سياسة عربية

آخر شركاء الانقلاب.. هل يطيح السيسي بوزيري الدفاع والأوقاف؟

احتمال أن يطيح السيسي بوزير دفاعه محمد زكي ويغسل يده من آخر من شاركوه انقلابه على الرئيس الراحل- جيتي
تتابع التكهنات حول التشكيل الوزاري الجديد للحكومة المصرية، المقرر أن يقود أكبر بلد عربي سكانا، في الولاية الثالثة لرئيس النظام، عبد الفتاح السيسي (2024- 2030)، لتشير بعضها إلى خروج أسماء هامة كانت أحد أهم أضلاع دعم انقلاب منتصف العام 2013.

واستبقت مواقع صحفية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التشكيل الحكومي الرسمي الذي يتم في سرية، وفق تصريحات مصادر لفضائية "القاهرة" الإخبارية، بنشر بعض الأسماء الجديدة والإبقاء على أسماء لوزراء سابقين، وسط تكهنات بدمج وزارات واستحداث أخرى، وتعيين أكاديميين وبرلمانيين وشباب، ونواب لرئيس الوزراء.

ووفقا للتكهنات التي نفت صحتها مواقع محلية، وإعلاميون مقربون من النظام، فإن أهم التغييرات بالتشكيل الوزاري الجديد، والتي لاقت تفاعلا كبيرا من مصريين، تغيير وزراء الخارجية، سامح شكري، والداخلية، محمد توفيق، والأوقاف، مختار جمعة، والمالية، محمد معيط، والتموين، على المصيلحي، والكهرباء، محمد شاكر، والتعليم، رضا شحاتة.

وتزعم التكهنات تعيين، محمد حجازي، للخارجية، وعادل جعفر، للداخلية، ومحمد عبدالنبي سالم، للأوقاف، وإيهاب أبو عيش، للمالية، وإبراهيم عشماوى، للتموين، وصفاء شحاتة، للتربية والتعليم، وعابد عز الرجال، للكهرباء والبترول والتعدين.

ويرجّح عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إيهاب رمزي، في حديث لفضائية "صدى البلد" أن يكون الخميس المقبل، موعد عرض التشكيل الوزراي على البرلمان، قبل عيد الأضحى الذي يحل الأحد المقبل، فيما يرى أن الاحتمال الثاني عقب إجازة العيد، لكن رغم ذلك لاقت بعض التكهنات قبولا وتفاعلا من مصريين.

"مختار جمعة"
ومن بين الأسماء المطروحة للتغيير وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، وهو أقدم وزراء عهد السيسي وأطولهم بقاء، فيما تشير التسريبات الصحفية إلى تعيين محمد عبد النبي سالم، وزيرا للأوقاف، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا واسعا بين مصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن بين 4 وزراء هم الأطول بقاء في حكومات السيسي، يعد وزير الأوقاف مختار جمعة الأقدم، إذ جرى تعيينه إثر اختيار هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر الشريف له في شباط/ فبراير 2013، ليصادق الرئيس الراحل محمد مرسي على تعيينه الشهر التالي.


ليجدد السيسي، الثقة في جمعة، عقب انقلابه في ذات الشهر تموز/ يوليو 2013، ليصبح الوزير الوحيد الذي أكمل عمله من حكومة رئيس الوزراء، هشام قنديل، مع الرئيس المؤقت، عدلي منصور، ثم مع السيسي، منفذا سياساته وتوجهاته الدينية ومصدرا الكثير من الفتاوى المثيرة للجدل، وواضعا أموال الوقف بين يدي رئيس النظام.

الخبير المصري في الدفاعات البحرية والناشط، إبراهيم فهمي، نشر صورة مختار جمعة، عبر صفحته على "فيسبوك"، وكتب قائلا: "سيذهب في تخفيف الأحمال، ولكن لن يعود، ثم يندم حين لا ينفع الندم"، مذكرا بقوله تعالى في سورة (طه): "وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا".


