تقارير

فنادق فلسطين صفحات مشرقة شاهدة على حضارتها

من الفنادق التاريخية في فلسطين، فندق فلسطين أو أوتيل فلسطين الذي يقع في مدينة الخليل.. أرشيفية
نظرا للمكانة الدينية والتاريخية لفلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص شيدت عدة فنادق في مدينة القدس خارج أسوار المدينة، وفي المدن الفلسطينية الكبرى مثل رام الله والخليل وعكا وحيفا ويافا منذ القرن التاسع عشر وخلال النصف الأول من القرن العشرين، وتتركز معظمها في المنطقة الغربية لأسوار البلدة القديمة في القدس.

صناعة السياحة في فلسطين مغرقة في القدم،  فهي منطقة جذب للزوار والوافدين والسائحين السياح والحجاج والزائرين منذ أقدم العصور حتى يومنا الحالي نظرا لموقعها الجغرافي المتميز، ومكانتها الروحية المقدسة لدى الديانات السماوية.

ولا يمكننا حصر جميع هذه الفنادق في تقرير واحد، لذلك فإننا سنقدم تعريفا ببعض هذه الفنادق للوقوف على عراقة وحضارة المدن الفلسطينية قبل قدوم أي مهاجر إليها، وتقديم صورة مختصرة للواقع الحضاري والثقافي والسياحي لفلسطين.

فندق  الملك داود

تحتوي البلدة القديمة في القدس وحدها على نحو 10 فنادق موزعة بين أحيائها، ولهذه الفنادق قيمة تاريخية كبيرة اكتسبتها من عراقة بنائها وقدمها، وكان أبرزها فندق الملك داود الذي شيد في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين.

وأقيم الفندق على قطعة أرض مساحتها 18 دونما بقيمة 31 ألف جنيه فلسطيني، باعتها بطريركية الروم الأرثوذكسية عام 1921 لعائلة عربية يهودية مصرية ثرية، وتقع على السلسلة الجبلية الغربية المقابلة للسلسلة الجبلية التي أقيمت عليها البلدة القديمة للقدس.

وافتتح الفندق عام 1931 بمشاركة وتوقيع المندوب السامي البريطاني وقتها، ورئيس بلدية القدس في تلك الفترة راغب النشاشيبي على كتاب الفندق الذهبي، إضافة إلى توقيعات العديد من الملوك لاحقا.

وسعى الفندق إلى استيعاب حركة الزوار والحجاج إلى الأرض المقدسة وحركة التجار ورجال الأعمال الذين كانوا يرغبون بالمبيت في فندق فخم، ولاستقبال واستضافة شخصيات شهيرة على الصعيد السياسي، خاصة المسؤولين السياسيين ورؤساء الدول.

وفي عام 1938 نقل مدير حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين مكتبه إلى الجناح الجنوبي لفندق الملك داود، حيث أصبح مقرا لأمانة الحكومة والمقر الرئيسي للجيش، واستقر فيه العديد من كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في حكومة الانتداب.

ونتيجة للمواقف البريطانية التي لم تكن تتماشى بالكامل مع مطالب الحركة الصهيونية، فقد قررت العصابات الصهيونية المسلحة تنفيذ عمليات انتقام استهدفت البريطانيين والسكان العرب على حد سواء.


       فندق الملك داود يعتبر من فنادق الخمس نجوم وهو أحد معالم مدينة القدس

دوى الانفجار الضخم ودمر الجزء الجنوبي من الفندق وأسفر عن مقتل 92 شخصا، 41 عربيا و28 بريطانيا و17 يهوديا وستة من جنسيات أخرى، وخطط لها مناحيم بيغن الذي أصبح رئيس وزراء دولة الاحتلال وحصل على نوبل للسلام !!

وفي عام 1958 اشترى الفندق تاجر يهودي مصري فكان أول فندق في سلسلة فنادق داخل منطقة الخط الأخضر.

الفندق الآن يعتبر من فنادق الخمس نجوم وهو أحد معالم مدينة القدس وتملكه وتديره مجموعة "دان الفندقية" الإسرائيلية.

فندق البوابة الذهبية

يعد فندق البوابة الذهبية الذي يقع في عقبة البطيخ في طريق خان الزيت في البلدة القديمة من أقدم المباني الموجودة، حيث يعود تاريخ بنائه إلى 850 عاما.

الفندق صمم لاستقبل زوار المدينة الذين يأتون لزيارة الأقصى أو للتجارة، ولكنه حول على مدار السنوات المتعاقبة إلى معصرة للزيتون ثم منجرة، لكن المالكين عادوا إلى تحويل المبنى المؤلف من 13 غرفة إلى فندق في عام 2000.

على بعد أمتار من فندق البوابة الذهبية يقع فندق العرب، الذي يعد من أقدم الفنادق في البلدة القديمة، حيث تم افتتاحه كفندق عام 1980، لكن مع مرور الوقت أخذت جدران مبناه بالتآكل، وأصبح يواجه شح الزبائن كون غرفه لم تعد تلبي رغبة الزوار.

