صحافة دولية

MEE: القبائل الأردنية تخشى زعزعة الأوضاع في المملكة بسبب التصعيد بالضفة

مخاوف من أن يصبح الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين إذا هجرتهم إسرائيل - جيتي
أعربت قبائل أردنية عن مخاوفها من أن الهجمات الإسرائيلية شبه اليومية على الضفة الغربية المحتلة، والخطط المعلنة علناً لطرد الفلسطينيين بالقوة، هي جزء من مؤامرة إسرائيلية لتحويل الأردن إلى وطن بديل للفلسطينيين وزعزعة استقرار المملكة الهاشمية.

وفي أواخر الشهر الماضي، شن الاحتلال أكبر عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية، حيث هاجم مئات الجنود الإسرائيليين مدن جنين وطولكرم وطوباس.

وقد أدت الهجمات على الضفة إلى تصاعد التوترات في الأردن المجاور، الذي يشترك في حدود بطول 335 كيلومترًا مع الاحتلال والأراضي الفلسطينية، بسبب الأهداف الإسرائيلية المعلنة علنًا للأراضي المحتلة.

وحذر وزير خارجية البلاد، أيمن الصفدي، الأسبوع الماضي من أن أي محاولة من جانب إسرائيل لتهجير الفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية ستعتبر "إعلان حرب".



جاءت تعليقات الصفدي بعد أن قال وزير خارجية إسرائيل إن بلاده بحاجة إلى "معالجة التهديد" في الضفة الغربية المحتلة "تمامًا كما نتعامل مع البنية التحتية للإرهاب في غزة، بما في ذلك الإخلاء المؤقت للمدنيين الفلسطينيين وأي خطوة أخرى ضرورية".

وأثارت التعليقات غضبًا واسع النطاق بين العديد من القبائل الأردنية التي تخشى أن تخلق إسرائيل أو تستغل ظروف الحرب لدفع عدد كبير من الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن.

وقال مروان الفاعوري، وهو شخصية أردنية بارزة في مدينة السلط ورئيس منتدى الوسطية، لموقع ميدل إيست آي البريطاني إن تصرفات إسرائيل، والخطاب الصادر عن المشرعين الإسرائيليين من أقصى اليمين، يشكل تهديدًا خطيرًا لاستقرار الأردن.

وقال للموقع: "يسعى اليمين المتطرف في إسرائيل إلى توسيع حدود الدولة، وهذا التوسع باتجاه الأردن، حيث أصبح الحديث عن النزوح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى".

ويتابع: "في المقابل، استمرت السياسة الأردنية في الحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل، لكن لم يعد هناك أي احترام من الطرف الآخر فيما يتعلق بالأمن الوطني الأردني، لأن التهديدات أصبحت مباشرة للأردن".

وانتقد المسؤولون الأردنيون بشدة الدمار الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي أسفر حتى الآن عن استشهاد 40970 فلسطينياً على الأقل، وفقاً لمسؤولي الصحة، وأدى إلى تأجيج أزمة إنسانية في الجيب الساحلي.



في يوم الأحد، وفي أول هجوم من نوعه على طول الحدود مع الأردن منذ عملية طوفان الأقصى، قتل سائق شاحنة أردني ثلاثة إسرائيليين عند جسر اللنبي في الضفة الغربية المحتلة قبل أن يطلق عليه جنود إسرائيليون النار.

في حين لم يتم تحديد أسباب الهجوم حتى الآن، حذر هايل ودعان الدعجة، وهو شخصية بارزة في إحدى القبائل الكبرى في وسط الأردن ونائب سابق، من أن ارتفاع عدد القتلى في غزة قد يؤدي إلى اضطرابات واسعة النطاق في الأردن.

وقال: "إن الدبلوماسية هي الورقة الوحيدة التي يملكها الأردن في مواجهة إسرائيل، وأؤكد أن الأردن بارع أيضًا في استخدام هذه الورقة، خاصة في ضوء المكانة التي يتمتع بها الملك عبد الله على الساحة الدولية".

وتابع: "حذر الملك من التصعيد الإسرائيلي الخطير الذي يهدد أيضًا المنطقة بأسرها، وخاصة في ظل التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين".

وأضاف أن "وزير الخارجية الأردني سبق أن تحدث عن إعداد الأردن للوثائق اللازمة لمقاضاة إسرائيل ومحاسبتها على انتهاكاتها للقانون الدولي ومعاهدة السلام".

