ملفات وتقارير

طلبة مغاربة يُطلقون عريضة لوقف "التطبيع مع الاحتلال".. هل تستجيب الحكومة؟

لم يتوقف الأمر عند إبرام اتفاقيات التطبيع بل وصل إلى منع مجموعة من الأنشطة الطلابية- جيتي
من أجل إسقاط تطبيع العلاقات بين المغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، أطلق طلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، "عريضة وطنية"، لمُطالبة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ورؤساء الجامعات والمؤسسات، بالتّراجع الفوري عما وصفوه بـ"اتفاقيات التطبيع المشؤومة".

ومنذ إطلاق العريضة، التي يُعرّفها القانون المغربي، بكونها "طلبا مكتوبا يتضمّن مطالب أو مقترحات"، يوجّهه مواطنات ومواطنون إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان، لاتّخاذ ما يرونه مناسبا من إجراءات؛ تفاعل معها عدد متسارع من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، عبر حثّ معارفهم على التوقيع عليها، من خلال إعادة نشرها في حساباتهم، أو التفاعل معها بالتعليق والمشاركة.

وجاء في مقدّمة "العريضة" الموجّهة أساسا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ورؤساء الجامعات وكافّة المؤسسات المشاركين في التطبيع: "نحن طلاب المغرب الأحرار، نوجه هذه العريضة لمن يهمهم الأمر لنعبر عن استيائنا الشديد من خطوات التطبيع المتسارعة مع الاحتلال الصهيوني داخل مجموعة من الجامعات المغربية".



"فمنذ توقيع اتفاقية التطبيع المشؤوم في ديسمبر 2020، وقّعت الوزارة الوصية وبعض الجامعات والمؤسسات الجامعية مجموعة من الاتفاقيات ضدا عن إرادة كل مكونات الجامعة المغربية، الذين يرفضون التطبيع ويناضلون ضد الاختراق الصهيوني للمجالات والفضاءات الحيوية والاستراتيجية وفي مقدمتها التعليم العالي والبحث العلمي" بحسب النص الذي رافق العريضة.

هل من مستجيب؟ 
أكّد مطلقو العريضة بأنّ "هذا الطوفان التطبيعي يعكس درجة الاختراق الصهيوني للجامعة المغربية، ويظهر حجم انخراط المطبعين في حملة تبييض صفحة مجرمي الحرب، ثم إن اتفاقيات الشراكة مع الكليات والجامعات الصهيونية، والتضييق على الأنشطة والفعاليات المتضامنة مع القضية الفلسطينية يعارض الإجماع الطلابي والشعبي المغربيين الداعم للقضية".

وأضافوا بأن "التطبيع" يعتبر: "مجرّد سباحة عكس التيار الطلابي المتنامي يوما بعد يوم الذي يعبر عن رفضه الانخراط في حملة تزوير الواقع والتاريخ، أو الوقوف في موقع محايد تجاه جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة"، مطالبين الوزارة الوصية وكل "الجامعات المتورّطة" بـ"إلغاء كل اتفاقيات الشراكة والتعاون مع الجامعات والمؤسسات التابعة للكيان الصهيوني".

كذلك، طالبوا بـ"رفع الحصار والتضييق المفروض على حق الطلبة المغاربة في التعبير عن دعمهم ومساندتهم لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والحياة والعيش الكريم فوق أرضه كاملة من البحر إلى النهر".

وفي حديث خاص لـ"عربي21" قال صابر إمدنين، وهو الكاتب الوطني لـ"الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، إن "العريضة أتت في سياق مجموعة من الخطوات التي قام بها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ السابع من أكتوبر، حيث نظّم في 12 جامعة، وأكثر من 40 مؤسسة، ما يزيد عن 300 نشاط نضالي احتجاجي تواصلي وعلمي داعم لطوفان الأقصى؛ بحكم أن الاتحاد يعتبر القضية الفلسطينية مركزية، وقضية وطنية، ومن أولويات اشتغاله، وكل هذه الأمور موثّقة داخل الموقع الرسمي لاتحاد طلبة المغرب".

