سياسة دولية

معهد واشنطن: حكومة بغداد ومواردها باتت في قبضة قوى المقاومة العراقية

السيطرة على العراق هي عامل قد يغير قواعد اللعبة بالنسبة لشبكة التهديد الإيرانية- الأناضول
اتهم تقرير لمعهد واشنطن القوى العراقية المنخرطة في محور المقاومة بالسيطرة على خامس أكبر منتج للنفط في العالم لصالح إيران.

وزعم التقرير، الذي يأتي في ظل التهديدات الإيرانية للاحتلال الإسرائيلي عقب اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران واحتمالية انخراط قوى عراقية بالرد، أن تلك القوى اخترقت هياكل الدولة العراقية خصوصا تلك التي لديها القدرة على الاقتراض من الأسواق الدولية، وبيع النفط والغاز (بالدولار)، والسيطرة على صناديق الثروة السيادية.

وبحسب التقرير فإن السيطرة على العراق، على وجه الخصوص، هي عامل قد يغير قواعد اللعبة بالنسبة لشبكة التهديد الإيرانية. حيث تؤدي سيطرة المقاومة على الحكومة العراقية إلى وضع المليشيات العراقية في تحالف خاص بها باعتبارها القوة الاقتصادية للقوات الشريكة لإيران.

وتُعد الميزانية الأولى للحكومة التي يقودها "الإطار التنسيقي" الشيعي هي الأكبر في تاريخ العراق: 153 مليار دولار من الإنفاق السنوي لمدة ثلاث سنوات متتالية، أي بزيادة قدرها 50 في المائة تقريباً عن آخر ميزانية عراقية معتمدة منذ عام 2021.

ويزعم التقرير أن ما اكتسبته شبكة التهديد الإيرانية للتو هو، في الواقع، إيران جديدة، لكن غير خاضعة للعقوبات الأمريكية. وبالنسبة لمحللي مكافحة الإرهاب، فإنها تترتب عدة تداعيات عن الخسارة الفعلية للدولة العراقية أمام الجماعات والمليشيات "الإرهابية" المدعومة من طهران بدرجة غير مسبوقة، لا سيما في مجالات تمويل التهديدات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

ويحث التقرير الولايات المتحدة على تعزيز الموارد الاستخباراتية المخصصة لتمويل مكافحة التهديدات في العراق بشكل كبير نظراً للزيادة الكبيرة في الأموال التي قد تكون متاحة لمحور المقاومة بما أن الكتلة التي تقودها إيران ورثت سيطرة غير متنازع عليها على برنامج ممتد على ثلاث سنوات بقيمة 459 مليار دولار من الإنفاق الحكومي المعتمد.

ويحث التقرير على إجراء تحقيق شامل في أي شركة عراقية كبرى تعمل في قطاع رئيسي (مثل صادرات النفط) حصلت على عقود كبيرة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2022، خاصة إذا لم يكن لديها في السابق سجل حافل في القطاع الذي حصلت فيه على عمل من قبل حكومة السوداني. ويتطلب تهريب النفط الذي يبدأ في المناطق البحرية في البصرة أو يمر عبرها مراقبة وثيقة للغاية من قبل الولايات المتحدة، بما أن الحكومة العراقية لم تعد تؤدي فعلياً دور المراقِب (كما سبقت الإشارة). ولا بد من إجراء تحقيق وثيق في حالة شركة ناقلات النفط العراقية، والشركة العامة لموانئ العراق، وجميع الشركات العاملة في مجال التكرير ونقل النفط وإدارة السفن والنقل من سفينة إلى سفينة في المياه العراقية.

ويحث التقرير على مراقبة تأسيس الشركات الكبرى (خاصة عندما يتعلق الأمر بـ"قوات الحشد الشعبي")، وتراخيص الاستثمار، ومنح الأراضي، عن كثب من قبل وزارة الخزانة الأمريكية. وعلى وجه الخصوص، ينبغي إيلاء اهتمام كبير لتطوير المجمعات المملوكة لـ"قوات الحشد الشعبي" أو المليشيات بالقرب من الحدود العراقية، مقابل المملكة العربية السعودية، أو في غرب الأنبار، أو في أي منطقة أخرى، والتي ربما تعمل كمناطق تجارة حرة كبيرة أو مواقع إعادة شحن لوجستية ولكنها مثالية للاستخدام المزدوج كمواقع متقدمة لتخزين الذخائر التقليدية وإطلاقها.

