبادَة، في إبادةٍ جماعيةٍ لا سابقةَ لها في الحروبِ، والعالَمُ مِن حولهِم بينَ أمريكيٍّ وغربيٍّ مشاركٍ متورّط، وبينَ نظامٍ إسلاميٍّ عربيّ مُخْزٍ، متورّطٍ أو مفرّطٍ، وقدْ فُرضَتِ اتفاقياتُ مصالحةٍ مع العدوّ على بعضِ حكامِ العربِ والمسلمينَ؛ ابتداءً مِن (كامبْ ديفيد) و(أُوسلُو)، إلى ما يُعرف باتفاقياتِ التطبيعِ، الظاهرِ منهُ والمبطَّن، وهي اتفاقياتٌ تعدُّ فاقدةً للشرعيةِ ابتداءً ودوامًا".

وأوضح أن "الصّلحَ في هذه الاتفاقياتِ أُبرمَ ابتداء لصالحِ العدوّ، لإقرارِهِ على احتلالِ فلسطينَ، وتمكينِهِ من بلادِ المسلمينَ الأخرى خارجَ فلسطين، لإفسادِ شعوبِها وسلبِ خيراتِها، لا لمصلحةِ المسلمينَ".

وقال: "والصلحُ إذا كان لمصلحةِ العدوِّ كان منهيًّا عنه، ولذلك نَهى اللهُ تعالى عن الصلحِ إذا كانتِ الكلمةُ للمسلمينَ على عدوِّهم، قال تعالى: (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ)[محمد:35]. وأيضًا لأنّ الاتفاقياتِ المَعقودةَ مع العدوِّ منصوصٌ فيها على دوامِها دونَ أمَدٍ، وهذا لا يحلُّ؛ لقولِ الله تعالَى في الوفاء بالعهودِ مع المشركينَ: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ) [التوبة:4]، ففيهِ إشارةٌ إلى أنَّ العهودَ بين المسلمينَ وغيرِهم موقوتةٌ بمدةٍ، وما كان مِن الصلحِ مع العدوّ فاقدًا لشرطهِ كانَ محرَّمًا، ومَن عَقَدهُ مِن الحكّامِ هو مُتعدٍّ آثمٌ، ولا طاعةَ له، والواجبُ نقضُه، قال الشافعيُّ رحمهُ الله في الأم: "إذا صالحَ الإمامُ على ما لَا يجوزُ، فالطاعَةُ نقضُهُ" [4/203]..

أمّا بطلانُ الصلحِ مع العدوِّ دوامًا، فقال المجلس في قراره: "إنَّ هذه الاتفاقياتِ حتّى لو عُقدتْ صحيحةً، مستوفيةً أحكامَها؛ فشرطُ الوفاءِ بها أن يلتزمَ بها العدوُّ ولا يَنقُضَهَا، فإنْ نقَضَها وجبَ قتالهُ؛ لقولِ اللهِ تعالى: (وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ)[التوبة:12]. وقد نقَضَ العدوُّ هذه الاتفاقياتِ بما لا مزيدَ عليه مِن الجرائمِ الوحـشـيةِ المرعبةِ، التي تندَى لها الإنسانيةُ، منها:

ـ عدوانُه على غزةَ جوًّا وبرًّا وبحرًا على مدى عامٍ، دونَ توقفٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ. 
ـ عدوانُه المتواصلُ على الضفةِ الغربيةِ؛ بقتلِ الفلسـ،ـطينيينَ وهدمِ بيوتِهم ومصادرة أملاكِهم، وبناءِ مستوطناتِ اليهودِ عليها.
ـ عدوانُهم على الأقصَى بالاقتحاماتِ المتكررةِ، وتدنيس مقدساتِ المسلمينَ.
ـ اغتيالاتُ العدوِّ للمجـاهدينَ وقياداتِهم.
وغيرُ ذلكَ كثير.

وبناءً على هذه القراءة، أكد المجلس أن الاتفاقياتُ المشارُ إليها آنفًا، التي عُقدتْ بين بعضِ الحكامِ في البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ وبينَ اليهودِ؛ باطلةٌ منقوضةٌ، ومَن قامَ بها أو رضيَ عنها متَعدٍّ آثِم، وكلّ يهوديٍّ مقيم في فلسطينَ المحتلة يعدُّ حربيًّا حلالَ الدّم؛ لنقضِه العهدَ، فلا عهدَ له ولا أمانَ، وقتلهُ مشروعٌ، ردًّا على جرائمِهم بقتلِ الأطفالِ والنساءِ، واستهدافِهم للمدنيينَ في غـزة، الذي لم يستثنِ أماكنَ عملٍ ولا سياحةٍ ولا إيواءٍ ولا عبادة.. ولأنّ اليهودَ على أرضِ فلسطينَ كلّهم عساكرُ محاربونَ في جيشِ العدوِّ، بينَ نظاميٍّ واحتياطيٍّ وداعمٍ لهم، وجرائِـمُهم بقتلِ المدنيينَ تَذهبُ كلَّ يومٍ بالمئاتِ، بينَ قتيلٍ وجريحٍ، على مدَى عام".



وبدعم أمريكي مطلق، تشن "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل "إسرائيل" هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.