ملفات وتقارير

"خطف بصرهن".. قصف إسرائيلي يحول حياة شقيقتين بغزة لظلام

منظمة "يونيسف" تحذر من عدم قدرة الأطفال في غزة على النوم وعيش طفولتهم- وفا
على نحوٍ قاسٍ، تغيرت حياة الشقيقتين ميساء ويارا الغندور، بعدما فقدتا بصرهما في هجوم مدفعي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدرسة نزحتا إليها رفقة عائلتهما بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

يارا (11 عاما)، وميساء (14 عاما) وصلتا المدرسة هربا من القصف، وبحثتا عن ملاذ آمن، لتتحول حياتهما إلى معاناة وصراع جديدين، لكن في الظلام.

تعبر الطفلتان عن الحزن الشديد لما أصابهما، حيث تسبب فقدان البصر بخسارة حياة مليئة بالألوان والأحلام والطموحات، حيث لم تعد الطفلتان قادرتين على اللعب بحرية كما كانتا سابقا، كما حرمتهما هذه الإعاقة البصرية من ممارسة هواية الرسم ومشاهدة الرسوم الكرتونية.

وإلى جانب إعاقة البصر، تعاني الطفلتان من ضعف في السمع، وحروق في وجهيهما وجسديهما، بالإضافة لجروح غائرة؛ جراء الإصابة بشظايا صواريخ الاحتلال الإسرائيلي.


ولم تقف أضرار القصف عند هذا الحد، بل أصيبت كل من والدة الطفلتين وشقيقتهما، وأيضا شقيقهما الذي وصفت جراحه بالخطيرة.

وفي 26 تموز/ يوليو الماضي، تعرضت مدرسة "عيلبون" التي تؤوي نازحين في بلدة القرارة، شرق مدينة خانيونس، لقصف من الاحتلال الإسرائيلي أسفر عن إصابة عائلة الغندور.

وفي بيان سابق، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 1040 فلسطينيا في نحو 172 مركزا مأهولا للإيواء في القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من بينها 152 مدرسة مأهولة بالنازحين.


ولأكثر من مرة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر جراء استهدافه المفاجئ لمراكز إيواء ومدارس وخيام تؤوي نازحين في مناطق مختلفة من القطاع، آخرها استهداف مدرسة التابعين بمدينة غزة، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وإصابة العشرات، السبت الماضي.

لحظة القصففي تلك اللحظة التي سقطت فيها الصواريخ على مدرسة الإيواء، كانت الطفلة "يارا" تلعب مع صديقاتها، حيث فقدت البصر والسمع جراء الإصابة.

وتابعت في وصفها لهذه اللحظات المرعبة: "وجدنا شظايا القذائف على وجوهنا، ما تسبب في جروح وحروق".

وبجانب طفلتيها داخل مستشفى ناصر الطبي بمدينة خانيونس، تجلس الأم علا الغندور (43 عاما)، تتصفح عبر هاتفها صورا قديمة لـ"ميساء ويارا" وهما في أحسن مظهر، ترتديان ثيابا جديدة وتلعبان معا.


وقالت: "تعرضنا لقذائف مدفعية في أحد الصفوف بداخل مدرسة نزحنا إليها من منزلنا، ما أدى إلى إصابتي وإصابة أطفالي الأربعة".

وأضافت: "كانت البداية صادمة؛ فقد أصبنا بالهلع من المشهد، وكان أطفالي ينادونني بينما لم نعد نرى شيئا، تعرضت طفلتاي ميساء ويارا للعمى وضعف في السمع، بينما أصيب شقيقهما وشقيقتهما بجروح غائرة وحروق في أجسادهم".

ولفتت إلى أن أطفالها يخضعون للعلاج، "لكنه ليس وفق المطلوب للشفاء، وذلك نظرا لصعوبة الأوضاع الصحية في القطاع، الأمر الذي يتطلب تحويلهم إلى الخارج".

مضاعفات الإصابة
من جانبه، قال الأب شعبان الغندور (48 عاما): "كنا موجودين في خانيونس بمنطقة القرارة، جالسين بأمان أنا وزوجتي وأولادي، لكننا تعرضنا لاستهداف بقذائف آليات مدفعية سقطت داخل الصف (الغرفة) الذي كنا فيه، ما أدى إلى إصابة زوجتي وأولادي الأربعة".

وأضاف: "أطفالي يعانون من إصابات حتى الآن، ويحتاجون إلى علاج عاجل خارج القطاع".

وأوضح شعبان أن نجله تعرض لمضاعفات صحية جراء نقص العلاج، قائلا: "بسبب قلة العلاج، خرج الدود من رأس ابني محمد، الذي تعرض لإصابة كونه لم يتلق العلاج الكافي".


ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج معظمها عن الخدمة، ما عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

كما قال المكتب الإعلامي الحكومي، الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل منع دخول المساعدات الإغاثية والطبية لقطاع غزة منذ السابع من أيار/ مايو الماضي، في حين توفي أكثر من ألف طفل ومريض وجريح فلسطيني بسبب إغلاق المعبر.

وفي  6 أيار/ مايو الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في رفح، متجاهلا تحذيرات دولية من تداعيات ذلك على حياة النازحين بالمدينة، وسيطر في اليوم التالي على معبر رفح الحدودي مع مصر، وأغلقه وأحرقه بعد عدة أسابيع.


وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، على لسان مسؤول الإعلام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سليم عويس، من أن كثيرا من الأطفال في غزة باتوا غير قادرين على النوم وعيش طفولتهم بهدوء؛ لهول ما رأوه جراء الحرب الإسرائيلية.

وبدعم أمريكي، تشن الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 132 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.