وتابع: "في بداية التطبيع كان هناك نقاش بكونه سيكون هادئا وفقط إرجاعا للعلاقات الطبيعية، فإذا بنا نجد أنه طوفان للتطبيع في عدد من المجالات بينها علمي وتكنولوجي وفلاحي وعسكري، هذا ما ظهر فوق السطح وما خفي كان أعظم"، مردفا بأنه "على المستوى الأكاديمي انخرطت عدد من الجامعات للأسف في التطبيع، ضدا في كافة الأصوات المناهضة له، فكان موقفهم واضحا حتى قبل حرب الإبادة الجارية على قطاع غزة، وقبل شلالات الدماء القائمة".

وأبرز الكاتب الوطني للاتحاد، في حديثه لـ"عربي21" أنه "عوض أن يستمع النظام المغربي إلى الأصوات الشعبية التي تخرج في مسيرات شبه يومية، في احتجاجات عارمة، لتُناهض التطبيع، حيث أنه شعبيا يمكن القول إن التطبيع قد أسقط، وكذلك داخل الجامعات المغربية؛ نرى أنه بات حاليا معزولا عن نبض الشارع"، مشيرا إلى أنّ العريضة حصدت أكثر من ألف توقيع فقط خلال الساعة الأولى من نشرها. 

وختم حديثه بالقول إن: "الهدف الأول هو إسقاط التطبيع، لكونه خطراً على وطننا وعلى النسيج المجتمعي، إذ إن المشروع الصهيوني هو مشروع تخريبي واستيطاني توسّعي، وأن الغرض من التطبيع هو اختراق الفضاءات الحيوية والاستراتيجية مثل التعليم العالي. ونحن من خلال العريضة، وأيضا كافة النضالات والفعاليات التي نعمل عليها، نقوم بالدفاع عن الوطن". 

"الخطوات التطبيعية المشؤومة"
رصد السّاهرون على العريضة، جُملة ممّا وصفوها بـ"أبرز الاتفاقيات والشراكات والخطوات التطبيعية المشؤومة"، انطلاقا من: 

_ المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء: 4 آذار/ مارس 2021، وقعت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء وكلية الإدارة في جامعة تل أبيب على اتفاق تطبيعي يهدف إلى "تعزيز التعاون الدولي بين الطرفين في مجالات البحث والعلوم".

_ جامعة محمد السادس متعددة التخصصات: آب/ أغسطس 2021، حيث وقعت عقد تعاون مع جامعتي القدس العبرية وجامعة بن غوريون، لتبادل الخبرات ومشاريع البحث العلمي.

_ اتفاقية شراكة بين وزارتي التعليم العالي في المغرب وكيان الاحتلال: آيار/ مايو 2022، حيث وقع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف الميراوي، اتفاقية تطبيع مع إسرائيل، هدف الاتفاق إلى توسيع التعاون بين جامعات ومراكز أبحاث البلدين وربط التواصل بين الطلبة والباحثين في المجال.

_ جامعة عبد المالك السعدي: أيلول/ سبتمبر 2022، حيث وقعت جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، مذكرة تفاهم مع جامعة حيفا الإسرائيلية، تشمل التعاون في العلوم البحرية وفي ميادين الزراعة المائية المستدامة والتكنولوجيات البحرية والبحوث الإيكولوجية.

_ الجامعة الدولية بالرباط: تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، التوقيع على اتفاقية شراكة علمية بين الجامعة الدولية للرباط وجامعة بن غوريون ببئر السبع، بهدف تطوير وتكريس التعاون العلمي والأكاديمي بين الجامعتين من خلال الأنشطة الأكاديمية.

_ الجامعة الأورومتوسطية بفاس: آذار/ مارس 2023، وقعت الجامعة الأورومتوسطية في فاس، والجامعة العبرية بالقدس اتفاقية بهدف التعاون في مجال التدريب والابتكار البحثي.

