تقارير

بيت أمر زارها عمر بن الخطاب وأقام فيها الأمراء.. هويتها الفلسطينية راسخة

بلدة بيت أمر ويظهر في مقدمة الصورة مقام ومسجد النبي متى
تحيط بها 13 مستوطنة وتجمعا استيطانيا، وغالبية المستوطنين في هذه المستوطنات من المتطرفين والمتشددين المتدينين.

الانتفاضة لم تتوقف فيها، فلا يمر عام من دون أن تقدم البلدة الشهداء والأسرى، فيما قدمت على مدى أكثر من 80 عاما ما يقرب من 80 شهيدا.

تقع بلدة بيت أمر على بعد 8 كم شمالي مدينة الخليل، وتبلغ مساحتها الكلية 30129 دونما، ومساحة المنطقة المبنية فيها 978 دونما، وتحيط بأراضيها قرى وبلدات: بيت فجار، وسعير، وحلحول، وصوريف، ونحالين، ومخيم العروب، وقرية شيوخ العروب.

تقول كتب التاريخ إن قرية بيت أمر أقيمت على أنقاض بلدة "معارة" العربية الكنعانية ومعناها مكان مكشوف أو مكان عار من الأشجار، وقد ذكرها الإفرنج  في العصور الوسطى باسم "بيثامان"، كما ورد ذكر "معارة" في كتب العهد القديم، وذكرت أيضا خلال الحروب الصليبية  باسم "بيت أمان" وكذلك "الباي تمر" نسبة للأمير يلباني والأمير تمر الدين، اللذين نزلا القرية لإتمام مشروع السبيل بين العروب والقدس، أما الاسم الحالي "بيت أمر"، فمأخوذ من بيت الأمراء، وهناك رواية أخرى يرددها سكان البلدة أن اسم القرية كان "بيت عمر" نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب الذي نزل القرية أثناء مروره لفتح القدس.

وكان قد استقر بها إبراهيم محمد علي باشا عام 1831 وأطلق عليها اسمها الحالي.


                                            مشهد جانبي لقرية بيت أمر

يبلغ عدد سكان البلدة  نحو 12 ألف نسمة حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2004 . ثم ارتفع إلى 13400 في عام 2008، وفي إحصاء عام 2019 بلغ تعداد سكانها 19,892.

وتحوي البلدة الكثير من المواقع الأثرية والمباني القديمة والمقابر المنحوتة عموديا بالصخر وأكبر هذه المناطق خربة جدور في الطرف الغربي من البلد، وتوجد في البلدة مقبرة قوفين وهي مقبرة قديمة جدا ومساحتها كبيرة نسبيا. وتضم بيت أمر الكثير من المعالم الدينية منها: مسجد النبي متى، ومسجد خربة صافا أو صفا، ومسجد عصيدة، أما المقامات فمنها: مقام الأربعين، ومقام السيدة زينب، ومقام السيدة نجلاء.

وتشتهر البلدة بالزراعة وأهم زراعاتها العنب والبرقوق (الخوخ) والتفاح واللوزيات والخضار وتتسم أراضيها بالتربة الخصبة والمناخ العليل، لذلك فهي تعتبر من أجمل وأرقى بلدات فلسطين.

ويعتمد سكان بيت أمر اقتصاديا على سوق العمل الإسرائيلي، ويعمل 37 % من الأيدي العاملة في قطاع الزراعة، إضافة إلى قطاع الخدمات وقطاع الموظفين وقطاع التجارة مع وجود نسبة  من المغتربين في الخارج لا تتجاوز الـ4% من أهالي البلد.

وشأن باقي المناطق في فلسطين تتعرض بلدة بيت أمر لهجمات متواصلة من الاحتلال ومستوطنيه بهدف السيطرة على بقية أراضيها التي التهم الجدار الفاصل والمستوطنات المحيطة بها جزءا كبيرا منها.

فالبلدة محاطة بالمستوطنات حيث يحدها من الشمال مستوطنتا "أفرات" و"غوش عتصيون" والتي التهمت ما يقارب الـ30% من أراضيها، بالإضافة إلى جدار الفصل الذي ابتلع مساحات ليست بالصغيرة من كرومها، وهناك مستوطنة "بيت عين" بالجهة الشمالية الشرقية للبلدة ومن الجنوب مستوطنة "كرمي تسور" والتي ابتلعت من أراضيها الكثير.

البلدة تعاني من مداهمات جيش الاحتلال المتكررة وتتعرض في كثير من الأحيان البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء والمنازل والمحال التجارية للتخريب، وتتعرض الأراضي الزراعية للتجريف، وتعاني البلدة من استمرارية زحف المستوطنات المحيطة نحوها، واستمرارية مصادرة الأراضي.


                                         بيت أمر الانتفاضة.. هكذا عرفت على على مدى تاريخها

ويستهدف المستوطنون القاطنون في المستوطنات المحيطة ببلدة بيت أمر أراضي المواطنين بالتخريب عبر حرق الأشجار وإلقاء المخلفات من النفايات، ووصل الأمر في بعض الحالات إلى التخلص من مياه الصرف الصحي في هذه الأراضي، وهناك حوالي 800 دونم من الأراضي المدمرة على طول جدار الفصل العنصري بالإضافة إلى 7200 دونم من الأراضي المعزولة خلف هذا الجدار.

كما أن الشارع الالتفافي المار بجوار البلدة أصبح مسرحا لاعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال حيث تقع حوادث دهس أو إطلاق نار بشكل مستمر، وسقط عدد من الشهداء والجرحى نتيجة هذه الاعتداءات.

وتشتهر البلدة في الوقت الحالي وعلى الصعيد الوطني بمناوشات وتحرشات من مستوطني المستعمرات المجاورة للبلدة وبمسيرة بيت أمر السلمية الأسبوعية الرافضة لجدار الفصل. وتوازي سخونة وانتفاضة بلدات مثل: سلواد في رام الله، وبيتا في نابلس، وبلدتي جبع وقباطية في جنين، إلى جانب عشرات البلدات التي تمتد على خريطة الضفة الغربية وتشعل مواجهات يومية مع قوات الاحتلال.

وتتصدى المقاومة في القرية  للقوات الإسرائيلية المقتحمة للبلدة ويخوضون اشتباكات ضارية مع القوات الإسرائيلية وآلياتهم العسكرية بالأسلحة الرشاشة والعبوات المتفجرة.

وقدمت القرية العديد من أبنائها شهداء منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واعتقلت سلطات الاحتلال عددا كبيرا من شبان وأهالي القرية ونكلت بالمعتقلين.

وأظهر مقطع فيديو القوات الإسرائيلية وهي تتخذ من سكان البلدة دروعا بشرية خلال عملية الاقتحام.

ولا يمكن وصف دخول قوات الاحتلال للبلدة بأنها نزهة أو رحلة، أو عملية دخول وخروج بسلام، فلا بد من دفع الثمن، إذ يرد المقاومون على الاحتلال بالرصاص وتقع المواجهات والجرحى والشهداء.

ويقول متابعون للشأن الفلسطيني عن بلدة بيت أمر إن "الدار اللي ما فيها شهيد فيها أسير، واللي ما فيها أسير فيها جريح".

المصادر:

ـ سعيد أبو معلا، "بيت أمر الخليلية..نقطة ساخنة في مقاومة الاحتلال والمستوطنين جنوب الضفة الغربية"، القدس العربي، 29/12/2022.
ـ  "معلومات عامة عن بيت أمر- قضاء الخليل"، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ  "نكلت بالمعتقلين واستخدمت السكان دروعا بشرية..القوات الإسرائيلية تقتحم بيت أمر شمال الخليل"، قناة روسية العربية، 10/2/2024.
ـ المركز الفلسطيني للإعلام.
ـ شكري عراف، "المواقع الجغرافية في فلسطين الأسماء العربية والتسميات العبرية"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 2004.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين (الخليل)، ص 186.