لكن التقرير يرى أن الأمر الأكثر أهمية هو ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام للقضاء. ويطالب بتركيز المزيد من الجهود على فائق زيدان (رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة التمييز الاتحادية) وغيره من القضاة الكبار والمتوسطي المستوى، انطلاقاً من فرضية ذكية مفادها أن قائد "كتائب حزب الله" الراحل أبا مهدي المهندس ربما لم يزرع بذرة واحدة فقط في القضاء (زيدان) بل عدة بذور. ومن الضروري أيضاً إعادة تقييم المساعدة الأمنية الأمريكية لقوات الأمن العراقية في ضوء التغلغل الجديد والمهم للمقاومة في وكالات مثل "جهاز المخابرات الوطني" العراقي، و"جهاز مكافحة الإرهاب"، و"مطار بغداد الدولي".

يمكن أن يشمل الحكم قوى المقاومة الموالية لإيران أيضاً السياسة الخارجية، بحسب التقرير. ومن منظور المنافسة بين القوى العظمى، ينبغي أن يكون خضوع العراق لسيطرة القوى المناهضة للولايات المتحدة قضية ذات أهمية كبيرة واهتمام متزايد. فزعيم المقاومة الأكثر صراحةً في مناهضته للولايات المتحدة في العراق، أكرم الكعبي، أصبح زائراً مرحباً به في موسكو منذ عام 2022، وسرعان ما ازدهرت العلاقة بين المقاومة العراقية وروسيا بعد أن دعمت المقاومة بقوة غزو أوكرانيا.

وقد عملت السفارة الروسية في بغداد باستمرار على تعميق هذه العلاقة، خاصة منذ بدء أزمة غزة، ما يوفر فرصاً لاستغلال الغضب العراقي لإضعاف "القوة الناعمة" الأمريكية في المجتمع العراقي.

ويشكل دور المقاومة العراقية في دعم العمليات المناهضة للولايات المتحدة في سوريا نقطة أولية واضحة للتعاون، وقد ترافق هجوم واحد ناجح على الأقل مناهض للولايات المتحدة في سوريا، عن مقتل أمريكي في منطقة هبوط الطائرات في الرميلان في آذار/ مارس 2023، مع تلميحات لدعم روسي لـ "عملية مقابلة" فتاكة انتقاماً من الولايات المتحدة على خلفية تقديمها دعماً فتاكاً لأوكرانيا.

وحققت الصين أيضاً، والتي هي أكثر تركيزاً على الثمار الاقتصادية، إنجازات مهمة مع فصائل المقاومة، حيث حصلت على دعمها للمشاريع الفرعية التابعة لـ"مبادرة الحزام والطريق" الصينية في العراق، ولقروض النفط مقابل البنية التحتية الصينية، والوصول الصيني التفضيلي إلى عقود الطاقة.

قوى المقاومة
واستعرض التقرير القوى التي يزعم أنها تشكل خطرا وصنفها على أنها "ضيقة الأفق" (مليشيات تركز بشكل أساسي على الأنشطة السياسية والاقتصادية مثل "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق") أو "طليعية" (مليشيات تركز بشكل أساسي على أنشطة المقاومة، مثل: "كتائب حزب الله"، و"حركة حزب الله النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء").

ومن المثير للاهتمام أن "حزب الله" اللبناني وشركاءه العراقيين (مثل "كتائب الإمام علي") ضيقو الأفق للغاية في البيئة العراقية، حيث يركزون بالكامل تقريباً على الأعمال التجارية والاستيلاء على الدولة، وليس على الإطلاق على عمليات "المقاومة" المناهضة للولايات المتحدة. فالعراق هو بمثابة بقرة حلوب بالنسبة لأعضاء محور المقاومة اللبنانيين، ما يزعج في الكثير من الأحيان الفصائل العراقية مثل "منظمة بدر"، على وصف التقرير.

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع