سياسة تركية

تركيا تقدم طلبا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية.. ما أهمية ذلك؟

من المتوقع أن يدعم النص الذي ستقدمه تركيا إلى المحكمة اليوم أطروحات جنوب أفريقيا- جيتي
تقدم تركيا اليوم الأربعاء، طلبا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في كلمة له عقب اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، إن "اللجنة القانونية في برلماننا ستسلّم محكمة العدل الدولية طلب انضمامنا للقضية يوم 7 آب/ أغسطس الجاري".

ومن المنتظر أن يؤدي طلب تركيا إلى تعزيز قرارات الدول الإقليمية الأخرى بالانضمام، فضلًا عن أهميته الرمزية، نظرا لأنها الدولة السابعة التي تعلن انضمامها بعد نيكاراغوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وفلسطين وإسبانيا.

ومن المتوقع أن يدعم النص الذي ستقدمه تركيا إلى المحكمة اليوم أطروحات جنوب أفريقيا، ويتناول كيفية تفسير المواد ذات الصلة من اتفاقية الإبادة الجماعية، خاصة في إطار المجازر التي نفذها الاحتلال في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.

كيف يمكن الانضمام؟
ويمكن للدول الانضمام لقضية مرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، من خلال مادتين من النظام الأساسي للمحكمة.

أولًا، بموجب المادة 62 من ميثاق المحكمة المعروفة باسم "طلب الانضمام"، يجوز للدولة أن تطلب من المحكمة السماح لها بالانضمام للقضية، إذا رأت أن لها مصلحة قانونية قد تتأثر بالقرار في القضية.

ولأن عملية الانضمام التي تتم وفقا للمادة 62 من ميثاق المحكمة تخضع لإذن المحكمة، فمن المنتظر من الدول أن تثبت وجود مصلحة قانونية من شأنها أن تؤثر عليهم بشكل خاص في نتيجة القضية، وذلك في طلباتهم للانضمام للقضية وفقا لهذه المادة.

وفي إطار المادة 62، يمكن للدول أن تنضم للقضية باعتبارها دولة "طرفا" أو "غير طرف".

في عمليات الانضمام ضمن إطار المادة 62، تمنح محكمة العدل الدولية الدول المنضمة حقوقًا مثل الإدلاء بتعليقات وبيانات بشأن الحدث الملموس في ما يتعلق بموضوع النزاع، والمشاركة في جلسات الاستماع، وتقديم بيانات وطلبات مكتوبة وشفهية.

ثانيًا، أنه في "إعلان الانضمام" الذي سيتم وفقا للمادة 63 من ميثاق المحكمة، من الممكن الإدلاء ببيان عام حول كيفية تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية التي هي موضوع النزاع، علاوة على الحدث الملموس المتعلق بأساس النزاع.

7 دول انضمت للقضية

عمليات الانضمام التي تتم عملًا بالمادة 63 من النظام الأساسي للمحكمة، تعتبر "حقا" للدول، والمحكمة بعد تلقيها بيان أطراف القضية، توافق أو ترفض استخدام حق الانضمام وفقًا لدراسة هذا البيان.

إذا اعتُبر البيان المتعلق باستخدام حق الانضمام في هذه المادة مناسبًا، فإن تعليق المحكمة في قرار تلك القضية يكون ملزمًا أيضًا للدولة المنضمة.

وحتى اليوم، تقدمت نيكاراغوا بطلب من خلال المادة 62 فقط، في حين تقدمت فلسطين بطلب مشترك بموجب المادتين 62 و63، بينما اختارت كولومبيا وليبيا والمكسيك وإسبانيا الإدلاء ببيانات بشأن تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال المادة 63 فقط.

على الرغم من أن تركيا ستتقدم بطلب من خلال المادة 63، فإنها تحتفظ بالحق في الانضمام من خلال المادة 62، حيث يمكنها في المراحل اللاحقة من القضية التقدم بطلب انضمام جديد بموجب المادة 62، فضلًا عن إمكانية إجراء تغيير في بياناتها في ما يتعلق بانضمام بموجب المادة 63 أو تقديم نص إخطار جديد.

ومن خلال الانضمام، تقوم الدول بتوجيه قضاة المحكمة حول كيفية تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية وكيفية تحديد الإبادة الجماعية في الصراع بغزة، حيث يتم عبر هذا التوجيه ممارسة الضغط القانوني والسياسي على المحكمة لتحديد أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.

في حين أن الانضمام في القضايا أمام محكمة العدل الدولية لم يستخدم كثيرًا من قبل الدول حتى وقت قريب، إلا أنها اكتسبت معنى جديدًا كوسيلة للعديد من الدول للمساهمة مع الدولة المدعية بعد قضايا الإبادة الجماعية في غامبيا-ميانمار و أوكرانيا-روسيا.

وبينما كانت سابقًا طلبات الانضمام في المسائل المتعلقة بالنزاعات الحدودية ومناطق الصلاحية البحرية بشكل خاص، فقد كانت المحكمة ترفض غالبية هذه الطلبات بسبب "العتبة العليا" للانضمام.

ما أهمية انضمام تركيا؟
وبعد أن قبلت المحكمة طلب الانضمام المقدم من 32 دولة من أصل 33 دولة في القضية التي رفعتها أوكرانيا ضد روسيا، فإنه يتم استخدام هذه الآلية كأداة "للضغط" على الدولة المدعى عليها.

وانضمام تركيا إلى قضية الإبادة الجماعية في غزة، يؤكد التزامها بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية على الصعيد الدولي.

ومن المتوقع أن تقدم تركيا إلى "العدل الدولية" نصا قانونيا أكثر تفصيلا وشمولا مع إعداد أطول مقارنة بباقي الدول المنضمة للقضية، وأن تجبر المحكمة على متابعة الاجتهاد الخاص بها، وذلك عبر التطرق إلى القرار الاستشاري الصادر عنها في 19 يوليو/ تموز الماضي والقاضي بأن إسرائيل قوة محتلة في غزة.

وعند النظر إلى الانضمام التركي للقضية، مع الوضع بعين الاعتبار جهودها الأخرى لتحقيق السلام الإقليمي، فإن خطوتها هذه قد تشجع دولا أخرى في المنطقة على الانخراط بشكل أكثر فاعلية في تحديد انتهاكات القانون الدولي في غزة والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

كما أن تفسيرات وتحليلات تركيا بصفتها قوة إقليمية فاعلة، حول اتفاقية الإبادة الجماعية، لها القدرة على التأثير بشكل أكبر على مداولات قضاة محكمة العدل الدولية ونتائج قضية الإبادة الجماعية في غزة وغيرها من القضايا الأخرى مستقبلا.