ملفات وتقارير

ردود غاضبة في مصر بعد رفع سعر الخبز.. "الحكومة تعض رغيف الفقراء"

النظام حاول تخفيض الدعم مسبقا بشكل غير مباشر من خلال تقليص وزن الرغيف- عربي21
أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، رفع سعر رغيف الخبز المدعوم من خمسة قروش إلى 20 قرشا اعتبارا من حزيران/ يونيو المقبل.

وقال مدبولي في مؤتمر صحفي من العاصمة الإدارية إن هدف الحكومة تقليص الدعم بصورة قليلة، خاصة أن تكلفة رغيف الخبز على الدولة المصرية 1.25 جنيه ويباع بـ 5 قروش.

وأشار إلى أن "الدولة تتحمل 120 قرشًا على الرغيف الواحد، مع متوسط 100 مليار رغيف في العام"، موضحا: "أكثر من 120 مليار جنيه دعم للخبز، ولذلك لا بد من تحريك الخبز لتقليص الدعم".

"بنديه للمواطن ببلاش"
وزير التموين المصري، علي المصلحي، علق على قرار الحكومة بقوله: "إحنا بنتكلم عن 5 أرغفة بجنيه حقهم 6.25 جنيهات، يبقى برضه بنديه للمواطن ببلاش، وأن الناس تستهلك أكتر ما بتاخد، مفيش حاجة بـ 5 صاغ، الناس بتنشف العيش وتبيعه علف".

يذكر أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مهد لرفع أسعار الخبز قبل أيام، حين تحدث عن تكلفة رغيف الخبز، خلال افتتاح مشروعات بمحافظة الوادي الجديد، جنوب القاهرة، وقال إن "رغيف العيش الذي يباع بسعر مدعم عند 5 قروش، يُكلف الدولة نحو 125 قرشا".


وأضاف السيسي: "الرغيف أبو شلن (5 قروش) يكلف جنيها وربع.. بعدما كانت ميزانية الدولة تتكلف دعما لرغيف الخبز بين 20 و30 مليار جنيه (420-631 مليون دولار).. أصبح بين 120 و130 مليارا (2.5 -2.7 مليار دولار)".

ويُعد الخبز العنصر الرئيسي على موائد المصريين، وسببا رئيسيا في غضب البسطاء، وكان ضمن أهم شعارات ثورة الـ 25 من يناير التي أسقطت نظام الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك، "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية".

قيمة دعم الخبز
وحسب بيانات وزارة المالية، فإن دعم رغيف الخبز والسلع التموينية خلال العام المالي الحالي، الذي ينتهي في يونيو، يبلغ نحو 127.7 مليار جنيه (2.7 مليار دولار)، ومن المقرر ارتفاعه إلى 134.2 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) خلال العام المالي المقبل.

ويمثل دعم رغيف الخبز النسبة الأكبر من إجمالي دعم السلع التموينية، إذ يبلغ في موازنة العام المالي الحالي نحو 91.5 مليار جنيه (1.9 مليار دولار)، فيما يبلغ دعم السلع التموينية نحو 36.2 مليار جنيه (762 مليون دولار).


رفع الدعم إرضاءً لصندوق النقد
وربط محللون القرار بشروط صندوق النقد الدولي ومواعيد المراجعة المقبلة لبرنامج قرض صندوق النقد الدولي لمصر المقرر لها نهاية حزيران / يونيو المقبل، وهو الوقت الذي سيتمكن فيه النظام المصري من سحب 820 مليون دولار أخرى، وذلك بعد الاتفاق الذي تم في أذار / مارس الماضي على زيادة حجم برنامج القرض.

وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، فإن مصر توصلت عام 2022 لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، لمواجهة أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم، وكان من المقرر استلامه على مدار 4 سنوات، على 9 شرائح، كل شريحة تقدر بنحو 347 مليون دولار. لكن لم تحصل مصر إلا على الشريحة الأولى من القرض 347 مليون دولار، وأجّل الصندوق صرف باقي الشرائح لحين إجراء المراجعتين الثانية والثالثة.

وفي 6 أذار / مارس 2024 وعقب حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار، على أن تطبق مصر مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، أهمها الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وخفض الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص.

