اتسعت رقعة
المقاطعة للشركات والمؤسسات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي نصرة للشعب
الفلسطيني، لتمتد إلى زوايا وأوساط في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بعد ما يقرب من 10 أشهر على العدوان الوحشي المتواصل على قطاع
غزة، حسب تقرير نشرته صحيفة "
وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "سنوات من حملات المقاطعة العالمية ضد إسرائيل المؤيدة للفلسطينيين لم تجد إلا دعما محدودا. ولكن في الأشهر التي تلت بدء الحرب على غزة، تزايد الدعم لعزل إسرائيل واتسع إلى ما هو أبعد من الجهد المكرس لوقف الحرب الإسرائيلية".
وأوضحت الصحيفة، أنه من شأن هذا التحول أن يغير الحياة المهنية للإسرائيليين، ويضر الشركات، ويؤثر على اقتصاد دولة يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة تعتمد على التعاون الدولي ودعم الدفاع والتجارة والبحث العلمي.
وذكرت الصحيفة أنه عندما أوصت لجنة الأخلاقيات في جامعة غنت في بلجيكا بإنهاء جميع أشكال التعاون البحثي مع المؤسسات الإسرائيلية في أواخر شهر أيار/ مايو؛ لم يتوقع عالم الأحياء الحسابي الإسرائيلي عيران سيغال حدوث ذلك.
وكتبت اللجنة: "تقوم المؤسسات الأكاديمية بتطوير التكنولوجيا لأجهزة الأمن التي يساء استخدامها لاحقًا في انتهاكات حقوق الإنسان، وتوفر التدريب للجنود وأجهزة الأمن، الذين يسيئون استخدام هذه المعرفة فيما بعد لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان".
ونقلت الصحيفة عن سيغال، الذي يمتلك مختبره في معهد وايزمان للعلوم، جنوب "تل أبيب"، شراكة بحثية مع جامعة غينت تركز على العوامل المسببة للسمنة، قوله إن البيان كان "مثيرا للقلق للغاية، ومزعجا للغاية". وأضاف أنه "لا يعرف حتى الآن ما إذا كان سيتم إنهاء المشروع"، حسب الصحيفة.
ودعت اللجنة إلى تعليق مشاركة
الاحتلال في برامج البحث والتعليم على مستوى أوروبا، والتي تعتمد في كثير من الأحيان على تمويل الاتحاد الأوروبي.
وقال سيغال إنه إذا استجاب الشركاء الأوروبيون للدعوة، "فسيكون ذلك بمثابة ضربة هائلة لقدرتنا على إجراء البحث العلمي الأكاديمي"، وفقا للتقرير.
ونقلت الصحيفة عن عيران شامير بورير، الرئيس السابق لقسم القانون الدولي في جيش الاحتلال الإسرائيلي، قوله إن "موجة المبادرات السياسية والقانونية الجديدة ضد إسرائيل غير مسبوقة. وهي تشمل تحركات ضد إسرائيل وقادتها في المحكمة العليا للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية".
وأضاف شامير بورير، وهو الآن زميل في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية: "أعتقد أن هناك بالتأكيد سببا للقلق بالنسبة لإسرائيل. إن التحول إلى دولة منبوذة يعني أنه حتى لو لم تحدث الأمور رسميًا، فإن عددا أقل من الشركات تشعر برغبتها في الاستثمار في إسرائيل في المقام الأول، وعددا أقل من الجامعات ترغب في التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية".
ولفتت الصحيفة إلى أن الإسرائيليين يجدون أنهم لم يعودوا موضع ترحيب في العديد من الجامعات الأوروبية، بما في ذلك المشاركة في التعاون العلمي. وأصبحت مشاركتهم في المؤسسات الثقافية والمعارض التجارية الدفاعية من المحرمات بشكل متزايد.
وبينت الصحيفة أن ليدور مادموني، الرئيس التنفيذي لشركة دفاع إسرائيلية صغيرة، كان يستعد لعدة أشهر لمعرض الأسلحة الدولي في شهر حزيران/ يونيو في باريس. وقال إن مؤتمر يوروساتوري سيكون فرصة نادرة لموظفيه الصغار لتوسيع أعمالهم. ثم جاءته رسالة بالبريد الإلكتروني تعلمه أنه بسبب قرار محكمة فرنسية، تم منع شركته من الحضور.
وقال المنظمون عشية الحدث: "لدينا التزام بمنع دخولكم إلى المعرض ابتداء من الغد"، مستشهدين بأوامر المحكمة التي أعقبت الحظر الذي أصدرته وزارة الدفاع الفرنسية ردا على العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح.
وبعد افتتاح المؤتمر، ألغت محكمة فرنسية الحظر، لكن بالنسبة لمادموني فقد فات الأوان، وقد انسحبت العديد من الشركات الإسرائيلية بالفعل.
وحسب الصحيفة، تدعو حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات - التي تشكلت سنة 2005 من قبل منظمات المجتمع المدني الفلسطينية - منذ سنوات إلى استخدام الضغط الدولي على دولة الاحتلال لتعزيز أهدافها، والتي تشمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة وكسب حق اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم للعيش في الأراضي المحتلة، لكن الحركة وجدت دعمًا محدودا.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الوضع تغير بعد رد إسرائيل على الهجوم الذي قادته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
ويتم تحقيق بعض الأهداف القديمة لحركة المقاطعة وغيرها من المنظمات المؤيدة للفلسطينيين نتيجة للحرب، التي استشهد فيها حوالي 38 ألف شخص في غزة، معظمهم من المدنيين، وقد أدت شهور من القتال والخسائر البشرية وصور الدمار في غزة إلى تأجيج المعارضة الدولية لكيفية إدارة إسرائيل للحرب.
وقالت حركة المقاطعة على موقعها الإلكتروني، إنه "في ظل عزلة الشركات والمؤسسات الإسرائيلية، ستجد إسرائيل صعوبة أكبر في قمع الفلسطينيين".
وقالت نيتا باراك كورين، أستاذة القانون التي ترأس فريق عمل مناهضا للمقاطعة تم تشكيله خلال العدوان في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، إنه "عندما بدأت الحرب، بدأت المقاطعات الجديدة تتدفق، بشكل رئيسي من أقسام العلوم الإنسانية والاجتماعية في القدس".
وأضافت أن "المقاطعة بدأت تتوسع منذ حوالي شهرين، وامتدت إلى العلوم الصعبة وإلى المستوى الجامعي، في شكل حركات على مستوى الجامعة، والأهم من ذلك قرارات قطع جميع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية والأكاديميين الإسرائيليين". وقالت إن "أكثر من 20 جامعة في أوروبا وكندا تبنت مثل هذا الحظر".
وقالت طالبة إسرائيلية كانت تستعد للدراسة في جامعة هلسنكي إنها كانت تبحث بالفعل عن سكن في فنلندا، إلى أن أبلغتها الجامعة في شهر أيار/ مايو بأنها علقت اتفاقيات التبادل مع الجامعات الإسرائيلية.
وقالت مينا كوتانيمي، رئيسة خدمات التبادل الدولي بالجامعة، إن جامعة هلسنكي توقفت عن إرسال الطلاب إلى إسرائيل بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وقررت تعليق التبادلات في أيار/ مايو للتعبير عن قلقها بشأن الصراع، وفقا للتقرير.
في الواقع، تكتسب عمليات المقاطعة زخما عبر الطيف الأكاديمي؛ حيث قالت مجلة "النقد الثقافي"، وهي مجلة تصدرها مطبعة جامعة مينيسوتا، لعالم اجتماع إسرائيلي في أيار/ مايو إن مقالته مُنعت من النشر لأنها، حسب اعتقادهم، كانت تابعة لمؤسسة إسرائيلية.
وقالت المجلة للباحث إنها تتبع إرشادات حركة المقاطعة، والتي تشمل "سحب الدعم من المؤسسات الثقافية والأكاديمية الإسرائيلية".
