سياسة عربية

عمى الاحتلال الاستخباري يدفعه للبحث عن تجنيد عملاء جدد عبر بوابة المساعدات

المقاومة بغزة كشفت العديد من العملاء خلال السنوات الماضية- أرشيفية
يواصل الاحتلال عدوانه على الفلسطينيين بكافة الوسائل المتاحة، سواء بالقصف أو عمليات التدمير للمناطق السكنية، والإجبار على عملية النزوح المتواصلة؛ لإرهاق الفلسطينيين جسديا ونفسيا، لكن إحدى الوسائل الخطيرة هي عمليات الاختراق ومحاولة التجنيد.

وقالت مصادر لـ"عربي21" في مدينة غزة، إن الاحتلال كثف في الفترة الأخيرة من الرسائل التي تصل عبر حسابات الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، بمسمى جمعيات إغاثية، أو خيرية، أو لتقديم المساعدات المالية، مستغلا عملية التجويع التي تجري بحق السكان، وحرمانهم من أبسط مستلزمات الحياة.

وأشارت المصادر إلى أن الرسائل تصل من جمعيات بأسماء عربية، وتطلب الضغط على رابط مرفق بالرسالة، لتعبئة بيانات تشمل الاسم الكامل والمنطقة المتواجد بها الشخص، وعدد أفراد الأسرة وطبيعة الاحتياجات.


ولفتت إلى أن الاحتلال يحاول جمع المزيد من البيانات، حول الأشخاص في ظل العمى الاستخباري الذي يعاني منه منذ سنوات؛ بسبب حملات المقاومة ضد العملاء، والتخلص من الكثير منهم، إضافة إلى أن الاحتلال يحاول معرفة تفاصيل جديدة، بعد تغيير السكان في القطاع أماكن إقامتهم بفعل النزوح، ومعرفة المحيطين بهم، لتشكيل خريطة جديدة للعناوين والأشخاص.

وحذرت العديد من الحسابات التي تختص بالشأن الأمني في غزة من مجاراة هذه الروابط، أو مجرد الضغط عليها، كونها روابط مرسلة من مخابرات الاحتلال، بهدف اختراق الهواتف وسحب بيانات الأشخاص الخاصة، وابتزازهم بها في حال عثروا على ما يمكن أن يفيدهم.

وقال حساب المجد الأمني، عبر تليغرام، وهو قناة مختصة بالتحذير من الوسائل الاستخبارية للاحتلال، إن الاحتلال لجأ إلى إرسال رسائل إلكترونية للفلسطينيين في غزة، عبر حساباتهم، تتضمن روابط إلكترونية بذريعة تقديم مساعدات مالية من جهات دولية ومحلية.

ولفتت إلى أن الروابط احتيالية، بمجرد الضغط عليها تساعد في اختراق الهواتف والبيانات الخاصة، ودعا الحساب إلى تجاهل تلك الرسائل، وحذفها على الفور، لتجنب الدخول في متاهات مخابرات الاحتلال، أو السقوط في حبال التجنيد وتحول الشخص إلى جاسوس لجمع المعلومات.

لماذا يعد تجنيد العملاء مهما للاحتلال؟

تعتبر عمليات تجنيد العملاء من المهام الرئيسية بالغة الأهمية لمخابرات الاحتلال، للعديد من الأسباب، وهذه أبرزها:

جمع المعلومات الحساسة والدقيقة حول المقاومين والسكان، وهو ما يوفر قاعدة بيانات كبيرة، تساعد عناصر مخابرات الاحتلال في رسم الخطط وجميع الخيوط والروابط بين الأشخاص، والقدرة على استهداف المقاومين من معلومات بسيطة.

توفير معلومات دقيقة وحساسة لا يمكن للوسائل التقليدية للمخابرات الوصول إليها، مثل عمليات المراقبة من الجو، أو التنصت، لذلك يعد العنصر البشري مهما في الحصول عليها، ويحتاج الاحتلال إلى عملاء على الأرض لجمعها.

المساعدة في بث رواية الاحتلال، لا يقتصر عمل الشخص الذي يجنده الاحتلال عميلا لديه على جمع المعلومات، بل في أحيان كثيرة من مهامه تقديم المعلومات، لكن تلك المعلومات مصدرها الاحتلال، بخطة مدروسة، من أجل الحرب النفسية، وبث الأخبار المضللة، التي تزرع الشك والإشاعات والهزيمة النفسية في صفوف الفلسطينيين.


تنسيق العمليات الميدانية، حيث يعمل العملاء على توجيه قوات الاحتلال في مسارات التحرك وتنفيذ الاجتياحات، بناء على المسارات التي يرسمها العميل على الأرض، وكشفت الحروب السابقة على غزة قيام عملاء بالمشاركة في عمليات توغل لآليات الاحتلال، برفقتهم، بسبب معرفتهم بالمناطق والمسارات الخاصة بها.

ومنذ عام 2010، بدأت وزارة الداخلية في غزة حملة أطلقت عليها "مكافحة التخابر"، فتحت عبرها باب التوبة للعملاء، من أجل تسليم أنفسهم لها، مقابل العفو عنهم، وإبقاء هويتهم سرية.

ورغم أن الوزارة لم تعلن على مدار سنوات، من الحملة الواسعة التي جندت لها رسائل إعلامية وجهودا على الأرض في غزة، بواسطة المخاتير والشخصيات المجتمعية، لحرمان الاحتلال من مصادر المعلومات الاستخبارية، فإنها تحدثت عن قيام الكثيرين بتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية في غزة.

وكشفت الوزارة، أن حرب عام 2014، كانت مؤشرا مهما على نجاح الحملات التي أطلقتها، بعد فقدان الاحتلال الكثير من عملائه في غزه، لافتة إلى أن الاحتلال لجأ حينها لارتكاب مجازر واسعة، بسبب فقدانه بنك الأهداف، فضلا عن قيام العملاء "التائبين" بإعطائه أهدافا وهمية لمنصات صواريخ للمقاومة، ومواقع في مناطق مفتوحة، تبين أنها لم تكن سوى خداع استخباري.