ملفات وتقارير

11 عاما على 30 يونيو.. كيف خدع السيسي المصريين وضحى بشركائه في الانقلاب؟

تم استخدام الخلافات لتحريض الشارع المصري ضد حكم الإخوان المسلمين- جيتي
تحلّ بعد أيام الذكرى الحادية عشرة لأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، التي شهدت مظاهرات واسعة، وصفها المعارضون بـ"المدبّرة والممنهجة والممولة من الداخل والخارج، مهّدت للإطاحة بأول تجربة حكم ديمقراطية في مصر".

هذا الحدث الذي قلب كل مكاسب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، لا يزال يثير جدلا كبيرا حول ما إذا كانت 30 حزيران/ يونيو حقاً تعبيراً عن إرادة الشعب، أم انقلابا مدبّراً من قبل الدولة العميقة.

دور الدولة العميقة
يرى المعارضون أن 30 حزيران/ يونيو لم تكن ثورة شعبية عفوية، بل كانت انقلابا مدبّرا من قبل "الدولة العميقة" في مصر، أي شبكة من المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية ذات النفوذ الكبير لإعادة السيطرة على مفاصل الدولة.

وقال سياسيون ومراقبون إن هذه الجهات لعبت دورا هاما في حشد التظاهرات وتأليب الرأي العام ضد حكم الإخوان، وإن الأجهزة الأمنية والعسكرية شاركت في صنع سخط شعبي لتوجيه الأحداث بما يخدم مصالحها.

وأوضحوا أن الأجهزة الأمنية والدولة العميقة ساعدوا في تأليب مكونات ثورة 25 يناير على حكم التيار الإسلامي من خلال خلق الأزمات وزرع الخلافات. واستخدمت الإعلام كأداة رئيسية لشيطنة الحكم الجديد واتهامه بالفشل في إدارة شؤون البلاد.

وأشاروا إلى أن الأجهزة الأمنية في مصر عملت خلال الشهور التي سبقت 30 يونيو 2013، على زرع الشقاق بين جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، والرئيس المنتخب محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، من جهة ضد الأحزاب المدنية والحركات الشبابية من جهة أخرى.

خلال هذه الفترة، تم استخدام هذه الخلافات لتحريض الشارع المصري ضد حكم الإخوان المسلمين. إذ شجعت الأجهزة الأمنية والإعلام على النزول إلى الشوارع والتظاهر ضد مرسي وحكومته، متخذين من الجيش والشرطة حماية لهذه المظاهرات.

"غطاء 30 يونيو لانقلاب 3 يوليو"
بدعم من الأجهزة الأمنية والعسكرية في مصر، خرج المعارضون لحكم التيار الإسلامي إلى الشوارع في مظاهرات 30 يونيو 2013،  لشكيل غطاء للانقلاب العسكري وذريعة لتدخل الجيش، وفي 3 تموز/يوليو 2013 أعلن عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع حينها عن الإطاحة بالرئيس مرسي، وتشكيل حكومة انتقالية، وتعطيل العمل بالدستور، وعادت الأحكام العرفية.

كشف النظام العسكري الجديد سريعا عن نواياه الحقيقية تجاه الشركاء المدنيين، حيث بدأ في ما كان يوصف بـ"قمع" كل المؤيدين للديمقراطية والداعين لتحقيق مطالب الثّورة، ما أدى إلى وأد المطالب الشعبية وتفرد المؤسسة العسكرية بالحكم.

شهدت الفترة التي تلت الانقلاب، حملة قمع واسعة ضد المعارضين السياسيين، سواء من التيار الإسلامي أو من القوى الثورية التي كانت جزءاً من ثورة 25 يناير.

بعد أقل من عام تفرّد الجيش بالسلطة في البلاد، ما أدى إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية وتهميش القوى السياسية المدنية.


الحياد عن المسار قال القيادي السابق في جبهة الإنقاذ التي تشكّلت ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، مجدي حمدان، إن "11 عامًا مضت على 30 يونيو، التي خرج فيها المصريون لأهداف محددة، لكن مسارها حاد عن تلك الأهداف، تاركًا وراءه مآلًا لم يكن يتطلع إليه الكثيرون".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21": "كان هناك إفراط في التفاؤل تجاه الإدارة الجديدة والسلطة الجديدة وأصابتنا بخيبة أمل، وتدهورت الأوضاع على جميع المستويات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الحريات بدعوى الأمن والاستقرار".

ونفى حمدان أن "تكون مظاهرات 30 يونيو ثورة شعبية؛ لأنه لا يتصور أن تكون هناك ثورة جديدة بعد ثورة 25 يناير 2011، والثورة تكون ضد نظام حكم استمر في حكم البلاد لفترة طويلة بيد من حديد وتبنى على تراكمات، ما جرى في 30 يونيو يمكن وصفه بأنه فعاليات ومظاهرات لتصحيح المسار وليس ثورة جديدة".

ورأى السياسي المصري أن "التفرقة وعدم الاجتماع على كلمة واحدة هو السبب الحقيقي في ضياع مكتسبات ثورة 25 يناير، وكان هناك سوء إدارة للمشهد سياسيا وتسرّع في معالجة بعض القضايا المهمة، فتحت الباب لإنهاء حكم الرئيس الراحل محمد مرسي".

وأعرب عن إحباطه السياسي والحقوقي بخصوص ملامح المرحلة المقبلة، قائلا: "ما زلت عند اعتقادي أنه لن يحدث أي اختراق جديد في الملف السياسي والحقوقي، نحن ما زلنا ندور في دوامة مفرغة بين الترهيب والوعود، نحن نعتصر منذ 2013 وحتى اليوم".

عملية خداع كبرى
وصف السياسي المصري، خالد الشريف، ما حدث في 30 يونيو بأنه "عملية خداع كبرى للشعب المصري والثوّار والسياسيين الذين تورطوا فيها، لأنها تحولت إلى عدوان على الحريات وإرادة الجماهير التي جاءت بالرئيس مرسي رئيسا للبلاد وانقلاب على ثورة 25 يناير".

وأضاف الشريف، الذي كان عضوا بارزا في حزب البناء والتنمية الإسلامي: "30 يونيو هي ليست بثورة بل ثورة مضادة قادها الفلول وكارهو الثورة والتيار الإسلامي، والراّغبون في تحطيم الديمقراطية الوليدة، والذين حولوا مصر إلى دولة مماليك في السطو على كرسي السلطة".

ودلل الشريف على حديثه بالقول: "إن الذين شاركوا في 30 يونيو تم التضحية بهم إما بالزج في السجون أو الإقصاء للتأكد للجميع أنها عملية خداع المقصود منها القضاء على الثورة والاستيلاء على السلطة وعودة الديكتاتورية وحكم الفرد مرة أخرى"، مشيرا إلى "وأد جميع الحركات السياسية بجميع توجهاتها وخلق ما يسمى بالأحزاب المؤيدة".

ورأى أن "النظام العسكري الجديد استطاع الاستمرار في مخططه بتفرقة رفقاء الثورة والقضاء عليهم واحدا تلو الآخر، ونشر الرعب والفزع في قلوب الأحرار والمدافعين عن مكتسبات ثورتهم من خلال القمع الوحشي وكان النموذج الماثل أمام الجميع هو مذبحة رابعة لنشر الرعب في قلوب المصريين، ويستتب له الأمر في نهاية المطاف".