يأتي هذا الاتفاق بعد عدة قرارات اتخذها البنك المركزي المصري، أبرزها رفع سعر الفائدة بأعلى نسبة في تاريخه بواقع 600 نقطة أساس في أذار / مارس ليرتفع سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، والسماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقًا لآليات السوق مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار إلى 49.47 جنيها للشراء، و49.57 جنيها للبيع، في البنك المركزي.


وأعلن صندوق النقد الدولي أنه يجري تنفيذ خطة قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لتصحيح الأخطاء في السياسات، مع التركيز على تحرير نظام الصرف الأجنبي، وتشديد السياسة المالية والنقدية، وخفض الاستثمار الحكومي، وإتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص، ويشمل ذلك استمرار خفض الدعم الذي يستهلك جزءا كبيرا من النفقات الحكومية.

وقال الصندوق في بيانه وقتها إنه لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل مستدامة لأسعار الوقود.

وفي أكثر من مناسبة، طلب صندوق النقد من مصر تحويل الدعم العيني بما في ذلك دعم المحروقات والطاقة، إلى دعم نقدي من خلال التوسع في برامج شبكة الحماية الاجتماعية، مثل برنامج تكافل وكرامة، الذي تقدم الحكومة من خلاله مساعدات نقدية مشروطة لمساعدة الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا، في الدولة التي يعيش ما يقرب من ثلثي سكانها تحت خط الفقر.

رفع الدعم بشكل غير مباشر
وحاول النظام المصري تخفيض الدعم مسبقا بشكل غير مباشر من خلال تقليص أوزان رغيف الخبز أو تقليل أعداد المستحقين للدعم، حيث تقلص وزن رغيف الخبز من 135 غراما، إلى 70 غراما أو أقل من ذلك في الوقت الحالي.

وحذفت وزارة التموين ما يقرب من 11 مليون مصري من قائمة المستفيدين من منظومة دعم الخبز خلال 6 سنوات ليصبح عدد المستفيدين 70 مليونا بموازنة العام المالي الجاري بدلا من 81 مليونا في موازنة العام المالي 2018/2019، حسب بيانات وزارة المالية.

يرى الخبراء والمحللون خلال حديثهم أن زيادة أسعار الخبز لن يكون لها تأثير جوهري على خفض عجز الموازنة العامة للدولة، التي تتوقع وزارة المالية أن يسجل خلال العام المالي الذي سيبدأ في الأول من يوليو المقبل، نحو 1.243 تريليون جنيه (26 مليار دولار).


القادم أسوأ
القرار رغم أنه متوقع وتم التمهيد له كثيرا إلا أنه تسبب في حالة غضب بين الأوساط الشعبية التي تعتبر أن القرار لن يكون الأخير لرفع الأسعار وزيادة الأعباء على كاهل المواطن مستشهدين بمواقف سابقة، مثل انتفاضة عام 1977 التي اندلعت بسبب رفع أسعار الخبز وسلع أخرى إلى الضعف. وفرض حظر التجول حيث نزل الجيش للسيطرة على المظاهرات واعتقل الآلاف من العمال والطلبة، وتراجعت الحكومة عن القرار.


ورأى البعض أن قرار رفع سعر الخبز المدعم بنسبة 300% ليس سوى البداية، مؤكدين أن الحكومة تخطط لِسلسلة من الإجراءات ستطال أسعار الوقود والكهرباء والأدوية وباقي الخدمات الأساسية، وأن الإجراءات ستثقل كاهل المواطن المصري، وتفاقم من معاناته، دون أن تقدم أي حلول جذرية لمشاكل الاقتصاد المصري المزمنة.





زيادة أسعار الدواء
وكانت أنباء ترددت الأربعاء أن هيئة الدواء استلمت طلبات جميع الشركات التي خاطبت الهيئة لزيادة أسعار الدواء، وأقرت زيادات مؤخرا على الأدوية، كما أنها صنفت الأدوية عند الزيادة إلى 3 أقسام، أدوية الأمراض المزمنة، وأدوية لغير الأمراض المزمنة مثل أدوية البرد، وأدوية تصرف بدون وصفة طبية، وتم إقرار زيادات مختلفة لكل قسم على حدة.

ورجحت وسائل إعلام محلية أن أدوية الأمراض المزمنة سيتم زيادتها بنسب تصل إلى 25%، أما أدوية الأمراض غير المزمنة فتم زيادتها بنسبة 35%، وفيما يتعلق بالأدوية التي تصرف بدون وصفة طبية مثل الفيتامينات فتم زيادتها بنسبة 50%.