وتشمل الضغوط المتزايدة على دولة الاحتلال الإسرائيلي، أمرا أصدرته محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في أيار/ مايو الماضي يقضي بوقف إسرائيل العمليات العسكرية في رفح، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حرب الاحتلال بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد انتقدت إدارة بايدن خطوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفقا للتقرير.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، لم تفرض عقوبات على إسرائيل بل على الجماعات الإسرائيلية التي يُنظر إليها على أنها تتصرف بشكل غير قانوني لإيذاء الفلسطينيين، بما في ذلك المستوطنون المتورطون في هجمات عنيفة في الضفة الغربية، والجماعات المتطرفة المتورطة في عرقلة توصيل المساعدات إلى غزة.
وقد تلقى قطاع الصادرات الدفاعية الإسرائيلي - الذي كان مزدهرًا قبل الحرب - تحذيرا في آذار/ مارس بأنه قد يكون هدفا، عندما منعت تشيلي الشركات الإسرائيلية من المشاركة في أكبر معرض للطيران في أمريكا اللاتينية، ثم جاء الحظر الفرنسي في حزيران/ يونيو.
وتقدم الولايات المتحدة لإسرائيل أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية كل سنة، كما قدمت زيادة في شحنات الأسلحة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وقال المسؤولون الأمريكيون إن الشحنات تباطأت منذ ذلك الحين لأنه تم بالفعل إرسال العديد من الأسلحة ولأن الحكومة الإسرائيلية أرسلت طلبات أقل من الأسلحة الجديدة. وقد لجأت بعض المنظمات غير الحكومية إلى المحكمة للطعن في مبيعات الأسلحة الحكومية لإسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والدنمارك.
وفي ضوء الحرب في غزة، قالت كندا إنها لن تبيع أسلحة لإسرائيل. وفي أوروبا، يقوم مديرو الصناديق بمراجعة مواقفهم في ضوء الحرب، حسبما قالت كيران عزيز، التي تقوم بفحص الممتلكات في أكبر صندوق معاشات تقاعد خاص في النرويج، "ك إل بي"، بحثًا عن الأنشطة التي تتعارض مع مبادئه الأخلاقية، حسب التقرير.
وقامت شركة "ك إل بي" بتفريغ أكثر من 68 مليون دولار من الأسهم في شركة كاتربيلر الأمريكية في أواخر حزيران/ يونيو، نقلاً عن بيان صادر عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والذي قال إن نقل الأسلحة إلى إسرائيل يمكن أن ينتهك حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية، ودعت 11 شركة متعددة الجنسيات - بما في ذلك كاتربيلر - إلى التحرك ووقف الصادرات إلى إسرائيل. لم تستجب شركة كاتربيلر لطلب التعليق.
ولا يزال التعاون الدولي الإسرائيلي مستمرا؛ فقد وقع أكثر من 1000 فنان إسكندنافي على عريضة غير ناجحة لحظر مسابقة الأغنية الإسرائيلية. ومثلت المغنية إيدن جولان إسرائيل في النهائي الذي أقيم في السويد في أيار/ مايو، حيث احتلت المركز الخامس بعد أداء أغنية قالت إنها مستوحاة من هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل. وقال أحد أعضاء لجنة التحكيم النرويجية إنه لم يمنح أي نقاط لإسرائيل بسبب تصرفاتها في غزة، وهو انتهاك لقواعد يوروفيجن التي تحظر على القضاة منح النقاط على أساس جنسية الفنان.
ونوهت الصحيفة إلى أنه برغم ذلك فإن بعض الفنانين المبدعين في الخارج يقطعون علاقاتهم مع إسرائيل؛ حيث قالت إفرات ليف، مديرة الحقوق الأجنبية في وكالة ديبورا هاريس في "إسرائيل"، وهي مؤسسة أدبية، إنه "منذ بداية الحرب، رفض بضع عشرات من المؤلفين، معظمهم أمريكيون، ترجمة كتبهم إلى العبرية وبيعها في إسرائيل".
واختتمت الصحيفة التقرير، بما قالته ليف من أن "أحد المؤلفين الذين عملوا مع الوكالة وكتب كتابًا للشباب يركز على قبول المثليين، رفض نشر كتاب ثان في إسرائيل، على الرغم من أنه تم توقيع العقد وكانت الترجمة إلى العبرية جارية بالفعل".