"علامة استفهام كبيرة"

لقد أدى ارتفاع أعداد الضحايا في غزة والضفة الغربية المحتلة إلى احتجاجات شبه يومية في العديد من أجزاء المملكة، لكن عمان لا تزال تتعاون مع إسرائيل في المسائل الأمنية وكانت من بين الدول التي ساعدت إسرائيل على صد وابل الصواريخ الإيرانية في وقت سابق من هذا العام.

قبل عقود من الزمان، في الستينيات، عمل مقاتلون من منظمة التحرير الفلسطينية في وادي الأردن، وشنوا هجمات مسلحة على المستوطنات الإسرائيلية قبل أن تجبر عمان منظمة التحرير الفلسطينية على نقل مقرها إلى لبنان في أوائل السبعينيات، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الأردنية.

ومنذ ذلك الحين، أمّن الأردن حدوده مع إسرائيل، وفي عام 1994 أصبح ثاني دولة عربية بعد مصر تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عندما وقع الجانبان معاهدة سلام.

في ذلك الوقت، أصر الأردن على إدراج بند للحماية من إمكانية النقل الجماعي. تنص المادة 2.6 من المعاهدة على أنه "لا يجوز السماح بأي تحركات غير طوعية للأشخاص في نطاق سيطرتهم على نحو يضر بأمن أي من الطرفين".

وقال محمد أبو رمان، الوزير السابق، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، إن الاقتحامات الأخيرة في الضفة الغربية، بما في ذلك الأضرار الواسعة النطاق التي لحقت بالبنية الأساسية الحيوية في جنين، تقوض اتفاق السلام.

وتابع: "لا شك أن الهجمات الإسرائيلية تشكل تحديًا للأمن الوطني الأردني لأنها ستجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة على مستقبل الضفة الغربية، وهذا يؤثر على أمن الأردن".

يتمتع الأردن بعلاقة طويلة ومعقدة مع الضفة الغربية بعد احتلال المنطقة والقدس الشرقية عام 1948 قبل ضمهما عام 1950.

وعرض الأردن الجنسية على الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، بما في ذلك على اللاجئين، وحكم الضفة الغربية حتى خسرها لإسرائيل خلال حرب عام 1967.

على الرغم من أن الضفة الغربية كانت مدمجة رسميًا داخل المملكة، إلا أن اتفاقية الضم لعام 1950 اشترطت الحكم الأردني كترتيب مؤقت يتم الاحتفاظ به في عهدة إلى أن يتم التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية.

بعد حرب عام 1967، شجعت إسرائيل اليهود على الاستيطان هناك، ووفرت لهم الأرض والحماية العسكرية والكهرباء والمياه والطرق. يبرر بعض اليهود الإسرائيليين الاستيطان على أسس دينية، لكن العديد من الإسرائيليين يعتبرون السيطرة على الأراضي ضرورية لمنع الفلسطينيين من مهاجمة إسرائيل.

وأضاف أبو رمان أن المسؤولين الأردنيين كانوا متوترين، ليس فقط بسبب التعليقات الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب العودة المحتملة لرئاسة دونالد ترامب.

لقد أدت خطة ترامب المزعومة "السلام من أجل الازدهار" إلى تفاقم المخاوف الأردنية من أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الدائمة على الضفة الغربية، وأن حل القضية الفلسطينية سيُفرض على الأردن، مما يقوض أمنه.

ومنذ اتفاقيات التطبيع الموقعة في عام 2020، نظر الأردنيون أيضًا إلى استعداد بعض الدول العربية والإسلامية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل دون إحراز تقدم في القضية الفلسطينية باعتباره تهديدًا للاستقرار الطويل الأمد للمملكة الهاشمية.

ومع ذلك، قال سعيد دياب، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، أحد أكبر أحزاب المعارضة في الأردن، إنه مع كون عمان متلقيًا رئيسيًا للمساعدات الأمريكية، فمن غير المرجح أن تتخذ السلطات نهجًا قويًا ضد إسرائيل.

وقال لـ"ميدل إيست آي" إن "المستوى الرسمي في الأردن يدرك خطورة ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، لكن للأسف الحكومة تتعامل بلامبالاة وعدم جدية في مواجهة هذا العدوان".

وأضاف: "الصمت الرسمي الأردني والمصري أقرب إلى التواطؤ، فالأردن لديه أوراق ضغط كثيرة على إسرائيل، لكنه لا يريد استخدامها ويريد أن يعيش في وهم التطمينات الأمريكية".