_ جامعة ابن طفيل: 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، زيارة الضابط الصهيوني المسمى سيمون ساكيرا لجامعة ابن طفيل ولقائه بنائب رئيس الجامعة حول مشروعه المسمى “المدارس الكبرى للسلام”.

_ جامعة ابن زهر: 17 حزيران/ يونيو 2022، حيث دعي طلبة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، إلى “ندوة علمية” ليفاجأ الجميع بكونها نشاطا تحضره مؤطرة مقيمة بكيان الاحتلال بحضور ممثل سفارة الاحتلال داخل المغرب.

_ معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة: 10 كانون الأول/ ديسمبر 2022، حفل انطلاق المشاريع المهيكلة لمركب البستنة بمشاركة وفد صهيوني مكثف.

_ المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث: شباط/ فبراير إلى 7 مارس 2023، أعمال تنقيب عن حفريات أثرية بالمعبد اليهودي "تكاديرت" بمشاركة باحثين من جامعات إسرائيلية.

_ جامعة الأخوين: 10 تموز/ يوليو 2024، زيارة طلاب من جامعة الأخوين الكيان الصهيوني ضمن ما يسمى جمعية شراكة، بالتزامن مع استمرار الإبادة الجامعية في قطاع غزة.

ولم يتوقف الأمر عند إبرام اتفاقيات التطبيع بل وصل إلى منع مجموعة من الأنشطة الطلابية الداعمة للقضية الفلسطينية أبرزها:


_ جامعة ابن طفيل: 12 نيسان/ أبريل 2022، حيث تم منع تنظيم النسخة الخامسة من ملتقى القدس، وتوقيف الدراسة وإغلاق جميع مؤسسات الجامعة طيلة أيام الملتقى، وقمع واعتقال العشرات من المشاركين.

_ جامعة عبد المالك السعدي: 20 آذار/ مارس 2024، حيث تم منع تنظيم النسخة السادسة من ملتقى القدس، وتوقيف الدراسة وإغلاق جميع مرافق مؤسسات الجامعة أيام 20 و21 و22 و23 آذار/ مارس 2024.

_ جامعة محمد السادس ببنجرير: 12 تموز/ يوليو 2024، إلغاء حفل التخرج الذي اعتزم طلبة كلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية من خلاله تجسيد أشكال تعبيرية رمزية تضامنية مع القضية الفلسطينية، كارتداء كوفيات وشارات والتضامن مع غزة من خلال خطابات التخرج.

_ جامعة محمد الخامس بالرباط: 12 تموز/ يوليو 2024، إلغاء حفل التخرج الذي اعتزم طلبة شعبة اللغة العربية من خلاله تجسيد أشكال تعبيرية رمزية تضامنية مع القضية الفلسطينية.

_ المدرسة العليا للتكنولوجيا الدار البيضاء: 13 تموز/ يوليو 2024، حيث رفض عميد كلية العلوم بنمسيك بالدار البيضاء، توشيح طالبة متفوقة في المدرسة العليا للتكنولوجيا، بسبب ارتدائها للكوفية الفلسطينية.

تجدر الإشارة إلى أنّ طلبة المغرب، لا يزالون مستمرّين في محاولاتهم بالضغط على النظام من أجل إسقاط التطبيع؛ وقبل العريضة، كان ما يقارب 1300 طالب وطالبة وخرّيج وخرّيجة من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، قد وجّهوا، رسالة، إلى الإدارة، للمطالبة بقطع العلاقات مع الشركاء الإسرائيليين.

إلى ذلك، تتصاعد الأصوات المغربية، الغاضبة، من كافة الفئات المجتمعية، منذ انطلاق عدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة المحاصر، للمطالبة بـ"إسقاط التطبيع" ووقف "حرب الإبادة على غزة"، وذلك عبر جُملة مبادرات، وكذلك احتجاجات عارمة.