فندق (أوتيل) فلسطين

ومن الفنادق التاريخية في فلسطين، فندق فلسطين أو أوتيل فلسطين الذي يقع في مدينة الخليل، وتشير بعض المصادر إلى أن المبنى عمره 150 عاما وهو أول فندق تم بناؤه عند بداية البلدة القديمة الخليل. وتذكر بعض المصادر أن الفندق بني بين عامي 1928و1929 وأن مالكه هو موسى النتشة.

ومنذ تأسيسه استخدم فندقا منذ إنشائه حتى عام 1964، حيث تحول إلى مصنع للأحذية، واستمر كذلك حتى الانتفاضة الثانية، وقد أغلق نظرا لإنشاء نقطة عسكرية إسرائيلية بالقرب منه.

وعملت لجنة إعمار الخليل في بداية عام 2020 على ترميم مبنى الفندق، وتحويله إلى متحف وذلك للحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني، وتنمية وتطوير قطاع السياحة في فلسطين.

فندق رام الكبير

ويعتبر فندق رام الكبير من أقدم الفنادق برام الله وقد تأسس عام 1906 في ظل الحكم العثماني، وأشرف كل من: حسن عودة وزوجته زهية عودة على عملية البناء في ركن مليء بالأشجار وسط المدينة، وأدار الزوجان الفندق في ظل تقلب سياسي واقتصادي. وتروي عائدة عودة أن الفندق كان أول الأماكن في فلسطين التي استخدمت الكهرباء في الإنارة واستخدم التلفون الآلي.

وتوقف فندق رام الله الكبير عام 1982 عن العمل لأسباب كثيرة لم يفصح أصحابه عنها إلا أن المكان ما زال حاضرا وحيا في ذاكرة الفلسطينيين وسياح فلسطين على مدار قرن من الزمان. وبقيت عائدة حسن عودة في المكان حتى يومنا هذا.

لوكاندة فلسطين

أما لوكاندة فلسطين فهي من أوائل الفنادق السياحية في فلسطين، ونالت شهرة محلية وخارجية وظلت حتى إغلاقها بعد مجيء الاحتلال إحدى الصفحات المشرقة في تاريخ نابلس. تم بناء هذا الفندق قبل أكثر من 90 عاما ليكون من أوائل الفنادق السياحية في فلسطين، وقد عاصر الفندق مراحل العثمانيين والإنجليز والأردن والاحتلال الإسرائيلي، وكان في أوج عطائه وتوافد عليه الرؤساء والأمراء والوزراء والفنانون والسياح والضيوف من شتى أنحاء العالم وكسب شهرة واسعة وكان مفخرة للعائلة ولنابلس ولفلسطين بشكل عام.

لكن العائلة المالكة للفندق أغلقته رغم صعوبة هذا القرار لأنه طوى صفحة من التاريخ والذكريات، لكن الظروف والأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية كانت قاهرة بالنسبة للمالكين.

ومر الفندق بنكبات عديدة؛ فالقوات البريطانية وأثناء احتلالها لفلسطين استولت على الفندق واتخذته مقرا للقيادة، وقد قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالعمل نفسه واقتحمت الفندق واستولت عليه واتخذته مقرا لإقامة جنودها وضباطها بعد احتلالهم للمدينة عام 1967.

وبحلول عام 1990 تم تأجير مبنى الفندق إلى وكالة الغوث الدولية، وذلك في مسعى من العائلة لمنع قوات الاحتلال من العودة للاستيلاء عليه، وبعد انتهاء عقد إيجار وكالة الغوث في عام 2015، أغلقت أبوابه نهائيا.

ويواجه أصحاب الفنادق في البلدة القديمة دعاية مضللة من قبل الاحتلال، ويقوم موظفون إسرائيليون بتقديم نصائح للسياح بعدم التوجه إلى المناطق العربية في القدس، ويقومون بتشويه صورة العرب بأنهم لصوص وقتله.

الفنادق في القدس تحديدا تعد من قلاع القدس وإغلاق أي فندق أو مبنى تاريخي يحقق للاحتلال أهدافه الرامية إلى إفراغ المدينة من أهلها، لذلك يعمد غالبية مالكي هذه الفنادق إلى عدم تركها مهجورة وتشغيلها بأي شكل وبأي طريقة حفاظا على هويتها التي هي هوية فلسطين.

المصادر:

ـ "فندق الملك داود في القدس.. مقر الانتداب الذي فجرته العصابات الصهيونية"، الجزيرة نت، 22/7/2024.
ـ "وراء كل فندق عربي تاريخي قصة الفخامة والضيافة بعبق التاريخ وشخصياته"، صحيفة الشرق الأوسط، 13/7/2015.
ـ محمد أبو الفيلات، "فنادق القدس.. قلاع تحمي تاريخها"، الجزيرة نت، 2/6/2016.
ـ إبراهيم نيروز، "رام الله ـ جغرافية تاريخ حضارة"، دار الشروق، رام الله، 2004،
ـ "شاهد على فلسطين: فندق رام الله الكبير"، موقع عرب 48، 7/11/2004.
ـ "لوكاندة فلسطين.. كتاب جديد يسلط الضوء على صفحة مشرقة من تاريخ نابلس"، سما الإخبارية، 26/11/2021.