"وزير الدفاع"
هناك وزارات سيادية يقوم رئيس الجمهورية شخصيا باختيارها، وهي الدفاع، والداخلية، والخارجية، والعدل.

وتشير بعض التكهنات إلى احتمال أن يطيح السيسي، بوزير دفاعه محمد زكي، ويغسل يده من آخر من شاركوه انقلابه على الرئيس الراحل، محمد مرسي، خاصة أن زكي من قام بالتحفّظ على مرسي وأسرته بدار الحرس الجمهوري 29 حزيران/ يونيو 2013، إذ كان قائدا للحرس الجمهوري حينها، فيما قام عقب انقلاب السيسي بنقل مرسي إلى جهة غير معلومة.

لكن الخبير في الشؤون العسكرية، محمود جمال، كان لديه قراءة أعمق تقول إن السيسي لن يقبل بوجود زكي في مدته الرئاسية الثالثة بعد أن أمضى معه مدته الرئاسية الثانية كاملة من 2018 وحتى 2024، ملمّحين إلى أن السيسي فعلها مسبقا حينما أقصى الفريق، صبحي صدقي، من قيادة الجيش بعد أن أمضى معه مدة رئاسته الأولى من 2014 وحتى 2018، لذا يرجح إطاحة السيسي بقائد الجيش محمد زكي.


وفي 14 يونيو/ حزيران 2018، أطاح السيسي، بالفريق أول صدقي صبحي، وهو شريكه في الانقلاب ورئيس أركان الجيش حينها، من منصبه كوزير الدفاع، ليعين بدلا منه الفريق، محمد أحمد زكي، ليظل زكي مدة 6 سنوات في حكومة مصطفى مدبولي هي مدة ولاية السيسي الثانية، وذلك بعد أن رقاه السيسي من لواء إلى رتبة فريق في كانون الثاني/ يناير 2017.

زكي، الذي جرى تعيينه كقائد للحرس الجمهوري، 8 آب/ أغسطس 2012، بعد تولي مرسي، الحكم، في 30 حزيران/ يونيو 2012، كان من المفترض أن يقوم بحمايته وحماية نظامه وتنفيذ تعليماته، لكنه لم يفعل، وحين تولّى وزارة الدفاع، أشار البعض حينها إلى أن السيسي يكافئه على دوره في دعم الانقلاب.

ويشير البعض إلى أن زكي، استكمل أدواره لاحقا في الإيقاع بالرئيس مرسي، وتوريطه بقضية قتل المتظاهرين بمحيط قصر "الاتحادية"، كانون الأول/ ديسمبر 2012، حيث قال أمام النيابة العامة إن قوات الحرس الجمهوري رفضت تنفيذ أوامر مرسي بقتل المتظاهرين.

"الداخلية، والكهرباء، والخارجية، والبترول"
وفي الوقت الذي ذكرت فيه القائمة المتداولة بالتغييرات اسم وزير الداخلية الحالي محمد توفيق؛ أكد أحد ضباط الشرطة المصريين، أن هناك حديثا عن تغيير الوزير، وأن هناك من يعتقد أن السيسي قد يعين ضابطا من الجيش على رأس وزارة الداخلية، التي تعتبر إحدى الوزارات السيادية، ملمّحا في حديثه لـ"عربي21"، إلى حالة من الغضب الشديد تسود بين الضباط بمختلف رتبهم، بسبب تغول الجيش وزيادة سلطاته.

ومن اللافت أيضا أن التكهنات تشير إلى استغناء السيسي عن وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، محمد شاكر، رغم أنه ثاني أكثر الوزراء بقاء في المنصب إذ تولى الوزارة في آذار/ مارس 2014، وكانت مجموعة شركاته "شاكر الاستشارية" (1982) إحدى أذرع نظام السيسي الاقتصادية في المشروعات الإنشائية والعاصمة الجديدة.


وتقول بعض الأنباء بخروج سامح شكري، من وزارة الخارجية رغم بقائه بجانب السيسي، مدة 10 أعوام حيث تولّى الخارجية المصرية في حزيران/ يونيو 2014.

