نتنياهو ليس لديه تصور للكيفية التي ينهي فيها الحرب، لكن لديه تصور واضح للكيفية
التي يستطيع فيها البقاء في السلطة، عبر إطالة أمد الحرب وإبقاء الجبهة الداخلية موحدة
خلف حكومته الائتلافية وقيادته، التي يزعم أنها الأقدر على تحقيق أهداف الحرب
والانتصار فيها.
هذه إحدى الخلاصات المستفادة من المؤتمر الصحفي الذي عقده بنيامين نتنياهو
يوم الأربعاء، وتحدث فيه عن
محور صلاح الدين (فيلادلفيا) كمفتاح للنصر بإبعاد "حماسستان"
و"فتحستان" عن المحور، وها هو اليوم يتحدث وإن بطريقة غير مباشرة عن
"مصرستان"، زاعما تدفق السلاح عن طريقها للمقاومة، دون النظر إلى تداعيات
ذلك على علاقات الكيان الاسرائيلي مع
مصر وشركائها العرب في الإقليم، التي يعدها
نتنياهو اليوم ثانوية قياسا بالمعركة الداخلية التي تتهدد حكومته وبقاءه، في حال
التوصل إلى صفقة توقف القتال وإن كان مؤقتا.
نتنياهو بهذا المعنى، يملك تصورا واضحا للكيفية التي يواصل فيها الحرب
للحفاظ على ائتلافه الحاكم؛ عبر رفضه صفقة تبادل الأسرى بإسقاط أهم بنود الاتفاق
التي وافقت عليها حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في الثاني من تموز/ يوليو الماضي،
فاتحا الباب بشكل أوسع للأجندة الأيديولوجية لليمين الذي يقوده وزير المالية
بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لملء الفراغ الناجم عن غياب
الأفق السياسي
نتنياهو بهذا المعنى، يملك تصورا واضحا للكيفية التي يواصل فيها الحرب للحفاظ على ائتلافه الحاكم؛ عبر رفضه صفقة تبادل الأسرى بإسقاط أهم بنود الاتفاق التي وافقت عليها حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في الثاني من تموز/ يوليو الماضي، فاتحا الباب بشكل أوسع للأجندة الأيديولوجية لليمين الذي يقوده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لملء الفراغ الناجم عن غياب الأفق السياسي المحلي والإقليمي والدولي.
المحلي والإقليمي والدولي، بمقولات أيديولوجية تبرر حالة الإجهاد
السياسي والعسكري والاقتصادي والبشري للجبهة الداخلية الناجمة عن مواصلة الحرب.
ورغم أن موقف نتنياهو من معبر صلاح الدين لا يشاطره فيه وزير الدفاع يوآف
غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيسا الموساد والشاباك ديفيد برنياع ورونين
بار، وقادة المعارضة وعائلات الأسرى، ورجال المال والأعمال ومن خلفهم الإدارة الأمريكية،
إلا أنه تمسك بالمحور على نحو جنوني، وضع فيه العلاقات الإقليمية وعلى رأسها العلاقة
مع مصر في منعطف حرج، وذلك لتجاوز تحديات الجبهة الداخلية التي تعد الجبهة الأهم
والأخطر بالنسبة لنتنياهو وأعضاء ائتلافه الحاكم، بعد إضراب الاثنين الذي شاركت فيه
نقابات العمال (الهستدروت) وأحزاب المعارضة وعائلات الأسرى المحتجة في الشارع؛ للذهاب
إلى صفقة تنهي الحرب وتذهب بالكيان نحو انتخابات مبكرة للكنيست.
فآخر ما يرغب فيه نتنياهو وقف الحرب والذهاب لانتخابات مبكرة، بعد أن كشف استطلاع
رأي أعدته هيئة الإذاعة الرسمية، أن 53 في المئة من المستطلعين دعوا إلى ضرورة
القبول بالصفقة المعروضة والانسحاب من محور صلاح الدين/ فيلادلفيا، في حين أكد 61
في المئة من المستطلعة آراؤهم عدم ثقتهم بإدارة نتنياهو للحرب على
غزة، وفي الآن
ذاته كشف الاستطلاع خسارة نتنياهو لصدارة الانتخابات المقبلة، بتقدم حزب معسكر
الدولة بقيادة بني غانتس بـ23 مقعدا مقابل 22 لحزب الليكود، في حين لن يجمع
الائتلاف الحاكم أكثر من 50 مقعدا من أصل 120 في الكنيست.
تمسك بالمحور على نحو جنوني، وضع فيه العلاقات الإقليمية وعلى رأسها العلاقة مع مصر في منعطف حرج، وذلك لتجاوز تحديات الجبهة الداخلية التي تعد الجبهة الأهم والأخطر بالنسبة لنتنياهو وأعضاء ائتلافه الحاكم، بعد إضراب الاثنين الذي شاركت فيه نقابات العمال.
موقف نتنياهو من الانسحاب من المحور الحدودي (صلاح الدين/ فيلادلفيا)، المدعوم من أركان حكومته الائتلافية؛ موقف مصيري نقل فيه المعركة من جبهات القتال
الخارجية إلى الجبهة الداخلية، لمواجهة خصومه في المعارضة وسائر المكونات المتضررة
من الحرب التي تحولت إلى استنزاف أمني وسياسي واقتصادي وبشري؛ لا أفق منظورا
لاستمراره سوى بقاء الائتلاف الحاكم ونتنياهو رئيسا للوزراء في ظل تدهور واستنزاف
الجبهة الداخلية، وفتح المزيد من أبواب الاستنزاف والصراعات على مستوى الإقليم.
ختاما.. نتنياهو يخوض معركته على الجبهة الداخلية منذ اليوم الأول لطوفان
الأقصى، في محاولة لاستعادة ثقة الجمهور الإسرائيلي عبر إلحاقه دمارا واسعا في قطاع
غزة، إلا أن توسع الحرب إلى الضفة الغربية والمخاطر المتكررة بإشعال حرب إقليمية وخسارة
استراتيجية، دفعته إلى توظيف موارد الكيان الخارجية والداخلية للحفاظ على تماسك
الائتلاف الحاكم، لترتد المعركة بقوة نحو الجبهة الداخلية، عاكسة فشل نتنياهو في إدارة
المواجهة وعجزه عن الحسم وخشيته من المحاسبة، وهي معركة يديرها على حساب علاقات
الكيان مع شركائه في الغرب وداخل الولايات المتحدة وفي المنطقة العربية، خصوصا مع
مصر التي تحولت مؤخرا إلى هدف مباشر للماكينة الإعلامية الخاصة بنتنياهو لإدارة
معركته الداخلية.
x.com/hma36