ويبرز اسم شكري بقضية رشوة السيناتور الأمريكي، بوب مينينديز، ورجل الأعمال المصري الأمريكي وائل حنا، في ملف تصدير اللحوم الأمريكية (حلال) إلى مصر، والتي ينظرها القضاء الأمريكي، وسط شهادات شهود وصور موثقة لشكري وزوجته تؤكد حصوله على رشوة عبارة عن (سبيكة ذهبية) من وائل حنا.

وتشير التكهنات إلى مغادرة وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا، الوزراة التي مكث فيها منذ العام 2015، وذلك بعد إخفاقات في ملف الطاقة، سبقها الحديث عن اكتشافات حقول غاز، والدعاية حول الاكتفاء الذاتي وتحول مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الطاقة.

"الكل سكرتارية.. ووزير الدفاع بوضع مختلف"
وفي تعليقه، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، مصطفى خضري: "لدينا معضلة حقيقية في التنبؤ بالقرارات التي يمكن أن يتخذها السيسي، فإن الجنرال لا يتخذ قراراته بشكل علمي بناء على الوعي بالمعطيات والنتائج، بل إنه خلال أكثر من عشر سنوات كان دائما ما يتخذ قراراته بعيدا عن التوقعات".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف الخبير في قياس الرأي العام والتحليل المعلوماتي، أن "الجنرال مغرم بتقمص دور رجل المخابرات الغامض الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته، ويعتبر هذا نجاحا".

ويعتقد أن "تلك ثغرة نفسية تمثل أكبر نقاط ضعف الجنرال، ولذلك يمكن لأي جهة منظمة تمتلك إعلاما مؤثرا سواء خارجيا أو داخليا أن تسيطر عليه وتوجهه لمصالحها الخاصة بدون أن يشعر، يكفي فقط أن تضغط في اتجاه حتى يعاند الجنرال فيتخذ القرار المقابل".

وفي قراءة خضري، للقائمة المتداولة من التغييرات لوزراء سابقين، بينهم وزير الأوقاف والخارجية والداخلية والدفاع، قال إنه "لا يوجد شخص مؤثر في مجلس الوزراء بأكمله إلا وزير الدفاع".

وأشار إلى أن "الباقين في وجوه متعددة لقرارات الجنرال، ويعملون سكرتارية ينفذون تعليمات ضابط الاتصال، ويتم انتقاؤهم من أصحاب النفوس الضعيفة والتاريخ المشبوه ليكونوا دائما تحت السيطرة".

وأكّد أن "الجنرال لا يغامر بوجود شخصية قوية يمكن أن تخرج عن سيطرته داخل مطبخ القرار السياسي".

واستدرك بقوله: "لكن وزير الدفاع وضع مختلف، فتبعا لما رصدناه منذ 2019؛ هناك صراع مكتوم بين نظام السيسي والجيش، ولذلك فإن هناك صعوبة في فرض وزيرا للجيش رغما عن قياداته".

وفي نهاية حديثه يعتقد الباحث المصري، أن "التأخير في إعلان التشكيل الوزاري الجديد مرتبط بتلك النقطة، فإن الصراع قائم ولا نعرف من يستطيع أخيرا فرض معادلاته على الأطراف الأخرى".

"ضحك على الذقون"
وفي قراءته للقائمة المتداولة، قال الكاتب والمحلل السياسي، مجدي الحداد، إنه "لا يعنيني من خرج ومن دخل، إذا لم يلب حاجات وآمال وتطلعات الشعب، ولو بخفض الأسعار وزيادة المرتبات والمعاشات، وبما يكافئ نسب التضخم، وتخفيف معاناة الشعب"، مشيرا إلى أن "النظام يسرق من جيب المواطن ومدخراته، مع استمرار تلك الأحوال".

ويرى في حديثه لـ"عربي21"، أن "أي تغيير وزاري لا يعالج هذه الحالة، ولا يلبي تطلعات الشعب بحياة مقبولة يقدر على مسايرتها، فهو ضحك على الذقون"، متوقعا أن يكون "المقصود من لعبة التغير الوزاري هو امتصاص الغضب الشعبي من النظام، ورأسه".

وتساءل مجددا: "ماذا يعني أن ينادي الشعب بتغيير النظام، وانسحاب السيسي من الحياة السياسية، وفتح المجال العام لو من باب التنفيس، ثم يقوم بتغيير وزير من هنا ووزير من هناك، ومن وزراء وزارات غير مؤثرة، بدليل أنه لم يغير مدبولي ذاته، رغم أنه كبير السكرتارية".

ويرى أن "هذا النظام، والحكم العسكري قادونا لوضع أسوأ من أي احتلال مرت به البلاد، لدجة أن أمنية أي مواطن أو مواطنة الآن صارت الخروج من مصر، فهل يعقل هذا في تاريخ أو حاضر ناهيك عن مستقبل أي بلد؟".

"تغيير قادة الجيش لم يعد بيد السيسي"
وأكد أنه "منذ بدأت المناورات العسكرية المشتركة بين الجيشين المصري والأمريكي بعهد الرئيس أنور السادات ومرورا بعهد حسني مبارك، وحتى اللحظة، (النجم الساطع)، وعلينا أن نسأل عن مقصود هذه المناورات وماذا وراءها؟".

وتساءل: "هل كانت بغرض تقوية الجيش المصري، لدرجة تمكنه من مواجهة جيش الاحتلال وهزيمته بأي حرب عربية صهيونية؟"، موضحا أن "الإجابة تتضح فيما ما نراه الآن من مواقف لا إنسانية ولا أخلاقية تمارسها أمريكا بانحيازها الأعمى للكيان رغم جرائم التطهير العرقي والمذابح الجماعية اليومية ضد أهالي غزة".


وأشار أيضا إلى "ما تقدمه واشنطن للاحتلال من غطاء سياسي، والفيتو ضد أي قرار لمجلس الأمن يدين الكيان، أو يدعو لوقف إطلاق النار، أو يدعو للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك بجانب الغطاء العسكري لقتل أطفال غزة والمتمثل في توريد أحدث الأسلحة والذخائر، وجسور جوية لا تنقطع في أي حرب يخوضها الاحتلال ضد أية دولة عربية".

وخلص، الحداد للقول: "إذا غرض مناورات (النجم الساطع) كان للتغلغل بالجيش المصري، وبما أنه كمؤسسة من آخر قلاع مصر الحصينة، فهذا يعني التحكم بكل مصر، ومن ثم قرارها السياسي، ويجب الرجوع هنا لتصريحات السياسي مصطفى الفقي، في هذا الإطار، كونه أحد أعمدة النظام العسكري بعهد مبارك وحتى اللحظة".

وأكد أنه "من هنا كان تهميش الجيش المصري لأجل إضعافه، لا تقويته بالمناورات، فرأينا بعد ذلك قائد خط الجمبري، وغيرها من هزليات أساءت للجيش، وذلك بجانب التدخل في قرارات من يبقى من القادة، أو يُكتفى بخدماته، وذلك عبر ما درج على تسميته (عملية التمشيط)".

ومما سبق، أوضح الكاتب المصري، أنه "من هنا يمكن القول، إن أمريكا بيدها اختيار رئيس مصر -طبقا لحديث الفقي- فهل يصعب عليها تغيير أو اختيار من ترغب فيهم من قادة الجيش؟"، قائلا: "إذن تغيير قادة الجيش لم يعد بيد السيسي".

وأضاف: "سمعنا عن الخلاف الذي نشب بين السيسي، ومحمد زكي منذ فترة، ثم بين السيسي ورئيس الأركان أسامة عسكر، والذي وصل وفق بعض التسريبات إلى درجة التحدي في عدم ترك الأخير منصبه".

وألمح إلى أنه "صار كل منهما سلطة مستقلة، وكأن كل منهما يتبع دولة أخرى مستقلة ذات سيادة"، ضاربا المثل بتكريم محمد زكي للممثل محمد صبحي، رغم أنه نفس الممثل الذي حاول السيسي تهميشه".